مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب المطلقة إذا خشي عليها في مسكن زوجها أن يقتحم عليها

          ░42▒ باب المطلقة إذا خشي [عليها] في مسكن زوجها أن يقتحم عليها
          ((ثنا حبان)) أي: بكسر الحاء... إلى آخره.
          والوحش _بفتح الواو وإسكان الحاء_: الخلاء الذي لا ساكن به.
          قوله: (أو تبذو) كذا هو في الأصول من البذاءة بالذال المعجمة، وذكره ابن التين بلفظ: أو تبذو قال: هو مهموز من بذأت يقال: هو بذيء اللسان، وبذأت عليه إبذاء، ولم يذكر في الباب ما ترجم له وهو البذاءة، وكأنه فاسد على خوف الاقتحام، وقد سلف أيضاً أنه كان بها بذاءة. روي عن عائشة أنها قالت: ((إنما أخرجك هذا اللسان)).
          وقد روي مثل هذا عن ابن عباس أنه قال: الفاحشة المبينة: النشوز وسوء الخلق وأن تبذو عليهم، فإذا بذت فقد حل لهم إخراجها.
          وروي عن ابن عمر أنه قال: خروجهن من بيوتهن فاحشة، قال المهلب: وإن صحت الرواية أنها أخرجت من أجل البذاء. ففيه دليل أنه يجوز إخراج الرجل البذيء لجيرانه بأذاه وتباع الدار عليه ويسقط حق سكناه.
          قال والدي ⌂:
          (باب إذا طلقها ثلاثاً).
          قوله: (عمرو بن علي الفلاس) بالفاء والمهملة، و(يحيى) القطان، و(عثمان) ابن أبي شيبة بفتح المعجمة وإسكان التحتانية وبالموحدة، و(عبدة) ضد الحرة، و(رفاعة) بكسر الراء وخفة الفاء وبالمهملة، القرظي بضم القاف وفتح الراء وبالمعجمة، و(الزوج الثاني) هو عبد الرحمن بن الزبير بفتح الزاي وكسر الموحدة، و(المرأة) اسمها: تميمة بفتح الفوقانية.
          فإن قلت: ما المنفي بقوله لا؟ قلت: الرجوع إلى الزوج / الأول وسائر الروايات تدل عليه.
          قال ابن بطال: قال بعضهم: لو أتاها الثاني نائمة لا تحل للأول بل لا بد من ذوقهما جميعاً، وأما رواية أو فهي بمعنى الواو، ليوافق سائر الروايات، والمراد بالذوق الوطء، قال: ووجه الشبه بالهدبة الاسترخاء لا الدقة.
          قوله: (حتى تذوقي) في بعضها: ((تذوقين)) وهي كقراءة مجاهد:‹لمن أراد أن يتم الرضاعة بضم الميم مر في كتاب الشهادات.
          قوله: (فعدن) أي: كبرن وصرن عجائز آيسات عن الحيض، واللائي لم يحضن؛ أي: الأطفال اللائي لم يبلغن سن الحيض.
          قوله: (ابن بكير) مصغر البكر بالموحدة والراء، و(جعفر) ابن ربيعة بفتح الراء، و(سلمة) في الألفاظ الثلاثة بفتح المهملة واللام، و(أسلم) بلفظ أفعل التفضيل، و(سبيعة) مصغر السبعة أخت الثمانية، و(زوجها) هو سعد بن خولة بفتح المعجمة وتسكين الواو وباللام، و(أبو السنابل) جمع السنبلة، السنبلة اسمه عمرو (ابن بعكك) بفتح الموحدة وإسكان المهملة وفتح الكاف الأولى، وآخر الأجلين يعني وضع الحمل، و(تربص أربعة أشهر وعشر) يعني: تعتدي بأطولهما وقول رسول الله صلعم مخصص بعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة:234] مر في غزوة بدر.
          قوله: (يزيد) من الزيادة، ابن أبي حبيب ضد العدو، و(عبيد الله) ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وابن الأرقم _بفتح الهمزة وإسكان الراء وفتح القاف_ هو عمرو بن عبد الله بن الأرقم، و(يحيى) ابن [أبي] قزعة بالقاف والزاي والمهملة المفتوحات، و(المسور) بكسر الميم، ابن مخرمة بفتحها وسكون المعجمة وفتح الراء، و(نفست) بضم النون وفتحها من النفاس بمعنى الولادة.
          قوله: (بانت) أي: بانقضاء هذه العدة من الزوج الأول، وهذه إشارة إلى مسألة اجتماع العدتين واختلف فيها فقال النخعي: تتم بقية عدتها من الأول ثم تستأنف عدة أخرى للثاني.
          وقال الزهري: تكفي عدة واحدة وتكون محسوبة لهما، وقول الزهري أحب إلى سفيان.
          قوله: (وقال معمر) بفتح الميمين، ابن المثنى ضد المفرد، (أبو عبيدة) بضم المهملة اللغوي، مات سنة عشر ومائتين، وغرضه أن القرء يستعمل بمعنى الحيض والطهر يعني هو من الأضداد، و(السلا) مقصوراً الجلدة الرقيقة يكون فيها الولد من المواشي؛ أي: لم يضم رحمها على ولد يعني: القرء جاء بمعنى الجمع والضم أيضاً.
          قوله: (سليمان ابن يسار) ضد اليمين، و(عبد الرحمن بن الحكم) بالمهملة والكاف المفتوحتين، الأموي، و(انتقلها) أي: نقلها، و(مروان) هو ابن الحكم أيضاً أخو عبد الرحمن، وكان أمير المدينة استعمله معاوية عليها، و(ارددها) أي: احكم عليها بالرجوع إلى مسكن الطلاق، و(غلبني) أي: لم أقدر على منع عبد الرحمن عن فعلها.
          قوله: (بلغك) هذا الخطاب لعائشة ♦، ويحتمل أن يكون صادراً من القاسم، وأن يكون من مروان في رواية القاسم، والأخير هو الأظهر سياقاً، وقصة فاطمة أنها لم تعتد في بيت زوجها منتقلة إلى غيره بإذن رسول الله صلعم، وقالت عائشة: لا يضرك أن تذكر حديثها؛ لأن انتقالها كان لعلة وهو أن مكانها كان وحشاً مخوفاً عليه أو لأنها كانت لسنة استطالت على أحمائها.
          قوله: (إن كان بك) الصحيح أن المخاطبة هي عائشة ♦، ومعناه إن كان شر في فاطمة أو في مكانها علة لقولك بجواز انتقالها فكفاك في جواز انتقال هذه المطلقة أيضاً ما بين هذين الزوجين من الشر لو سكنت دار زوجها، وقال بعضهم: الخطاب لبنت أخي مروان المطلقة / ؛ أي: إن كان شر ملصقاً بك فحسبك من الشر ما بين هذين الأمرين من الطلاق، والانتقال إلى بيت الأب، ويحتمل أن يكون لفاطمة يعني: إن كان شر بك فحسبك ما بين هذين العضوين؛ أي: الشفتين يعني ذكرك هذا الحديث الموهم لتعميم أمر كان خاصًّا بك شر لك، إذ الواجب أن تذكر أيضاً سبب الانتقال، وأن الترخيص كان للعذر الذي هو وحشة المكان، أو سلاطة اللسان، ولهذا قالت عائشة لها: اتق الله ولا تكتمي السر الذي من أجله نقلك.
          قال ابن بطال: قول مروان لعائشة: إن كان بك شر فحسبك يدل على أن فاطمة إنما أمرت بالتحويل إلى الموضع الآخر لشر كان بينها وبينهم.
          قوله: (ألا تتقي الله) يعني فيما قالت: لا سكنى ولا نفقة للمطلقة البائنة على الزوج، والحال أنها تعرف قصتها يقيناً في أنها إنما أمرت بالانتقال لعذر وعلة كانت بها، واختلف العلماء في البائنة التي لا حمل لها فقال أبو حنيفة: لها النفقة والسكنى عليه.
          وقال أحمد: لا سكنى ولا نفقة لها. وقال مالك والشافعي: لها السكنى؛ لقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم} [الطلاق:6] ولا نفقة لمفهوم قوله تعالى: {وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق:6].
          قوله: (عمرو بن عباس) بالموحدة والمهملتين البصري، و(ابن مهدي) هو عبد الرحمن، و(فلانة بنت الحكم) نسبة إلى الجد وإلا فهي بنت عبد الرحمن بن الحكم، و(الزوج) هو يحيى بن سعيد الأموي، و(ألبته) همزتها للقطع لا للوصل، والمقصود أنها بانت منه ولم يكن طلاقاً رجعيًّا.
          و(خرجت) أي: من مسكن الفراق، و(قول فاطمة بنت قيس) هو أنها انتقلت في العدة من المسكن إلى موضع آخر بإذن رسول الله صلعم، وليس لها خبراً إذ هو موهم للتعميم، وقد كان خاصًّا بها لعذر كان لها.
          قوله: (يقتحم عليها) أي: يدخل عليها سارق ونحوه، و(تبذو) بالمعجمة من البذاء، وهو الفحش يقال: فلانة امرأة بذية اللسان.
          قوله: (حبان) بكسر المهملة وشدة الموحدة، ابن موسى المروزي، وذلك أي قولها في سكنى المعتدة، و(ابن أبي الزناد) بكسر الزاي وخفة النون، هو عبد الرحمن بن ذكوان، قال ابن معين: هو أثبت الناس في هشام بن عروة، و(عابت) أي: على فاطمة.
          فإن قلت: لم يذكر (خ) ما شرط في الترجمة من البذاء؟ قلت: علم من القياس على الاقتحام والجامع بينهما رعاية المصلحة وشدة الحاجة إلى الاحتراز عنه.
          قال شارح التراجم: ذكر في الترجمة الخوف عليها والخوف منها، والحديث يقتضي الأول، وقاس الثاني عليه، ويؤيده قول عائشة لها في بعض الطرق: أخرجك هذا اللسان، فكأن الزيادة لم تكن على شرطه فضمنها الترجمة قياساً.
          الزركشي:
          (عن عائشة قالت لفاطمة بنت قيس: ألا تتقي الله) أي: ألا تكتمي الشر الذي من أجله نقلك، وذلك أنه كان في لسانها بذاءة على أحمائها؛ فلهذا نقلها لا أنه لا سكنى لها.
          (مكان وحش) بإسكان الحاء؛ أي: خلاء لا ساكن به.
          (باب المطلقة إذا خشي عليها في مسكن زوجها) قيل: ذكر البخاري في الترجمة علتين... إلى آخره. كما ذكره والدي آنفاً عن شارح التراجم.