الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الحمد للعاطس

          ░123▒ (باب: الحَمْد للعَاطِس)
          أي: مشروعيَّته، فظاهر الحديث يقتضي وجوبه لثبوت الأمر الصَّريح به، ولكن نقل النَّوويُّ الاتِّفاقَ على استحبابه، وأمَّا لفظه فنقل ابن بطَّالٍ وغيره عن طائفة أنَّه لا يزيد على: الحمد لله، كما في حديث أبي هريرة الآتي بعد بابين، وعن طائفة: يقول: الحمد لله على كلِّ حالٍ، قال: وقد جاء النَّهي عن ابن عمر أخرجَه التِّرمِذيُّ / قال: ((عطس رَجل، فقال: الحمد لله والصَّلاة على رسول الله صلعم، فقالَ ابنُ عمر: الحمد لله والصَّلاة على رسول الله ولكن ليس هكذا علَّمَنا رسولُ الله صلعم)) وعند الطَّبَرانيِّ مِنْ حديث أبي مالكٍ الأشعريِّ رفعه: ((إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ على كلِّ حالٍ)) ومثله عند أبي داود مِنْ حديث أبي هريرة، وعن طائفة: يقول: ((الحمد لله ربِّ العالمين)).
          قلت: وردَ ذلك في حديثٍ لابن مسعود أخرجه المصنِّفُ في «الأدب المفرد» والطَّبرانيُّ، وورد الجمع بين اللَّفظين، فعنده في «الأدب المفرد» عن عليٍّ بلفظ: الحمد لله ربِّ العالمين على كلِّ حالٍ، وهذا موقوف رجالُه ثِقات... إلى آخر ما بسط الحافظ في تلك الرِّوايات وفي آداب العاطس، فارجع إليه لو شئت.
          وقالَ العلَّامةُ القَسْطَلَّانيُّ: والحكمة فيه كما قال الحليميُّ إنَّ(1) العُطَاس يَدفع الأذى عن الدِّماغ الَّذِي فيه قوَّة الفِكر، ومنه منشأ الأعصاب الَّتي هي معدن الحسِّ، وبسلامته تسلم الأعضاء، فيظهر بهذا أنَّه نعمة جليلة يناسب أن تقابل بالحمد لِما فيه مِنَ الإقرار لله بالحقِّ والقدرة وإضافة الخلق إليه لا إلى الطَّبائع. انتهى ملتقطًا.


[1] في (المطبوع): ((قاله الحليمي أن)).