مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب نكاح من أسلم من المشركات وعدتهن

          ░19▒ باب نكاح من أسلم من المشركات
          ثنا إبراهيم بن موسى... إلى آخره، وقال عطاء، عن ابن عباس: كانت قريبة... إلى آخره.
          هذا الحديث من أفراده، وقال أبو مسعود الدمشقي: هذا الحديث في تفسير ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، وكأن (خ) ظنه عطاء بن أبي رباح، وابن جريج لم يسمع التفسير من عطاء الخراساني، إنما أخذ الكتاب من ابنه ونظر فيه.
          وقريبة: بقاف مضمومة، ثم راء مفتوحة، ثم مثناة تحت، ثم موحدة، ورأيت بخط الدمياطي فتح القاف وكسر الراء، وهي أخت أم المؤمنين أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ذكرت في الصحابيات وأنها كانت حاضر ابتناء رسول الله على أختها، وأم الحكم ذكرت منهن أيضاً، وأنها أسلمت يوم الفتح وكانت أخت أم حبيبة ومعاوية لأبيهما.
          قال ابن عبد البر: ولدت لعبد الله بن عثمان الثقفي المعروف بابن أم الحكم، وقال ابن سعد: أمها هند بنت عتبة بن ربيعة.
          وإذا أسلمت المشركة وهاجرت إلى المسلمين فقد وقعت الفرقة بإسلامها بينها وبين زوجها الكافر عند جماعة الفقهاء، ووجب استبراؤها بثلاث حيض، ثم تحل للأزواج. هذا قول مالك والليث والأوزاعي وأبي يوسف ومحمد والشافعي. وقال أبو حنيفة: إذا خرجت الحربية إلينا مسلمة ولها زوج كافر في دار الحرب، فقد وقعت الفرقة ولا عدة عليها، وإنما عليها استبراء رحمها بحيضة، واعتل بأن العدة إنما تكون في طلاق، وإسلامها فسخ وليس بطلاق. قالوا: وهذا تأويل حديث ابن عباس أنه إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض، ويظهر أن المراد بذلك الاستبراء، وتأويل هذا عند مالك والليث ومن وافقهما ثلاث حيض؛ لأنها قد جعلت بالهجرة من جملة الحرائر المسلمات، ولا براءة لرحم حرة بأقل من ثلاث حيض.
          وأكثر العلماء على أن زوجها إن هاجر مسلماً قبل انقضاء عدتها أنه أحق بها، وسيأتي اختلافهم في ذلك في الباب بعد هذا، واتفقوا أن الأمة إذا سبيت: أن استبراءها بحيضة.
          وقول ابن عباس: (وإن هاجر عبد منهم أو أمة فهما حران) يريد أهل الحرب، وأما أهل العهد فيرد إليهم الثمن عوضاً منهم؛ لأنه لا يحل للمشركين تملك المسلمين، وإنما لم يجز ملك العبد والأمة إذا هاجرا مسلمين من أجل ارتفاع العلة الموجبة لاسترقاق المشركين، وهي وجود الكفر منهم، فإذا أسلموا قبل القدرة عليهم والغلبة لهم وجاءونا مسلمين، كان حكمهم حكم من هاجر من مكة إلى المدينة في تمام حرمة الإسلام والحرية إن شاء الله تعالى.
          قال ابن المرابط: وإنما رد المهاجرات إلى أزواجهن إذا أسلموا في العدة، فكذلك فعل ◙ بزينب ابنته حين ردها إلى زوجها أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول، ولم يحدث صداقاً، وإليه ذهب مالك وجماعة من أهل العلم، محتجين بأن النكاح لا يحل بعد انعقاده إلا أن يوجب حله كتاب أو سنة أو إجماع ولا سبيل إلى حله مع التنازع. وأجمعوا على ثبات عقد نكاح المشركين وأنهما لو أسلما جميعاً في وقت واحد / ، أقرا على نكاحهما، واختلف إذا أسلم أحدهما قبل صاحبه كما فعل بأبي العاص، لكن الزهري لما ذكر قصة أبي العاص. قال: كان هذا قبل أن تنزل الفرائض. وقال قتادة: قبل أن تنزل سورة براءة بقطع العهد بين المسلمين والمشركين، وقد روى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أنه ◙ ردها إليه بنكاح جديد، وكذا قاله الشافعي، ولا خلاف أنه إذا انقضت عدتها لا سبيل له عليها إلا بنكاح جديد. فتبين في رواية ابن عباس _أن صحة_ ردها بالنكاح الأول، أراد علي مثل الصداق الأول.
          وقال محمد بن عمرو: ردها بعد ست سنين، وقال الحسن: بعد سنتين. قلت: ذكر موسى بن عقبة في ((مغازيه)): أنها ردت إليه قبل انقضاء العدة.