مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي

          ░20▒ باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي
          وقال عبد الوارث... إلى آخره.
          هذا أسنده ابن أبي شيبة، عن عباد بن العوام، قال: وحدثنا وكيع، عن سعيد... إلى آخره.
          ثم قال (خ): وقال داود، عن إبراهيم الصائغ: سئل عطاء... إلى آخره.
          هذا أخرج معناه ابن أبي شيبة عن عباد بن العوام... إلى آخره، ثم قال: وقال مجاهد: إذا أسلمت في العدة... إلى آخره.
          وقال الحسن وقتادة في مجوسيين أسلما: هما على نكاحهما، وهذا أخرجه ابن أبي شيبة أيضاً، عن عبد الأعلى... إلى آخره.
          ولما ذكر الإسماعيلي حديث أبي الطاهر عن ابن وهب أخبرني يونس...إلى آخره، ثم قال: هذا حديث يونس وحديث عقيل قريب منه. قال: وأنا ابن زيدان، حدثني أبو كريب، ثنا رشدين، قال: وليس رشدين من شرط (خ)، والذي ذهب إليه ابن عباس وعطاء في هذا الباب أن إسلام النصرانية قبل زوجها فاسخ لنكاحها؛ لعموم قوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة:10] فلم يخص تعالى وقت العدة من غيره. وقال ابن عباس: إن الإسلام يعلو ولا يعلى، لا يعلو النصرانية المسلمة، وروي مثله عن عمر بن الخطاب، وهو قول طاوس، وإليه ذهب أبو ثور.
          وقالت طائفة: إذا أسلم في العدة تزوجها. هذا قول مجاهد، وقتادة، وبه قال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد. وقالت طائفة: إذا أسلمت عرض على زوجها الإسلام، فإن أسلم فهما على نكاحهما، وإن أبى أن يسلم فرق بينهما. وهو قول الثوري والزهري، وبه قال أبو حنيفة: إذا كانا في دار الإسلام، وأما إذا كانا في دار الحرب فأسلمت وخرجت إلينا فقد بانت منه بافتراق الدارين. وفيه قول آخر يروى عن عمر أنه خير نصرانية أسلمت وزوجها نصراني إن شاءت فارقته، وإن شاءت أقامت معه.
          قال ابن المنذر: والقول الأول عندي أصح الأقاويل. قال ابن بطال: وإليه أشار (خ) في تلاوته: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ}الآية [الممتحنة:10] يعني: ما دام الزوج كافراً.
          قال ابن المنذر: وأجمع عوام أهل العلم على أن النصراني إذا أسلم قبل امرأته أنهما على نكاحهما إذ جائز له أن يبتدئ نكاحهما لو لم يكن له زوجة. وكذلك أجمعوا أنهما لو أسلما معاً أنهما على نكاحهما.
          وأما قول الحسن وقتادة أن الوثنيين إذا أسلما معاً أنهما على نكاحهما، فهو إجماع من العلماء.
          واختلف إذا سبق أحدهما الآخر بالإسلام، فقالت طائفة: تقع الفرقة بإسلام من أسلم منهما. وقاله غير الحسن وقتادة وعكرمة، وطاوس، ومجاهد. وقالت طائفة: إذا أسلم / المتخلف منهما عن الإسلام قبل انقضاء عدة المرأة فهما على النكاح. هذا قول الزهري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، ولم يراعوا من سبق بالإسلام إذا اجتمع إسلامهما في العدة.
          واحتج الشافعي بأن أبا سفيان بن حرب أسلم قبل امرأته هند، وكان إسلامه بمر الظهران، ثم رجع إلى مكة، وهند بها كافرة، ثم أسلمت بعد أيام، فقرا على نكاحهما في الشرك، لأن عدتها لم تنقض. وكذلك حكيم بن حزام أسلم قبل امرأته، وأسلمت بعده فكانا على نكاحهما.
          وقال مالك والكوفيون: إذا أسلم الرجل منهما قبل امرأته تقع الفرقة بينهما في الوقت إذا عرض عليها الإسلام فلم تسلم، واحتج مالك بقوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة:10] فلا يجوز التمسك بعصمة المجوسية؛ لأن الله لم يرد بالكوافر في هذه الآية أهل الكتاب، بدليل إباحة تزويج نساء أهل الكتاب، فلما كانت المجوسية غير جائز ابتداء العقد، فكذلك لا يجوز التمسك بها؛ لأن ما لا يجوز الابتداء عليه لا يجوز التمسك به إذا طرأ على النكاح.
          قال والدي ⌂:
          (باب نكاح من أسلم).
          قوله: (وقال عطاء) إنما قال بواو العطف إشعاراً بأن له أقوالاً غير ذلك، و(ذكر) أي: عطاء من قصة أهل العهد مثل حديث مجاهد.
          فإن قلت: أين حديثه؟ قلت: يحتمل أن يريد بحديثه ما ذكر بعده: وهو وإن هاجر عبد أو أمة للمشركين أهل العهد لم يردوا وردت أثمانهم، وهذا من باب فداء أسرى المشركين، ولم يجز تملكهم لارتفاع علة الاسترقاق التي هي الكفر فيهم.
          قوله: (قريبة) بفتح القاف، ضد البعيدة، وبضمها مصغر القربة ابنة أبي أمية _بضم الهمزة وتخفيف الميم وتشديد التحتانية_ أخت أم سلمة أم المؤمنين مر في كتاب الشروط، و(أم الحكم) بالمهملة والكاف المفتوحتين، ابنة أبي سفيان أخت معاوية أسلمت يوم الفتح، و(عياض) بكسر المهملة وخفة التحتانية وبالمعجمة (ابن غنم) بفتح المعجمة وإسكان النون، الفهري _بكسر الفاء وتسكين الهاء وبالراء_ أسلم قبل الحديبية، مات بالشام سنة عشرين، و(عبد الله بن عثمان الثقفي) بالمثلثة والقاف والفاء.
          قوله: (داود) هو: ابن أبي الفرات _بضم الفاء وخفة الراء وبالفوقانية_ المروزي، و(إبراهيم) بن ميمون (الصائغ) بالمهملة والهمز بعد الألف وبالمعجمة، مروزي أيضاً قتل سنة إحدى وثلاثين ومائة.
          قوله: (أيعاض) من العوض وفي بعضها: ((يقارض)) من المقارضة، و(بهذا الشرط) هو أن لا يشركن بالله ولا يسرقن إلى آخره، و(المحنة) أي: الامتحان.
          فإن قلت: ما المراد بالإقرار بالمحنة؟ قلت: يعني من أقر بعدم الإشراك ونحوه فقد أقر بوقوع المحنة، ولم يحوجه في وقوعها إلى المبايعة باليد ونحوها.
          ولهذا جاء في باقي الروايات أن رسول الله صلعم إذا التز من هذه الأمور كان يقول: انطلقن يعني فقد حصل الامتحان، ويحتمل أن يقال: الشرط هو المجيء مهاجراً بمعنى من اعترف بوجوب الهجرة فقد اعترف بوجوب المحنة والأول هو الأولى، ولم يذكر الزركشي فائدة.