مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول الإمام: اللهم بين

          ░36▒ باب قول الإمام: اللهم بين
          فيه الحديث السالف في باب: ((لو كنت راجماً بغير بينة)).
          قوله: (وكان ذلك الرجل مصفراً قليل اللحم سبط الشعر) بكسر الباء وإسكانها؛ أي: ليس بجعد، وأكثر ما يكون السبوط في شعر العجم وهو مذموم.
          قوله: (جعداً قططاً) هو بكسر الطاء الأولى وفتحها، وهما بخلاف السبط. والجعد والقطط في الشعر محمودان. قال الداودي: الجعد: القريب المفاصل العظيم الأطراف الأعضاء العظام.
          قال والدي ⌂:
          (باب اللعان) وهو أن يقول الزوج أربع مرات أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما قذفتها به من الزنا، وفي المرة الخامسة لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيه، والزوجة أربعاً أشهد بالله إنه لمن الكاذبين / فيما قذفني به وفي الخامسة غضب الله عليها إن كان من الصادقين، وسمي لعاناً لقوله: لعنة الله أو لأن اللعن هو الإبعاد وكل من الزوجين يبعد عن صاحبه ويحرم النكاح بينهما.
          قوله: (بكتاب) أي: بكتابه. فإن قلت: ما الفرق بين الإشارة والإيماء؟ قلت: المتبادر إلى الذهن في الاستعمال أن الإشارة باليد والإيماء بالرأس أو الجفن ونحوه، ووصفه بالمعروف اشتراطاً لكونه مفهوماً معلوماً، أو أراد به ما هو معهود منه، أو كأنه أراد الصريح من الإشارة وهو ما يفهم الكل لا الكناية منه وهو ما يفهمه الفطن.
          و(الفرائض) كما في الصلاة فإن العاجز عن غير الإشارة يصلي بالإشارة.
          فإن قلت: تعريف اللعان بالقول المخصوص ينافي كونه بالإشارة؟ قلت: الإشارة المفهمة تقوم مقامه.
          قوله: (الضحاك) هو ابن شراحيل _بفتح المعجمة وخفة الراء وكسر المهملة_ الهمذاني التابعي المفسر، قال ابن بطال: احتج (خ) بقوله تعالى: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} [مريم:29] على صحته إذ عرفوا من إشارتها ما يعرفونه من نطقها، وبقوله تعالى: {آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا} [آل عمران:41] أي: إشارة ولولا أنه يفهم منه ما يفهم من الكلام لم يقل تعالى لا تكلمهم إلا رمزاً، فجعل الرمز كلاماً.
          قال المهلب: وقد تكون الإشارة في كثير من أبواب الفقه أقوى من الكلام مثل حديث: ((بعثت أنا والساعة كهاتين)) ومتى كان يبلغ البيان إلى ما بلغت إليه الإشارة لما بينهما من مقدار زيادة الوسطى على السبابة.
          والمراد أن ما بيني وبين الساعة من مستقبل الزمان بالقياس إلى ما مضى منه مقدار فضل الوسطى على السبابة، ولو كان أراد غير هذا لكان قيام الساعة مع نفسه في زمن واحد، وقيل: معناه ليس بينه وبين الساعة أنه يخير أمته.
          وفي إجماع العقول على أن العيان أقوى من الخبر دليل أن الإشارة قد تكون في بعض المواضع أقوى من الكلام.
          قوله: (بعض الناس) يريد به الحنفية حيث قالوا: لا حد على الأخرس إذ لا اعتبار لقذفه، وكذا لا لعان، وقالوا: إن طلق يعتبر طلاقه، وفي بعضها: إن طلقوا؛ أي: الجماعة الخرس يعتبر طلاقهم.
          قال صاحب ((الهداية)): قذف الأخرس لا يتعلق به اللعان لأنه [لا] يتعلق بالصريح كحد القذف، وقال في آخره: ولا يحد بالإشارة في القذف لانعدام القذف صريحاً، وقال: وطلاق الأخرس واقع بالإشارة لأنها صارت معهودة فأقيمت مقام العبارة دفعاً للحاجة، وغرض (خ) أنهم تحكموا حيث قالوا: لا اعتبار لقذف الأخرس، واعتبروا طلاقه فهو قذف بدون الافتراق، وتخصيص بلا اختصاص.
          قوله: (وإلا بطل) أي: إن لم يقولوا بالفرق فلا بد من بطلان كليهما لا بطلان القذف فقط، وكذلك العتق أيضاً حكمه حكم القذف فيجب أيضاً أن تبطل إشارته بالعتق، ولكنهم قالوا بصحة عتقه.
          قوله: (الشعبي) بفتح المعجمة وإسكان المهملة، اسمه عامر، وإذا قال: أنت طالق بإشارته يعني أشار بيده مثلاً، وفي بعضها إذا قال أنت طالق وأشار بأصابعه.
          فإن قلت: كيف يتصور للأخرس أن يقول ذلك؟ قلت: أراد بقوله القول باليد؛ أي: إشارته، فلفظ أشار بأصابعه تفسير لقوله: قال أنت طالق يعني إذا أشار بإصبعه مريداً أنه طلقها تصير بائنة بذلك، ويحتمل أن يريد به الناطق لا الأخرس، ويكون معناه إذا قال المتكلم أنت طالق، وأشار بالأصابع إلى عدد الطلقات الثلاث تبين منه المباينة الكبرى بمقتضى الإشارة.
          قال ابن بطال: اختلفوا في لعان الأخرس فقال الكوفيون لا يصح قذفه ولا لعانه، فإذا قذف امرأته بإشارته لم يحد ولم يلاعن وقالوا: يلزم الأخرس الطلاق والبيع(1).
          قال أبو حنيفة: إن كانت إشارته تعرف في طلاقه ونكاحه وبيعه وكان ذلك منه معروفاً فهو جائز عليه، وليس ذلك بقياس، وإنما هو استحسان، والقياس في هذا كله أنه باطل.
          فقال ابن بطال: في ذلك إقرار منه أنه حكم بالباطل لأن القياس عنده حق، فإذا حكم بضده وهو الاستحسان فقد حكم بضد الحق، ودفع القياس الذي هو حق قال: وأظن أن (خ) حاول / بهذا الباب الرد عليه؛ لأنه صلعم حكم بالإشارة في هذه الأحاديث وجعل ذلك شرعاً لأمته.
          قوله: (بنو النجار) بفتح النون وشدة الجيم وبالراء، و(عبد الأشهل) بفتح الهمزة والهاء وسكون المعجمة وباللام، و(بنو الحارث) بالمثلثة، ابن الخزرج بفتح المعجمة وإسكان الزاي وفتح الراء وبالجيم، و(بنو ساعدة) بكسر المهملة الوسطانية مر الحديث في مناقب الأنصار، و(أبو حازم) بالمهملة والزاي، اسمه سلمة.
          فإن قلت: ما الغرض في ذكره أن سهلاً صاحب رسول الله صلعم وهو معلوم؟ قلت: فائدته تعظيمه للعالم به والإعلام للجاهل.
          قوله: (أو كهاتين) شك من الراوي، فإن قلت: قد انقضى من يوم بعثه إلى يومنا سبعمائة وثمانون سنة(2)، فكيف يكون مقارنة للساعة ومعها؟ قلت: قال الخطابي: يريد أن ما بيني وبين الساعة من مستقبل الزمان بالقياس إلى ما مضى منه مقدار فضل الوسطى على السبابة ولو كان أراد غير هذا المعنى لكان قيام الساعة مع بعثته في زمان واحد.
          قوله: (جبلة) بفتح الجيم والموحدة واللام (ابن سحيم) مصغر سحم بالمهملتين الكوفي مر في الصوم، و(محمد بن المثنى) ضد المفرد، و(يحيى) أي: القطان، و(إسماعيل) أي: ابن خالد، و(قيس) أي: ابن أبي حازم بالمهملة والزاي، و(أبو مسعود) هو عقبة _بسكون القاف_ ابن عمرو البدري.
          قوله: (الإيمان يمان) لأن مبدأ الإيمان من مكة وهي يمانية، وقيل: الغرض وصف أهل اليمن بكمال الإيمان، و(الفدادين) بالتشديد جمع الفداد وهو الشديد الصوت، وبالتخفيف جمع الفدان وهو آلة الحرث، وإنما ذم أهله؛ لأنه يشتغل عن أمر الدين ويكون معها قساوة القلب ونحوها، و(قرنا الشيطان) أي: جانبا رأسه وذلك لأنه ينتصب في محاذاة مطلع الشمس حتى إذا طلعت كانت بين قرنيه، فتقع سجدة عبدة الشمس له، و(ربيعة) بفتح الراء، و(مضر) بضم الميم وفتح المعجمة وبالراء، قبيلتان في جهة المشرق ومر الحديث في كتاب بدء الخلق في باب الجن.
          قوله: (عمرو بن زرارة) بضم الزاي وخفة الراء الأولى، النيسابوري، و(كافل اليتيم) أي: القيم بأمره ومصالحه، وإنما فرج بينهما إشارة إلى التفاوت بين درجة الأنبياء وآحاد الأمة، و(السبابة) هي المسبحة، قال بعضهم: لما قال رسول الله صلعم ذلك استوت سبابته ووسطاه استواء بيناً في تلك الساعة، ثم عادا إلى حالتهما الطبيعية الأصلية، وذلك لتوكيد أمر كفالة اليتيم.
          فإن قلت: لا تعلق لهذه الأحاديث الخمسة باللعان الذي عقد عليه الترجمة؟ قلت: لعل غرضه تحقيق اعتبار الإشارة بقول رسول الله في اللعان، أو كانت متقدمة على باب اللعان فأخرها الناسخ عنه.
          قوله: (إذا عرض) التعريض كناية تكون مسوقة لأجل موصوف غير مذكور.
          قال في ((الكشاف)): التعريض أن تذكر شيئاً تدل به على شيء لم تذكره، والكناية أن تذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له.
          قوله: (يحيى بن قزعة) بفتح القاف والزاي والمهملة، الحجازي، و(الأورق) هو الذي في لونه بياض إلى سواد، و(لعل نزعه عرق) قيل: الصواب لعل عرقاً نزعه أو لعله نزعه عرق.
          أقول: وهذا أيضاً صواب لاحتمال أن يكون فيه ضمير الشأن، قال ابن مالك في ((الشواهد)): ومما كان المحذوف ضمير الشأن منصوباً. قول النبي صلعم: ((وإن لنفسك حق))، وقول رجل(3) له صلعم: ((لعل نزعها عرق)) أي: لعلها.
          فإن قلت: ما المراد بالعرق؟ قلت: الأصل من النسب ونزعه؛ أي: جذبه إليه، وأظهر لونه عليه يعني أشبهه.
          فإن قلت: أين محل التعريض؟ قلت: حيث قال ولد لي غلام أسود يعني أنا أبيض(4) وهو أسود فلا يكون مني / .
          قوله: (جويرية) مصغر الجارية _بالجيم_ ابن أسماء الضبعي، وهو من الأعلام المشتركة بين الذكور والإناث، و(أحلفهما) يعني: الإحلاف المخصوص وهو اللعان، وهذا دليل على أن اللعان يمين لا شهادة(5).
          قوله: (محمد بن بشار) بإعجام الشين، و(ابن أبي عدي) بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية، محمد بن إبراهيم البصري، و(هلال بن أمية) بضم الهمزة وخفة الميم وشدة التحتانية، الأنصاري أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك وتاب الله عليهم، و(شهد) أي: لاعن، وهو يدل على أن اللعان شهادة لا يمين، فالتوفيق بين الحديث السابق وهذا أنه يمين فيه ثبوت الشهادة أو بالعكس.
          قوله: (عويمر) مصغر عامر _بالمهملة_ العجلاني _بفتح المهملة وإسكان الجيم وبالنون_ الأنصاري، واختلفوا في أن آية اللعان نزلت بسبب هلال أو بسبب عويمر، وسبق شرح الحديث في سورة البقرة، و(كانت) أي: صارت التفرقة بينهما حكم اللعان.
          قوله: (يحيى) هو إما ابن موسى الختي _بفتح المعجمة وشدة الفوقانية_ وإما ابن جعفر البخاري بالموحدة وبالمعجمة، و(أخي بني ساعدة) بكسر المهملة الوسطانية، والغرض منه أنه ساعدي، و(الوحرة) بفتح الواو والمهملة والراء، دويبة حمراء تلزق بالأرض، و(أعين) بلفظ أفعل الصفة واسع العينين.
          فإن قلت: جميع الناس ذو إليتين فما وجه ذكره؟ قلت: يعني إليتين عظيمتين.
          و(المكروه) هو الأسود، وإنما كره لأنه مستلزم لتحقيق الزنا وتصديق الزوج به.
          قوله: (سعيد بن عفير) مصغر العفر بالمهملة والفاء والراء، و(قولاً) أي: كلاماً لا يليق من نحو ما يدل على عجب النفس والنخوة والغيرة، وعدم الحوالة إلى إرادة الله وحوله وقوته.
          قال ابن بطال: هو أنه قال لو وجد مع امرأته رجلاً يضربه بالسيف حتى يقتله.
          قوله: (سبط) بكسر الباء وإسكانها؛ أي: مسترسلاً غير جعد، و(الخدل) بفتح المعجمة وإسكان المهملة، الممتلئ الساق الضخم، و(بين) أي: حكم المسألة ونزل آية اللعان، و(السوء) أي: الزنا؛ أي: اشتهر عنه ولكن لم يثبت بالبينة ولا باعتراف.
          وفيه أنه لا يحد بمجرد القرائن والشهرة، وأما الرجل السائل فهو عبد الله بن شداد _بالمعجمة وتشديد المهملة الأولى_ ذكره (خ) في كتاب المحاربين.
          فإن قلت: اللعان مقدم على وضع الولد فعلام عطف فلاعن؟ قلت: على ما قبل فوضعت، أو المراد منه فحكم بمقتضى اللعان ونحوه.
          و(أبو صالح) هو عبد الله بن صالح الجهني بالجيم والهاء والنون، و(عبد الله) هو التنيسي بالفوقانية والنون والتحتانية والمهملة تقدما في أول الجامع وهما قالا: آدم خدلاً بدون ذكر كثير اللحم، وفي بعضها: بكسر المهملة؛ أي: قالا خدلاً بكسرها لا سكونها، وفي بعضها بتشديد اللام.
          قوله: (عمرو بن زرارة) بضم الزاي وخفة الراء الأولى، فإن قلت: ما معنى أخو بني العجلان بفتح المهملة؟ قلت: من باب التغليب حيث جعل الأخت كالأخ، وأما إطلاق الإخوة فبالنظر إلى أن المؤمنين إخوة أو إلى القرابة التي بينهما بسبب أن الزوجين كليهما من قبيلة عجلان، أو أطلق الأخ وأراد الواحد؛ أي: فرق بين الشخصين العجلانيين.
          قال الزمخشري في قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ} [الشعراء:106] قيل: أخوهم لأنه كان منهم من قول العرب يا أخا بني تميم، يريدون واحداً منهم، ومنه بيت الحماسة:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم                     في النائبات على ما قال برهاناً
          قوله: (فرق) أي: بينهما بعد اللعان، واختلفوا أن التفرقة تحصل بنفس اللعان من الزوج أو بلعانهما كليهما؛ لقوله صلعم: ((ففارقها)) كما تقدم آنفاً.
          وقوله: (لا سبيل لك عليها) أو يحكم القاضي بعده بذلك؛ لقوله: فرق النبي صلعم، وأما قوله صلعم / : ((والله يعلم أن أحدكما كاذب)) فيحتمل أن يكون قبل اللعان تحذيراً لهما، وترغيباً في تركه وأن يكون بعده، والمراد بيان أنه يلزم الكاذب التوبة.
          قوله: (أبعد) لانضمام الإيذاء إلى الدخول بها، وذلك إشارة إلى الطلب، واللام في لك للبيان نحو هيت لك، و(سفيان) هو ابن عيينة، و(عمرو) هو ابن دينار، و(إبراهيم) هو ابن المنذر بكسر المعجمة الخفيفة، و(أنس) ابن عياض بكسر المهملة وخفة التحتانية وبالمعجمة، و(فرق) أي: حكم بأن يفترقا حيناً لحصول الافتراق شرعاً بنص اللعان أو كان ذلك تنفيذاً لما أوجب الله بينهما من المباعدة.
          قوله: (ألحق الولد بالمرأة) فثبت بينهما حيًّا وميتاً من الأحكام ما يثبت بين الولد والوالدة، وتنتفي كلها بالنسبة إلى الرجل.
          قوله: (اللهم بين(6)) أي: حكم هذه المسألة الواقعة، قال ابن بطال: معناه الحرص على أن يعلم من باطن المسألة ما يقف به على حقيقتها، وإن كانت شريعته القضاء بالظاهر، و(جعداً) أي: غير مسترسل الشعر، و(قطط) أي: شديد الجعودة.
          الزركشي:
          (بعثت أنا والساعة) قال أبو البقاء: لا يجوز فيه إلا النصب، والواو فيه بمعنى مع، والمراد به المقاربة، ولو رفع لفسد المعنى؛ إذ لا يقال: بعثت الساعة، ولا في موضع المرفوع لأنها لم توجد بعد.
          وقال القاضي: الأحسن رفع الساعة عطفًا على ضمير ما لم يسم فاعله في ((بعثت))، ويجوز النصب على المفعول معه؛ أي: بعثت مع الساعة؛ كقولهم: جاء البرد والطيالسة، أو هو على فعل مضمر يدل عليه الحال؛ أي: فاستعدوا الطيالسة، وتقديره هنا: فانتظروا الساعة.
          (كهاتين) حال؛ أي: مقترنتين، قال القرطبي: فعلى النصب يقع التشبيه بالضم، وعلى الرفع يحتمل هذا، ويحتمل أن يرفع بالتقارب التي بين السبابة والوسطى في الطول، ويدل عليه قول قتادة في روايته: ((فضل إحداهما على الأخرى))، ويعلم منه أنه آخر الأنبياء ليس بعده نبي ولا يلحق شريعته نسخ.
          (من أورق) بفتح القاف؛ لأنه غير منصرف وهو شبه الرماد.
          (لعله نزعه عرق) أي: جذبه، والضمير للمولود، يقال: نزعه أو نزع وانتزعه إليه، والعرب تضمها للأصل تشبيهًا له بعرق الثمرة.
          قيل: وتبويب (خ) عليه بالتعريض يقتضي إهدار التعريض كما هو مذهب الشافعي، وهو مناقض لمذهبه السابق في اعتبار الإشارة، وهما سواء في الدلالة على المقصود.
          قلت: الشرع أعمل الإشارة كالعبارة عند الحاجة، ولم يعمل التعريض في إلزام شيء، فلا وجه للتسوية بينهما.
          (الجعد) ضد السبط، و(القطط) بفتح الطاء وكسرها: الشديد الجعودة.
          و(السبط) بكسر الباء وإسكانها: هو الشعر المسترسل، قال القاضي: والسبط هنا يحتمل الشعر ويحتمل الجسم؛ أي: مديد القامة، وكذا قوله: فإن جاءت به جعدًا. انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قال الجوهري: امرأة خدلاء بينة الخدل، والخدالة، وهي الممتلئة الساقين والذراعين، وكذلك الخدلم بالكسر والميم زائدة، ويقال: مخلخلها خدل أي: ضخم.
          قوله: (وقال بعض الناس) يعني به (خ) أبا حنيفة وكثيراً يقول في كتابه ((الجامع الصحيح)): قال بعض الناس يعني أبا حنيفة.
          أقول: قد سبق (خ) إلى ذلك ذكر ابن المنذر في الأشراف في باب صفة القسم وذكر ما قاله الشافعي وغيره إلى أن قال: وقال أبو ثور: وقال بعض الناس يعني النعمان ويعقوب يقوم البناء والأرض بالقسمة، وكذلك النخل والشجر إلى آخر المسألة.
          وقال أيضاً في الأشراف: في باب الشيء المقسوم يستحق بغضه: قال مسائل: وقال أبو ثور: قال بعض الناس: يعني النعمان إذا لم يحضر خصم وارث الميت ولا طالب دين ولا وصية ولا مطلوب بحق قبله إلى آخر المسألة، انتهى كلام ابن المنذر.
          أقول: أبو ثور قد قال: قال بعض الناس: يعني به أبا حنيفة في مواضع فلا يقال عن (خ) أنه الذي قال بيده المقالة بل هو مسبوق بأبي ثور، وأبو ثور توفي في صفر سنة أربعين ومائتين، و(خ) سنة ست وخمسين ومائتين، فأبو ثور مقدم على (خ) / .


[1] في هامش المخطوط: ((وأقول: بل قد يقوم السكوت مقام الكلام في مواضع منها سكوت الفكر والساكت عن جواب خصمه)).
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: قول والدي ☼هذا الكلام قبل وفاته بست سنين فهو توفي سنة ستة وثمانين وسبعمائة)).
[3] في هامش المخطوط: في (ط): ((قوله صلعم لرجل لعل نزعها)).
[4] في هامش المخطوط: ((أقول: وتمامه أن يقال: وأمه بيضاء فإنه سلف أنه جاءت عجائز وقلن: إن للمرأة كان جدة سوداء، فهذا يدل على أنها كانت بيضاء ولو كانت المرأة سوداء لما ارتاب ولا توهم أنه ليس منه، بل كان يطيب نفساً أن الولد أشبه المرأة في السواد فتأمله فإنه حسن)).
[5] في هامش المخطوط: ((أقول: قال تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ} فسماه شهادة)).
[6] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت: ما الفائدة في قوله: ((اللهم بين)) في الحديث؛ لأنه لا يثبت بذلك شيء ولا ينبني عليه حكم؟ قلت)).