الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب المداراة مع الناس

          ░82▒ (باب: المُدَارَاة مع النَّاس)
          هو بغير همز وأصله الهمز لأنَّه مِنَ المدافعة(1)، والمراد به الدَّفع برِفق، وأشار المصنِّف بالتَّرجمة إلى ما ورد فيه على غير شرطه، واقتصر على إيراد ما يؤدِّي معناه، فما ورد فيه صريحًا حديث لجابر عن النَّبيِّ صلعم قال: ((مُدَارَاةُ النَّاس صَدَقَةٌ)) أخرجَه ابنُ عديٍّ والطَّبرانيُّ في «الأوسط»، وحديث أبي هريرة: ((رَأسُ العَقْلِ بَعْدَ الإِيمانِ بالله مُدارَاةُ النَّاس)) أخرجه البزَّار بسند ضعيف.
          قالَ ابنُ بطَّالٍ: المداراة مِنْ أخلاق المؤمنين، وهي خفضُ الجناح للنَّاس ولِينُ الكلمةِ وتركُ الإغلاظ لهم في القول، وذلك مِنْ أقوى أسباب الأُلْفة، وظنَّ بعضهم أنَّ المداراة هي المداهنة فغلط لأنَّ المداراة مندوب إليها، والمداهنة محرَّمة، والفرق أنَّ المداهنة مِنَ الدِّهان، وهو الَّذِي يظهر على الشَّيء ويستر باطنه، وفسَّرها العلماء بأنَّها معاشرة الفاسق وإظهار الرِّضا بما هو فيه مِنْ غير إنكار عليه، والمداراة هي الرِّفق بالجاهل في التَّعليم، وبالفاسق في النَّهي عن فعلِه وتركُ الإغلاظ عليه حيث لا يظهر ما هو فيه، والإنكار عليه بلطف القول والفعل، ولا سيَّما إذا احتيج إلى تألُّفه ونحو ذلك. انتهى مِنَ «الفتح».
          وقالَ العلَّامةُ القَسْطَلَّانيُّ في تعريف المداهنة: [هي] معاشرة المعلن بالفسق وإظهار الرضى(2) بما هو فيه مِنْ غير إنكار باللِّسان ولا بالقلب. انتهى.


[1] كذا في الأصل
[2] في (المطبوع): ((الرضاء)).