الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب قول النبي: لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال

          ░17▒ (باب قَوْلِ النَّبِيِّ: صلعم لَا يَمْنَعَنَّكُمْ): بنون التَّوكيد الثَّقيلة للأكثر، ورواه أبو ذرٍّ عن الكشميهنيِّ: بسكون العين من غير توكيدٍ (مِنْ سَحُورِكُمْ): بفتح السين، ما يُتسحَّرُ به، وبالضمِّ السحور، وكلاهما صحيحٌ وإن قيل: الصَّواب الضم؛ لأنَّه بالفتح الطَّعام، والبركة والأجر في الفعلِ لا في الطَّعام، انتهى، لجواز تقدير مضافٍ نحو: تناول سحوركم، فتأمَّل.
          (أَذَانُ بِلَالٍ): فاعل ((يمنعنَّكم))، قال ابن بطَّال: لم يصحَّ عند البخاريِّ لفظ الترجمة، فاستخرجَ معناه من حديث عائشةَ، انتهى، قال الزركشيُّ: ولفظها رواه التِّرمذيُّ، وقال: حسنٌ، انتهى، لكنَّ صحابيه عند التِّرمذي: سَمُرة، ففي ((الفتح)): وقد روى لفظ الترجمة وكيعٌ من حديث سُمُرة مرفوعاً: ((لا يمنعنَّكم من سحوركُم أذانُ بلالٍ، ولا الفجرُ المستطيرُ، ولكنَّ الفجرَ المستطيرَ في الأفقِ))، قال: وحديث سَمُرة عند مسلمٍ أيضاً، لكن لم يتعيَّن في مراد المصنِّف، فإنَّه صحَّ أيضاً على شرطه حديث ابن مسعودٍ بلفظ: ((لا يمنعنَّ أحدَكُم أذانُ بلالٍ من سحورهِ، فإنَّه يُؤذِّنُ بليلٍ ليرجعَ قائمُكُم...)) الحديث؛ أي: ليردَّ القائم المتهجِّد إلى راحته، لينام غفوةً ليصبح نشيطاً، أو يُوتِر إن لم يكن أوتر، وتقدَّم الحديث في باب الأذان قبل الفجرِ بمباحثِه / .