الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب صوم يوم الجمعة

          ░63▒ (باب صَوْمِ يَوْمِ / الْجُمُعَةِ): أي: بيانُ حكمهِ (فإِذَا): بالفاء، ولأبوي ذرٍّ والوقت وابن عساكر: <وإذا> (أَصْبَحَ صَائِماً يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ): كذا للأكثرِ، ووقع لأبوي ذرٍّ والوقت زيادة: <يعني إذا لم يصمْ قبلهُ ولا يريدُ أن يصومَ بعدهُ>.
          قال في ((الفتح)): وهذه الزِّيادة تشبه أنَّها من الفِربري، أو ممَّن دونه، فإنَّها لم تقع في روايةِ النَّسفي عن البخاريِّ، ويبعد أن يعبِّر عنه البخاريِّ بقوله: يعني ولو كانَ من كلامهِ لقال أعنِي، بل كان يستغنِي عنهَا، وهذا التَّفسير أخذهُ من حديثِ جويرية آخر البابِ، ولابدَّ من حملِ المطلقِ في التَّرجمة عليه. انتهى.
          واعترضه العينيُّ: بأنَّ عدم وقوعِ هذه الزِّيادة في رواية النَّسفي لا تستلزمُ عدم وقوعهَا من غيرهِ، والظَّاهر أنَّها من البخاريِّ، وليس قوله: ((يعني)) ببعيدٍ، وكأنَّه جعل قولهُ: ((وإذا أصبح صائماً))... إلخ لغيره بطريق التَّجريد، ثم أوضحه بقولهِ: ((يعني)) فافهم فإنَّه دقيق. انتهى.
          وأقول: الاختلاف في الرِّوايات واقعٌ في هذا الكتابِ كثيراً، والتَّعبير بـ((يعني)) هنا نظيرُ قول المصنِّف: قال أبو عبد الله، وليسَ في مثل ذلك تكلُّف، كما قال القسطلاني، فالاعتراضُ واردٌ، فتأمَّل.
          وقولُ المصنِّف: ((فعليهِ أن يفطرَ)) أي: ليلزمهُ الإفطار، ومثل هذا يقتضِي حملَ أنَّ النَّهي عن صومهِ في الأحاديثِ على التَّحريم، وهو مذهبُ عليٍّ في آخرين، وهو مذهبُ المصنِّف أيضاً، وسيأتي قريباً ما في ذلكَ من المذاهبِ.