مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الإشارة فِي الطَّلاق والأمور

          ░24▒ باب الإشارة في الطلاق
          وقال ابن عمر... إلى آخره.
          سلف مسنداً في الجنائز. ثم قال: وقال كعب بن مالك: أشار النبي صلعم إلى أن خذ النصف، وهذا سلف في الصلح مسنداً، ثم قال: وقالت أسماء...إلى آخره. وسلف في الصلاة أيضاً.
          ثم قال: وقال ابن عباس... إلى آخره، وسلف في الحج أيضاً.
          ثم قال: وقال النبي صلعم في الصيد للمحرم... إلى آخره وسلف مسنداً في الحج.
          ثم ساق (خ) من حديث إبراهيم، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس... إلى آخره، وسلف في الحج من حديث خالد عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس.
          وخالد هنا هو خالد الحذاء كما بينه هناك، وهو ابن مهران أبو المنازل. وإبراهيم هذا هو ابن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة، أخي عيينة ابني حصن بن حذيفة، أبو إسحاق الفزاري، مات سنة خمس أو ست أو ثمان وثمانين ومائة، وابن عمه مروان بن معاوية بن الحارث بن أسماء، مات سنة ثلاث وتسعين ومائة فجأة قبل يوم التروية بيوم.
          ثم قال (خ): وقالت زينب: قال النبي صلعم: ((فتح من ردم يأجوج)) وسلف مسنداً في ذكر ذي القرنين والسد، ثم ساق في الباب أحاديث:
          1- حديث أبي هريرة: ((في الجمعة ساعة))، وسلف في الجمعة.
          2- وقال الأويسي _يعني: عبد العزيز بن عبد الله_ بسنده عن أنس في الأوضاح، وهو حلي من فضة، سلف في الوصايا، ويأتي في الديات.
          3- حديث ابن عمر سمعت النبي صلعم يقول: ((الفتنة...)) الحديث.
          4- حديث أبي إسحاق الشيباني، وسلف في الصوم، وأبو إسحاق اسمه سليمان بن أبي سليمان فيروز مولى بني شيبان بن ثعلبة.
          5- حديث ابن مسعود: ((لا يمنعن أحداً منكم نداء بلال...)) الحديث سلف في الأذان.
          6- وقال الليث: حدثني جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز... إلى آخره، وسلف في الزكاة من هذا الوجه ومن طريقين آخرين عن أبي هريرة، وقال هناك: ((لزقت)) بالقاف بدل: ((لزمت)).
          وقال صاحب ((العين)): ماد الشيء مدداً تردد، وفي عرض، والناقة تمدد في سيرها، والإشارة إذا فهمت وارتفع الإشكال منها محكوم بها، وما ذكره (خ) من الأحاديث في الإشارات في الضروب المختلفة شاهدة بجواز ذلك. وأوكد الإشارات ما حكم الشارع به في أمر السوداء حين قال لها: ((أين الله؟)) فأشارت برأسها إلى السماء، فقال: ((أعتقها فإنها مؤمنة)) فأجاز الإشارة بالإسلام الذي هو أعظم أصل الديانة، التي تحقن بها الدماء، ويمنع المال ويثبت الحرمة، وتستحق به الجنة، وينجى به من النار، فيجب أن تكون الإشارة عاملة في سائر الديانة، وهو قول عامة الفقهاء.
          روى ابن القاسم عن مالك أن الأخرس إذا أشار بالطلاق أنه يلزمه. وقال الشافعي في الرجل يمرض فيختل لسانه فهو كالأخرس في الرجعة والطلاق، وإذا أشار إشارة تعقل أو كتب لزمه الطلاق.
          وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن كانت إشارته تعرف في طلاقه ونكاحه وبيعه، وكان ذلك منه معروفاً فهو جائز عليه، وإن شك فيها فهي باطل، وليس ذلك بقياس إنما هو استحسان، والقياس في هذا كله أنه باطل؛ لأنه لا يتكلم ولا تعقل إشارته.
          قال ابن المنذر: فزعم أبو حنيفة أن القياس في ذلك أنه باطل، وفي ذلك إقرار منه أنه حكم بالباطل؛ لأن القياس عنده حق، فإذا حكم بضده _وهو الاستحسان_ فقد حكم بضد الحق، وفي إظهاره القول بالاستحسان وهو ضد القياس دفع منه للقياس الذي هو عنده حق.
          قال ابن بطال: وأظن (خ) حاول بهذا الباب الرد عليه؛ لأنه ◙ حكم بالإشارة في هذه الأحاديث، وجعل ذلك / شرعاً لأمته، ومعاذ الله أن يحكم ◙ في شيء من شريعته التي ائتمنه الله عليها، وشهد التنزيل أنه قد بلغها لأمته غير معلوم، وأن الدين قد كمل به بما يدل القياس على إبطاله، وإنما حمل أبا حنيفة على قوله هذا أنه لم يعلم السنن التي جاءت بجواز الإشارات في أحكام مختلفة من الديانة في مواضع يمكن النطق فيها، ومواضع لا يمكن، فهي لمن لا يمكنه النطق أجوز، وأوكد إذ لا يمكن العمل بغيرها.
          ومعنى: (عدا يهودي): تعدى. والأوضاح: جمع وضح، وهو حلي من فضة مأخوذ من الوضح، وهو البياض. ومنها: أنه أمر بصيام الأواضح؛ وهي أيام البيض.
          قوله: (فأمر به فرضخ رأسه بين حجرين) فيه: طلب المماثلة في القود، وهو حجة على أبي حنيفة في قوله: لا يقاد إلا بالسيف، وقتله هنا بالإشارة، وفي رواية أخرى في ((الصحيح)): ((أنه أقر)).
          وطوافه على البعير قد يحتج به من يرى طهارة أبوالها، ومن منع قال: كانت ناقة منوقة. والجمعة _بضم الميم وفتحها وسكونها_، وهذه الساعة قال عبد الله بن سلام: إنها من العصر إلى الليل، وقيل: عند الزوال، وقيل: مبهمة فيه، وقد سلف الأقاويل فيها في بابه.
          والأنملة فيها لغات تسع: تثليث الهمزة مع تثليث الميم. والجدح _بالجيم ثم دال ثم حاء مهملة_: الخلط. قال ابن فارس: هو ضرب الدواء بالمجدح، وهي خشبة لها ثلاث جوانب. وقال الفراء: إنه عود معوج الرأس كالملعقة.
          قوله: (ثديهما) هذا هو الصواب لا ما عند أبي ذر: <ثدييهما> لأن ثديي الرجلين أربعة فلا يعبر عنهن بالتثنية. قال ابن فارس: الثدي للمرأة وجمعه ثدي، ويذكر ويؤنث، قال: وثندوة الرجل كثدي المرأة، وهو مهموز إذا ضم أوله، فإذا فتح لم يهمز.
          قوله: (حتى تجن بنانه) هو بفتح التاء وضمها من جن يجن وأجن. واختيار الفراء: جنه، قال الهروي: يقال: جن عليه الليل وأجنه. وبنانه بالنون وصحف من قال: ثيابه.
          قال والدي ⌂:
          (باب الإشارة).
          قوله: (بدمع العين) أي: بالبكاء على المريض مر في الجنائز، و(خذ النصف) وذلك فيما كان يتقاضى ديناً من ابن أبي حدرد _بفتح المهملة الأولى وإسكان الثانية وفتح الراء وبالمهملة_ فأشار إليه بالصلح، مر في باب التقاضي في المسجد، و(تقدم) أي: في باب أمره صلعم أبا بكر ☺ بإقامة الصلاة ولا حرج، مر في باب مناسك يوم العيد.
          و(أبو قتادة) بفتح القاف، الحارث بن ربعي _بكسر الراء وإسكان الموحدة وبالمهملة_ الأنصاري سبق في الحج، و(إبراهيم) هو ابن طهمان، و(زينب) هي بنت جحش بفتح الجيم وتسكين المهملة وبالمعجمة.
          فإن قلت: أين الإشارة في حديثها؟ قلت: عقد الأصابع نوع من الإشارة.
          وتقدم الحديث في أوائل كتاب الأنبياء، لكن عبارة عقد تسعين هي من رواية أبي هريرة، وأما رواية زينب فهي أنه صلعم قال: ((فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها)).
          قوله: (بشر) بالموحدة المكسورة (ابن المفضل) بصيغة مفعول التفضيل بالمعجمة، البصري، و(سلمة) بالمفتوحتين (ابن علقمة) بفتح المهملة وإسكان اللام وفتح القاف، التميمي، و(الأنملة) بفتح الهمزة والميم وضمها وفتح الهمزة وضم الميم وكسر الهمزة وفتح الميم أربع لغات، و(قال بيده) أي: أشار بها، ويحتمل أن يكون وضع الأنملة على الوسطى إيماء إلى أن تلك الساعة في وسط النهار، وعلى الخنصر إلى أنها في آخر النهار، و(يزهدها) من التزهيد وهو التقليل، ومر الحديث في باب الساعة التي في يوم الجمعة.
          و(الأويسي) مصغر الأوس _بالواو والمهملة_ عبد العزيز، و(شعبة بن الحجاج) بفتح المهملة وشدة الجيم، و(هشام بن زيد) بن أنس بن مالك، و(عدا) بالمهملتين ظلم، و(الأوضاح) الحلي من الدراهم.
          ((الصحاح)): وسمي بذلك لوضوحها وبياضها وصفائها.
          و(الرضخ) بالمعجمتين الكسر والدق، و(الرمق) بقية الروح، و(أصمتت) بلفظ المجهول، والمعروف أي: سكتت و / الصموت والإصمات بمعنى، و(فلان) أي: أقتلك فلان(1)، وهذا كان لأجل غير الذي قتلها؛ أي: لم يكن فلان عبارة عن القاتل، و(أمر به) وكان ذلك بعد اعتراف اليهودي بأنه قاتلها، وذكر صريحاً في كتاب الخصومات، وسنذكره في كتاب الديات.
          وفيه ثبوت القصاص بالمثقل خلافاً للحنفية.
          قوله: (قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة وبإهمال الصاد (ابن عقبة) بسكون القاف، الكوفي، و(جرير) بفتح الجيم وكسر الراء المكررة، و(أبو إسحاق) سليمان الشيباني _بفتح المعجمة وسكون التحتانية وبالموحدة وبالنون_، و(عبد الله بن أبي أوفى) بصيغة أفعل التفضيل الأسلمي، و(الجدح) بالجيم ثم المهملتين بل السويق بالماء، و(أفطر الصائم) أي: دخل وقت إفطاره نحو احصد الزرع، ومر في باب متى يحل فطر الصائم.
          قوله: (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام و(يزيد) من الزيادة (ابن زريع) مصغر الزرع؛ أي: الحارث، و(أبو عثمان) هو عبد الرحمن النهدي بفتح النون وسكون الهاء وبالمهملة، و(السحور) بالضم التسحر، و(قائمكم) مرفوع أو منصوب باعتبار أن يرجع مشتق من الرجوع أو من الرجع والقائم هو المتهجد؛ أي: يعود إلى الاستراحة بأن ينام ساعة قبل الصبح.
          قوله: (كأنه) غرضه أن اسم ليس هو الصبح، وهذا مختصر من الحديث الذي في باب الأذان قبل الفجر يعني ليس الصبح المعتبر هو أن يكون الضوء مستطيلاً من العلو إلى السفل، وهو الكاذب بل الصبح هو الضوء المعترض من اليمين إلى الشمال وهو الصادق، و(أظهر) من الظهور بمعنى العلو؛ أي: أعلى يريد ابن زريع يديه ورفعهما طويلاً، وهو إشارة إلى صورة الصبح الكاذب، و(ثم مد إحداهما عن الأخرى) إلى الصادق، ويحتمل أن يكون محذوفاً من اللفظ والمذكور كله يكون بياناً للصادق، ومعنى (أظهر) أنه جعل إحدى يديه على ظهر الأخرى ومدها عنها.
          قوله: (جعفر بن ربيعة) بفتح الراء، و(ابن هرمز) بضم الهاء والميم وسكون الراء بينهما وبالزاي، المشهور بعبد الرحمن الأعرج، و(جبتان) بالموحدة، وفي بعضها بالنون، و(مادت) بالدال وفي بعضها: ((مارت)) بالراء من المور وهو المجيء والذهاب، و(تجن) أي: تشير، و(البنان) أطراف الأصابع، مر الحديث في باب الزكاة في باب مثل المتصدق.
          الزركشي:
          (في آخر رمق) الرمق باقي النفس.
          (وقد أصمتت) يقال: أصمت العليل إذا اعتقل لسانه، من الإصمات، وهو الصموت، وعن الفارابي: إن الإصمات بمعنى الصمت، وعلى هذا يصح قوله: ((أصمتت)).
          (إلا مارت على جلده) أي: ذهبت وجاءت تدور وترددت، يقال: مار جرى، ومار اضطرب.
          (حتى تجن) أي: تخفي، ومنه المجن للترس، وهل هو بفتح التاء وضم الجيم؟ أو بضم الياء وكسر الجيم على أنه رباعي؟ فيه ضبطان، حكاهما السفاقسي.
          (ويعفو أثره) أي: ينمحي، والعفو محو الشيء، ومنه العفو محو الذنب، انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (ثدييهما إلى تراقيهما) الثدي البز، وتراقيهما جمع الترقوة وهي العظمان اللذان يليان ثغرة الفؤاد.
          قوله: (مادت) أي: امتدت على جلده.
          (حتى تخفي) أي: تستر (بنانه) أصابعه وأطراف يده.
          (وتعفو أثره) أي: لا تزال تزيد إلى أن تصل تجحف على الأرض يحنث إذا مشى على التراب يمسح الأرض حتى يعفي أثر مشيه.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت: ما الفائدة في سؤالها فلان)).