الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه

          ░51▒ (باب مَنْ أَقْسَمَ): أي: حلف بالله تعالى، ويحتمل أعم (عَلَى أَخِيهِ): أي: وكان صائماً نفلاً، ولذا قال: (لِيُفْطِرَ فِي التَّطَوُّعِ): متعلِّق بـ((يفطر))، وجعله العينيُّ ومن تبعَه حالاً، أمَّا في الفرض: فلا يجوزُ الإفطار فيه بقسم ولا بغيره، إلَّا لمريضٍ أو مسافر سفر قصر لصائم فيجري فيه ما في التطوُّع إلَّا ما في قوله: (وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ): أي: على هذا المفطر (قَضَاءً): أي: واجباً عمَّا أفطرهُ.
          وجملة: ((ولم ير...إلخ)) عطفٌ على أقسم بتقدير من أخرى موصولة كقولِ حسَّان:
أمن يهجوا رسول الله منكم                     ويمدحه وينصره سواء
          ويحتمل أن الجملة حال، فتدبَّر.
          وقوله: (إِذَا كَانَ): أي: الإفطار، وفي بعض النُّسخ: <إذ> بسكون الذال، ونسبت لنسخة لابن عسَاكر، وعليهما فالظَّرف متعلِّق بـ((يفطر)).
          وقال الكرمانيُّ: متعلِّق بما هوَ لازمٌ لقوله: ((لم ير عليه قضاء)).
          وقوله: (أَرْفَقَ): خبر كان (لَهُ) متعلق بـ((أرفق)) وضميره عائدٌ على من أقسم، والمحلوف عليه، و<أوفق> بالواو في الأصول وهو الموجود في الفرع وغيره.
          وقال في ((الفتح)): يروى: بالواو الساكنة وبالراء بدلها، قال: والمعنى صحيح فيهما، ومفهوم قوله: ((إذا كان أرفق له)) أنَّ جواز الإفطار، وعدم القضاء إذا كان المحلوف عليه أو الحالف معذوراً بفطره لا من تعمَّده بغير عذرٍ، فإنَّه يجب عليه القضاء، ولعلَّ هذا اختيارٌ للبخاري ☼، وإلَّا فمذهب الشَّافعيَّة أنَّه لا يجب عليه القضَاء في الإفطارِ من النَّفل مطلقاً سواء تعمَّده لعذرٍ أم لا؟ وعند غيرهم يجبُ القضَاء مطلقاً على تفصيلٍ يأتي آخر الباب.