الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول الرجل: فداك أبي وأمي

          ░103▒ (باب: قول الرَّجل: فداك أبي وأمِّي...) إلى آخره
          قالَ العلَّامةُ العينيُّ: أي: هذا باب في ذكر قول الرَّجل بين كلامه: (فداك أبي وأمِّي) الفِداء_بكسر الفاء وبالمدِّ(1) وبفتح الفاء وبقصر(2)_ يعني: أنت مفدًّى بأبي وأمِّي. والفداء: فِكاك الأسير، يقال: فَدَاه يَفْدِيه فِدَاء وفَدًى وفَادَاه يُفادِيه مُفاداة إذا أعطى فِداءه وأنقذَه، وفَدَاه بنفسه فِداء إذا قال له: جُعِلْتُ فِداك. انتهى.
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: (باب: قول الرَّجل) لغيره: (فَداك)_بفتح الفاء والقصر_ (أبي وأمِّي). انتهى.
          قالَ الكَرْمانيُّ: الفداء إذا كُسر أوَّلُه يُمَدُّ ويُقْصَر، وإذا فُتح فهو مقصور. انتهى.
          فعلى هذا يجوز أن يكون المذكور في التَّرجمة مِنْ لفظ: (فداك) بفتح الفاء وكسرها، فلا وجه لقول القَسْطَلَّانيِّ: بفتح الفاء نظرًا إلى الضَّابطة المذكورة.
          وسكَتَ الشُّرَّاح عن غرض التَّرجمة، وتعرَّض له الشَّيخ قُدِّس سِرُّه في «اللَّامع» إذ قال: قوله: (باب: قول الرَّجل...) إلى آخره، بيَّنه لِما في ظاهره مظنَّة الكراهة لترك حرمة الأب ولأنَّه لا يملكه حَتَّى يَفديه. انتهى.
          وفي «هامشه»: قالَ النَّوويُّ: فيه جواز التَّفدية بالأبوين، وبه قال جماهير العلماء، وكرهه عمر بن الخطَّاب والحسن البصريُّ، وكرهه بعضهم في التَّفدية بالمسلم مِنْ أبويه، والصَّحيح الجواز مطلقًا لأنَّه ليس فيه حقيقةُ فداء، وإنَّما هو كلام وإلطاف وإعلام لمحبَّته له ومنزلته، وقد وردت الأحاديث الصَّحيحة بالتَّفدية مطلقًا. انتهى.
          نعم قد تعرَّض الحافظ وغيرُه مِنَ الشُّرَّاح لغرض التَّرجمة الآتية وذكروا فيها الخلاف كما سيأتي، وكأنَّهم جعلوا حكم ما ذُكر في التَّرجمتين واحدًا، يعني: جعلوا تفدية الرَّجل بنفسه وبأبويه في حكمٍ واحد.


[1] في (المطبوع): ((والمد)).
[2] في (المطبوع): ((ويقصر)).