الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: المعاريض مندوحة عن الكذب

          ░116▒ (باب: المعاريض مندوحة عن الكذب)
          قالَ الحافظُ: (مندوحة) بوزن مفعولة_بنون ومهملة_ أي: / فسحة ومتَّسَع، نَدَحْتُ الشيءَ: وَسِعْتُهُ، وانتدح فلان بكذا: اتَّسع، والمعنى أنَّ في المعاريض مِنَ الاتِّساع ما يغني عن الكذب، وهذه التَّرجمة لفظ حديث أخرجه المصنِّف في «الأدب المفرد» مِنْ طريق قتادة عن مطرِّف بن عبد الله قال: ((صحبت عمران بن حُصين مِنَ الكوفة إلى البصرة فما أتى عليه يوم إلَّا أنشدَنا فيه شعرًا، وقال: إنَّ في معاريض الكلام مندوحةً عن الكذب)) وأخرجَه الطَّبَرانيُّ في «الكبير» ورجاله ثقات، وأخرجَه ابنُ عديٍّ مِنْ وجهٍ آخرَ عن قتادة مرفوعًا ووَهَّاه.
          ثمَّ قالَ الحافظُ: والمعاريض جمع مِعْراض مِنَ التَّعريض بالقول، قالَ الجَوهريُّ: وهو خلاف التَّصريح وهو التَّورية بالشَّيء عن الشَّيء، وقالَ الرَّاغبُ: التَّعريض كلام له وجهان في صدقٍ وكذبٍ أو باطنٍ وظاهرٍ، قلت: والأَولى أن يقال: كلام له وجهان يُطلَق أحدُهما والمراد لازمُه، وممَّا يكثر السُّؤال عنه الفرقُ بين التَّعريض والكناية، وللشَّيخ تقيِّ الدِّين السُّبكيِّ جزء جَمَعَه في ذلك. انتهى.
          قالَ الكَرْمانيُّ: وفي المَثَل: إنَّ في المعاريض لمندوحةً. انتهى.
          وبسط الحافظ الكلام في مطابقة حديثَي الباب للتَّرجمة، وقالَ الكَرْمانيُّ: قال شارح(1)التَّراجم: حديث القوارير والفرس ليسا مِنَ المعاريض بل مِنْ [باب] المجاز، ولعلَّ البخاريَّ لمَّا رأى ذلك جائزًا قال: فالمعاريض الَّتي هي حقيقة أَولى بالجواز. انتهى.
          قالَ القَسْطَلَّانيُّ: ومحلُّ جواز استعمال المعاريض إذا كانت فيما يخلِّص مِنَ الظُّلم أو يحصِّل الحقَّ، وأمَّا استعمالها في إبطال حقٍّ أو تحصيل باطلٍ فلا يجوز. انتهى.


[1] هو ابن المنير كما في القَسْطَلَّانيّ