نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: أما إنه سيكون لكم الأنماط

          3631- (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ) بالمهملة وتشديد الموحدة، أبو عثمان البصري من أفراده، وقد مرَّ في «استقبال القبلة» [خ¦391]، قال: (أَخْبَرَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ) هو: عبدُ الرحمن بن مهدي بن حسان الأزدي البصري (عَنْ سُفْيَانُ) أي: الثوري (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ ☺) أنَّه (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم : هَلْ لَكُمْ مِنْ أَنْمَاطٍ؟) جمع: نمط، وهو ضربٌ من البسط له خملٌ رقيق.
          (قُلْتُ: وَأَنَّى) أي: من أين (تَكُونُ لَنَا الأَنْمَاطُ) ويروى: <من أنماط> بزيادة «من» (قَالَ: / أَمَا) بفتح الهمزة وتخفيف الميم، وهي من مقدِّمات اليمين وطلائعه، كقول الشاعر:
أَمَا وَالَّذِي لَا يَعْلَمُ الغَيْبَ غَيْرَهُ
          ولما ذكر ابنُ هشام: «أَلا»، بفتح الهمزة والتَّخفيف، وذكر أنواعها قال: وأختها «أَمَا» من مقدِّمات اليمين وطلائعه.
          (إِنَّهَا سَتَكُونُ لَكُمُ الأَنْمَاطُ، فَأَنَا أَقُولُ لَهَا _يَعْنِي: امْرَأَتَهُ_) أي: قال جابر ☺: أنا أقول لامرأتي (أَخِّرِي عَنِّي أَنْمَاطَكِ، فَتَقُولُ) أي: امرأته: (أَلَمْ يَقُلِ النَّبِيُّ صلعم : إِنَّهَا سَتَكُونُ لَكُمُ الأَنْمَاطُ، فَأَدَعُهَا) أي: اتركها بحالها مفروشة.
          وفي الحديث: اتِّخاذ الأنماط، فإنَّه صلعم أخبر بأنَّها ستكون لكم، وفيه شيءٌ وهو أنَّ الإخبار بأنَّ الشَّيء سيكون لا يقتضِي إباحته إلَّا أن يُقال: أخبر الشَّارع صلعم بأنَّه سيكون ولم ينهَ عنه، فكأنَّه أقرَّه.
          وقد وقعَ قريبٌ من هذا في حديث عديِّ بن حاتم ☺ الماضي في هذا الباب في خروج الظَّعينة من الحيرة إلى مكَّة، فاستدلَّ به بعضُ الناس على جواز سفر المرأة بغيرِ محرمٍ، وفيه من البحث ما فيه.
          ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إنَّه صلعم أخبرَ بأنَّه سيكون لهم أنماطٌ وقد كان ذلك.
          والحديث أخرجه مسلم والترمذيُّ في «الاستئذان».