الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا ونيةً

          ░6▒ (باب): بإضافة ((باب)) إلى ((من)) الموصُولة أو النَّكرة الموصُوفة؛ أي: بيان حكم من، ويجوز تنوينه على جعلِ ((من)) شرطيَّةً (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ) حال كونِ صيامه (إِيمَاناً): أي: تصديقاً بوجوبهِ (وَاحْتِسَاباً): أي: طلباً للأجر (وَنِيَّةً): عطفاً على ((احتساباً)).
          قال الزينُ ابن المنيِّر: حذف جواب ((مَنْ)) إيجازاً واعتمَاداً على ما في الحديثِ، وعطف ((نيةً)) على قوله: ((احتساباً))؛ لأن الصَّوم إنَّما يكون لأجل التقرُّب إلى الله تعالى، والنِّيَّة شرطٌ في وقوعه قربةً، قال: والأولى أن يكون ((إيماناً)) منصوباً على الحال.
          وقال غيره: انتصب على أنَّه مفعولٌ له أو تمييزٌ أو حالٌ بأن يكون المصدر في معنى اسمِ الفاعل؛ أي: مؤمناً محتسباً، والمراد بالإيمان: الاعتقاد بحقِّ فرضيَّةِ صومه، والاحتساب: طلبُ الثواب مِن الله تعالى.
          وقال الخطابيُّ: ((احتساباً)) أي: عزيمةً، وهو أن يصومَه على معنى الرَّغبة في ثوابه طيِّبة نفسه بذلك، غير مستثقلٍ لصيامه ولا مستطيل ٍلأيَّامه.
          (وَقَالَتْ عَائِشَةُ): ♦، ممَّا وصله المؤلِّف تامًّا في أوائل البيوع (عَنِ النَّبِيِّ صلعم) بلفظ: يغزو جيش الكعبة حتَّى إذا كانوا ببيداءَ من الأرض خسف بهم ثمَّ (يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ): يعني: في الآخرة؛ لأنَّه كان في الجيش المذكور المكرَهُ والمختارُ، فإذا بُعثُوا على نيَّاتهم، وقعت المؤاخذةُ على المختارِ دون المكرَه.
          وقال الكرمانيُّ: ((يبعثون))؛ أي: يوم القيامة على حسبِ نيَّاتهم؛ أي: إن كانوا مخلصين يُثابون عليه، وإلَّا فلا، قالُوا: السِّرُّ في خلود الكافر في النَّار أنَّه كان على نيَّةِ أنَّه لو عاش مخلَّداً لكان كافراً، انتهى.