الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب قول النبي لمن ظلل عليه واشتد الحر

          ░36▒ (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ): ببناءِ ((ظُلِّل)) للمفعول، ويحتملُ بناؤه للفاعل، فضميره المستتر راجعٌ ((لمن)) كضمير ((عليه))؛ أي: جُعِل عليهِ ساتراً يقيهِ من شدَّةِ حرِّ الشَّمس.
          وجملة: (وَاشْتَدَّ الْحَرُّ): أي: عليه، حاليَّةٌ، وفي بعضِ الأصول: <واشتدَّ عليه الصَّوم>، وجملة: (لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ): مقولُ القولِ.
          قال في ((الفتح)): أشار بهذه التَّرجمة إلى أنَّ سبب قوله صلعم: ((ليسَ مِن البرِّ الصِّيامُ في السَّفرِ)) ما ذكر من المشقَّة، وأنَّ مَن روى الحديث مخرجاً عن السَّبب فقدِ اختصرَ، قال: وبما أشارَ إليه مِن اعتبار شدَّة المشقَّة يجمع بين حديث الباب وما قبلَه، فالصُّوم لمن قويَ عليه أفضلُ مِن الفطرِ، والفطرُ أفضلُ لمن شقَّ عليه الصَّوم أو أعرض عن قبولِ الرُّخصة، ومَن لم يتحقَّق المشقَّة يُخيَّرُ بين الصَّوم والفطر، وتقدَّم في باب الصَّوم في السَّفر والإفطار بيانُ اختلاف المذاهبِ في ذلك.