الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول النبي: إنما الكرم قلب المؤمن

          ░102▒ (باب: قَول النَّبيِّ صلعم: إنَّمَا الكَرْمُ قَلْبُ المُؤْمِنِ... إلى آخره)
          قالَ الحافظُ: غرض البخاريِّ أنَّ الحصر ليس على ظاهره، وإنَّما المعنى أنَّ الأحقَّ باسم الكَرْم قلبُ المؤمن، ولم يرد أنَّ غيره لا يُسمَّى كرمًا كما أنَّ المراد بقوله: (إنَّما المفلس مَنْ ذكر) ولم يرد(1) أنَّ مَنْ يفلس في الدُّنْيا لا يُسمَّى مفلسًا، وبقوله: (إنَّما الصُّرَعة) كذلك، وكذا قوله: (لا مَلِك إلَّا الله) لم يرد أنَّه لا يجوز أن يُسمَّى غيره مَلِكًا، وإنَّما أراد الْمَلِك الحقيقيَّ، وإن سُمِّي غيرُه مَلِكًا، واستشهد لذلك بقوله تعالى: {إِنَّ الْمُلُوكَ} [النمل:34]، وفي القرآن مِنْ ذلك عدَّةُ أمثلة.
          ثمَّ قالَ الحافظُ في شرح الحديث: وقد أخرجَ الطَّبَرانيُّ والبزَّار مِنْ حديث سَمُرة رفعه: ((إنَّ اسم الرَّجل المؤمن في الكتب: الكَرْم مِنْ أجل ما أكرمه الله على الخليقة، وإنَّكم تدعون الحائط مِنَ العنبِ الكرمَ...)) الحديث، قالَ الخطَّابيُّ ما ملخَّصُه: أنَّ(2) المراد بالنَّهي تأكيد تحريم الخمر بمحو اسمها، ولأنَّ في تبقية هذا الاسم لها تقريرًا لِما كانوا يتوهَّمونه مِنْ تكرُّم شاربها، فنهى عن تسميتها كرمًا، وقال: (إنَّما الكَرْم قلبُ المؤمن) لِما فيه مِنْ نور الإيمان وهدى الإسلام، وحكى ابنُ بطَّالٍ عن ابن الأنباريِّ أنَّهم سمَّوا العنب كرمًا لأنَّ الخمر المتَّخذة منه تحثُّ على السَّخاء وتأمر بمكارم الأخلاق، فلذلك نهى عن تسمية العنب بالكَرْم حَتَّى لا يسمُّوا أصل الخمر باسم مأخوذ مِنَ الكَرَم، وجَعل المؤمنَ الَّذِي يتَّقي شُرْبها ويرى الكرم في تركها / أحقَّ بهذا الاسم. انتهى إلى آخر ما بسطه الحافظ.


[1] في (المطبوع): ((يرو)).
[2] في (المطبوع): ((إن)).