الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: متى يحل فطر الصائم؟

          ░43▒ (بَابُ مَتَى يَحِلُّ فِطْرُ الصَّائِمِ): جوابُ الاستفهام مقدَّر؛ أي: يحلُّ فطره بعد الغروب، وغرضُه بالتَّرجمة، كما في ((الفتح)) الإشارةُ إلى أنَّه هل يجبُ إمساك جزءٍ من الليل؛ ليتحقَّق الغروب أم لا؟ قال: وظاهر صنيعه يقتضِي ترجيح الثَّاني لذكره لأثر أبي سعيدٍ في الترجمةِ، قال: لكن محلُّه إذا حصل تحقُّق غروب الشَّمس، انتهى.
          ومذهبُنا أنَّه يجب إمساك جزءٍ من اللَّيلِ من باب ما لا يتمُّ الواجب إلَّا به، ولا يتحقَّق الغروب إلا بمضيِّ جزءٍ من الليل، فتدبَّر.
          (وَأَفْطَرَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ) ☺ (حِينَ غَابَ قُرْصُ الشَّمْسِ): أي: من غير زيادةٍ عليه، وصلَ هذا التَّعليق سعيدُ بن منصورٍ وابن أبي شيبةَ من طريق أيمن قال: ((دخلْنا على أبي سعيدٍ فأفطر، ونحن نرى أنَّ الشمس لم تغربْ)).
          قال في ((الفتح)): ووجه الدِّلالة منه أنَّ أبا سعيدٍ لما تحقَّق غروب الشَّمس لم يطلبْ مزيداً على ذلك، ولا التفتَ إلى موافقةِ من عنده على ذلك، فلو كان عنده يجب إمساك جزءٍ من الليل، لاشتركَ الجميع في معرفة ذلك، انتهى، فليتأمَّل.