مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الشقاق

          ░13▒ باب الشقاق، وهل يشير بالخلع عند الضرورة؟
          قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا}الآية [النساء:35].
          ثم ساق حديث المسور بن مخرمة قال: سمعت النبي صلعم يقول... الحديث، وسلف في فضل فاطمة والنكاح، ولا تظهر دلالته لما ترجم له، وحاول (خ) إدخال هذا في الباب أن يجعل قوله: ((فلا آذن)) خلعاً، فما ادعاه المهلب، ثم قال: ولا يقوى هذا المعنى؛ لأنه قال في الحديث: ((إلا أن يريد ابن أبي طالب...إلى آخره)).
          فدل على الطلاق، فإن أراد أن يستدل من دليل الطلاق على الخلع فهو دليل من دليل، وذلك ضعيف، وإنما فيه الشقاق والإشارة إلى الطلاق من خوفه، وأقره عليه ابن بطال.
          وقال ابن المنير: قد يحتمل أن يستدل بقوله: ((فلا آذن لهم))، وجه الدليل أنه أشار على علي بعقد نكاح ابنتهم، ومنعه من ذلك إذ علم من ذلك أنه موقوف على إذنه، فلم يأذن؛ لضرورة صيانة فاطمة على التعريض لما جبلت عليه النفوس من الغيرة، فإذا استقر جواز الإشارة بعدم التزويج التحق به جواز الإشارة بقطع النكاح للمصلحة.
          ذكر ابن أبي شيبة عن علي قال: الحكمان بهما يجمع الله وبهما يفرق. وقال الشعبي: ما قضى الحكمان جاز. وقال أبو سلمة: الحكمان إن شاءا جمعا، وإن شاءا فرقا. وفيه الحكم بقطع الذرائع؛ لأنه تعالى / أمر ببعثة الحكمين عند خوف الشقاق قبل وقوعه.
          وقام الإجماع على أن المخاطب بالآية: {وَإِنْ خِفْتُمْ} [النساء:35]: الحكام والأمراء، وأن قوله: {إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا} [النساء:35] يعني: الحكمين وأن الحكمين يكونان الأول من أهل الرجل، والثاني من أهل المرأة إلا أن لا يوجد من أهلهما من لا يصلح لذلك، فيرسل من غيرهما، وأن الحكمين إذا اختلفا لم ينفذ قولهما. وأن قولهما نافذ في الجمع بينهما بغير توكيل من الزوجين.
          واختلف في الفرقة بينهما هل تحتاج إلى توكيل من الزوجين أم لا؟
          فقال مالك والأوزاعي وإسحاق: يجوز قولهما في الفرقة والاجتماع بغير توكيل منهما، ولا إذن بينهما في ذلك. وروي هذا عن عثمان وعلي وابن عباس وعن الشعبي والنخعي. وقال الكوفيون والشافعي: ليس لهما أن يفرقا إلا أن يجعل الزوج إليهما التفريق. وهذا قول عطاء والحسن، وبه قال أبو ثور وأحمد. وقال مالك في الحكمين يطلقان ثلاثاً قال: تكون واحدة، وليس لهما الفراق بأكثر من واحدة بائنة. وقال ابن القاسم: تلزمه الثلاث إن اجتمعا عليهما على حديث زيد. وقاله المغيرة وأشهب وابن الماجشون وأصبغ.