مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب حكم المفقود في أهله وماله

          ░22▒ باب حكم المفقود في أهله وماله
          (وقال ابن المسيب: إذا فقد في الصف عند القتال تربص امرأته سنة) كذا هو في الأصول وعليه جرى ابن بطال وغيره، وعند ابن التين ستة أشهر / ، والأول هو ما ذكره ابن أبي شيبة، عن أبي خالد الأحمر وغيره. وعن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان قالا في امرأة المفقود: تتربص أربع سنين، وتعتد أربعة أشهر وعشراً.
          وقال مالك: ليس في انتظار من فقد عند القتال وقت.
          قوله: (تربص) أصله تتربص فحذف إحدى التائين لقوله تعالى: {نَارًا تَلَظَّى} [الليل:14]. ثم قال (خ): (واشترى ابن مسعود جارية... إلى آخره) أثر ابن مسعود أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد جيد، عن شريك، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل: اشترى عبد الله جارية بسبعمائة درهم. فغاب صاحبها، فأنشده حولاً أو قال: سنة، ثم خرج إلى المسجد فجعل يتصدق ويقول: اللهم فله فإن أتى فعلي. ثم قال: هكذا فافعلوا باللقطة وبالضالة.
          ثم قال (خ): (وقال الزهري في الأسير... إلى آخره).
          وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن زوجة الأسير لا تنكح حتى يعلم يقين وفاته ما دام على الإسلام. هذا قول النخعي والزهري ومكحول ويحيى الأنصاري، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأبي ثور وأبي عبيد وبه نقول، ثم ذكر (خ) حديث زيد بن خالد الجهني السالف في باب العلم واللقطة، وإدخال (خ) له في الباب من دقة نظره، كما نبه عليه ابن المنير، وذلك أنه وجد الأحاديث متعارضة بالنسبة إلى المقصود؛ فحديث ضالة الغنم يدل على جواز التصرف في ماله في الجملة، وإن لم تتحقق وفاته. وينقاس عليه تصرف المرأة في نفسها بعد إيقاف الحاكم وتطليقه بشروطه.
          والحديث عن ابن مسعود وما معه يؤيده، ويقابل هذا على المعارضة حديث ضالة الإبل، فمقتضاه بقاء تمليكه أبداً حتى تتحقق وفاته بالتعمير أو غيره، وبحسب هذا التعارض اختلف العلماء في الجملة، واختيار (خ) إيقاف الأهل أبداً إلى الوفاة يقيناً أو التعمير، ونبه على أن الغنم إنما يتصرف فيها خشية الضياع بدليل التعليل في الإبل. والإبل في معنى الأهل؛ لأن بقاء العصمة ممكن كبقاء الإبل مملوكة له.
          واختلف في حكم المفقود إذا لم يعرف مكانه وعمي خبره، فقالت طائفة: إذا خرج من بيته وعمي خبره أن امرأته لا تنكح أبداً ولا يفرق بينه وبينها حتى يوقن بوفاته أو ينقضي تعميره، وسبيل زوجته سبيل ماله، روي هذا القول عن علي، وهو قول الثوري وأبي حنيفة ومحمد والشافعي، وإليه ذهب (خ) والله أعلم، لأنه بوب كما سلف، وذكر حديث اللقطة والضالة.
          والحذاء: خف البعير. والعفاص: الخرقة. والوكاء: الخيط، والحديث حجة على أبي حنيفة حيث قال بالتقاط الإبل.
          قوله: (وإلا فاخلطها بمالك) أخذ بظاهره داود على أنه يتملكها، وخالف فقهاء الأمصار، والمراد: أخلطها به على جهة الضمان كالسلف، بدليل الرواية الأخرى، فإن جاء صاحبها يوماً من الدهر فأدها إليه.
          قوله: (قال سفيان: فلقيت ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال سفيان _ولم أحفظ عنه شيئاً غير هذا_ فقلت: أرأيت...إلى آخره).
          قال ابن التين: قد حفظ عن الزهري وهو مات قبل ربيعة، مات الزهري سنة أربع وعشرين ومائة، ويقال: سنة خمس ومائة، ومات ربيعة سنة ست ثلاثين ومائة وإنما قال ذلك؛ لأن أكثر مقاصد سفيان الحديث والغالب على ربيعة الفقه.