نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث عبد الرحمن بن أبي بكر: من كان عنده طعام اثنين

          3581- (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) التَّبوذكي، قال: (أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرٌ) هو: ابنُ سليمان (عَنْ أَبِيهِ) سليمانُ بن طَرْخان التَّميمي، وهو من صغار التَّابعين، وفي رواية أبي النُّعمان التي مضتْ في «كتاب الصَّلاة» [خ¦602]: حدَّثنا معتمر بن سليمان: حدثنا أبي. قال: (أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ) هو: عبدُ الرحمن بن ملٍّ النَّهدي _بفتح النون_.
          (أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ) الصَّدِّيق ☻ (أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ) الصُّفَّة: مكان في مؤخَّر المسجد النَّبوي مظلَّل أُعِدَّ لنُزول الغُرباء فيه ممَّن لا مَأوى له ولا أهل، وكانوا يكثرون فيه ويقلُّون بحسب من يتزوَّج منهم، أو يموت، أو يسافر.
          (كَانُوا أُنَاساً فُقَرَاءَ) سيأتي ذكرهم في «كتاب الرِّقاق» إن شاء الله تعالى [خ¦6452] (وَأَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ مَرَّةً: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ) أي: من أهل الصُّفَّة المذكورين. وفي رواية مسلم: ((فليذهب بثلاثة)). قال القاضي عياض: وهو غلطٌ، والصواب رواية البُخاري لموافقتها لسياق باقي الحديث.
          وقال القرطبيُّ: إن حمل على ظاهرهِ فسدَ المعنى؛ لأنَّ الذي عنده طعام اثنين إذا ذهبَ معه بثلاثة لزمَ أن يأكلَه في خمسة وحينئذٍ لا يكفيهم، ولا يسدُّ رَمَقهم بخلاف ما إذا / ذهب بواحدٍ فإنَّه حينئذٍ يأكله في ثلاثة. ويؤيِّده قوله في الحديث الآخر: ((طعام اثنين يكفي أربعة))؛ أي: القدر الذي يُشبع اثنين يسدُّ رمقَ أربعة.
          وأجاب النَّووي بأنَّ التَّقدير: فليذهبْ بمن يُتِمَّ مَن عنده ثلاثة، أو فليذهبْ بتمام ثلاثة.
          (وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ، أَوْ كَمَا قَالَ) أي: فليذهبْ بخامسٍ إن لم يكنْ عنده ما يقتضِي أكثر من ذلك، وإلَّا فليذهبْ بسادسٍ مع الخامس إن كان عنده أكثر من ذلك.
          والحكمةُ في كونه يزيد كل أحد واحداً فقط أنَّ عيشهم في ذلك الوقت لم يكن متسعاً فمن كان عنده مثلاً ثلاثة أنفُس لا يضيق عليه؛ أي: يطعم الرَّابع من قوتهم، وكذلك الأربعة وما فوقها بخلاف ما لو زيدت الأضياف بعددِ العيال فإن ذلك إنما يحصلُ الإيفاء فيه عند اتِّساع الحال. ووقع في روايةِ أبي النُّعمان: ((وإن أربع فخامس أو سادس)) [خ¦602]، و«أو» فيه للتَّنويع أو التَّخيير، كما في الرِّواية الأخرى.
          ويحتمل أن يكون معنى: «أو سادس»، وإن كان عنده طعام خمس فليذهبْ بسادسٍ، فيكون من عطف الجملة على الجملة، وقوله: «وإن أربعٍ فخامسٍ»، بالجرِّ فيهما فإنَّ التَّقدير: فإن كان عندَه طعام أربع فليذهبْ بخامسٍ، أو سادسٍ، فحذف عامل الجرِّ وأبقى عمله، كما يقال: مررتُ برجلٍ صالحٍ وإن لا صالحٍ فطالحٍ؛ أي: إن لا أمر بصالح فقد مررتُ بطالحٍ.
          ويجوزُ الرفع على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه وهو أوجه. قال ابنُ مالك: تضمَّن هذا الحديث حذف فعلين وعاملي جرٍّ مع بقاءَ عملهمَا بعد «أن» وبعد «الفاء»، أو التَّقدير: من كان عنده طعامُ اثنين فليذهبْ بثالثٍ، وإن قامَ بأربعةٍ فليذهبْ بخامسٍ أو سادسٍ، انتهى.
          وهذا قاله في الرِّواية التي في «الصَّلاة» [خ¦602]، وأمَّا هذه الرِّواية وهي قوله: ((بخامس أو بسادس)) فيكون حذف منهما شيءٌ آخر، والتقدير: أو إن قام بخمسة فليذهبْ / بسادس.
          (وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلاَثَةٍ وَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صلعم بِعَشَرَةٍ) عبَّر عن أبي بكر بلفظ المجيءِ لبعد منزلهِ من المسجد، وعن النَّبي صلعم بالانطلاق لقربهِ، وقوله بعد ذلك:
          (وَأَبُو بَكْرٍ وَثَلاَثَةً) بالنَّصب للأكثر؛ أي: أخذَ ثلاثة فلا يكون قوله قبل ذلك جاءَ بثلاثة تكراراً؛ لأنَّ هذا بيان لابتداءِ ما جاءَ في قصَّته فهو ممَّا يقتضِي سوقَ الكلام على ترتيبِ القصَّة ذكره والأوَّل لبيان من أحضرهُم إلى منزلهِ، وذلك أنَّ أبا بكر كان عندهُ طعام أربعةٍ ومع ذلك أخذَ خامساً وسادساً وسابعاً.
          فكان الحكمة في أخذه واحداً زائداً على ما ذكر النبي صلعم أنه أراد أن يؤثر السابع بنصيبه إذ ظهر أنه لم يأكل أولاً معهم.
          ووقع في رواية الكشميهني: <وأبو بكر بثلاثة> فيكون معطوفاً على قوله: «وانطلق النبي صلعم »؛ أي: وانطلق أبو بكر ☺ بثلاثة وهي رواية مسلم، والأول أوجه والله أعلم.
          (فَهْوَ أَنَا وَأَبِي وَأُمِّي) قائلُ ذلك هو عبدُ الرَّحمن بن أبي بكر، وقوله: «فهو»؛ أي: الشَّأن، وقوله: «أنا» مبتدأ وخبره محذوفٌ يدلُّ عليه السِّياق وتقديره: في الدَّار.
          والمقصود منه بيان أنَّ في منزله هؤلاء، فلا بدَّ أن يكون عنده طعامهم، وأم عبد الرَّحمن هي أمُّ رُومان مشهورةٌ بكنيتها واسمها: زينب، وقيل: وعلة بنت عامر بن عويمر، كانت تحت الحارث بن سَخْبرة الأزدي فمات بعد أن قدمَ مكَّة وخلف منها ابنه الطُّفيل، فتزوَّجها أبو بكر ☺ فولدتْ له عبد الرَّحمن وعائشة ☻ وأسلمتْ أمُّ رومان قديماً وهاجرتْ وعائشة معها.
          وأمَّا عبد الرَّحمن فتأخَّر إسلامه وهجرته إلى هدنة الحديبية، فقدم في سنة سبع أو أوَّل سنة ثمان، واسمُ امرأتهِ: أميمة بنت عدي بن قيس السَّهمية وهي والدةُ أكبر أولاد عبد الرَّحمن أبي عتيق محمد ♥ .
          (وَلاَ أَدْرِي هَلْ قَالَ) قائلُ ذلك هو أبو عثمان الرَّاوي عن عبد الرَّحمن كأنَّه شكَّ / في ذلك (وَامْرَأَتِي وَخَادِمِي) وفي رواية الكُشميهني: <وخادم> بغير إضافة. قال الحافظُ العسقلاني: لم أعرف اسم الخادم (بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْتِ أَبِي بَكْرٍ) أي: خدمتنا مشتركة بين بيتنا وبيت أبي بكر، وهو ظرفٌ للخادم (وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ) ☺ (تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صلعم ، ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ) أي: إلى منزله، وفي رواية مسلم: قال: إنَّ أبا بكر _أي: قال عبد الرحمن إن أبا بكر ☺_ تعشَّى عند النَّبي صلعم ثمَّ لبث؛ أي: مكثَ عند النَّبي صلعم حتى صُلِّيتِ العشاءُ. وكذا في الرِّواية التي في «الصَّلاة» في باب «السَّمر مع الأهل» [خ¦602]: ثمَّ لبث حتَّى صُلِّيت العشاء. وفي رواية: حيث صُلِّيت ثم رجع.
          والظَّاهر من قوله: ثمَّ رجع؛ أي: رجع أبو بكر ☺ إلى منزله، كما تقدَّم الإشارة إليه، وعلى هذا ففي قوله:
          (فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى رَسُولُ اللَّهِ صلعم فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ) تكرار وفائدته الإشارة إلى أنَّ تأخره عند النَّبي صلعم كان بمقدار أن تعشَّى معه وصلَّى معه العشاء، وما رجع إلى منزلهِ إلَّا بعد أن مَضى من اللَّيل قطعة، وذلك أنَّ النَّبي صلعم كان يحبُّ أن يؤخِّر صلاة العشاء. كما ثبت في الرِّوايات الصَّحيحة.
          وقال العيني: قوله: «فلبث»، معناه: لبث عند النَّبي صلعم بعد أن رجعَ إليه حتَّى تعشَّى رسول الله صلعم .
          وقال الكرمانيُّ: فإن قلت: هذا يشعرُ بأن التَّعشي عند النَّبي صلعم كان بعد الرَّجوع إليه، وما تقدَّم بأنَّه كان قبله.
          قلت: الأوَّل بيان حال أبي بكر ☺ في عدمِ احتياجهِ إلى الطَّعام عند أهله، والثَّاني هو سوق القصَّة على الترتيب الواقع، أو الأوَّل تعشى الصِّدِّيق ☺ والثَّاني تعشَّى رسول الله صلعم ، أو الأوَّل من العِشاء بكسر المهملة، والثاني منه بفتحها، انتهى.
          قال الحافظُ العسقلاني: ووقع في الرِّواية التي في «الصَّلاة»: ثمَّ لبث / حتى صُلِّيت العِشاء، فشرحَه الكرماني أنَّ المراد أنَّه لما جاء بالثَّلاثة إلى منزله لبث في منزله إلى وقت صلاة العشاء، ثمَّ رجعَ إلى النَّبي صلعم فلبثَ عنده حتَّى تعشَّى النَّبي صلعم .
          قال: وهذا لا يصح لأنَّه يخالف صريح قوله في حديث الباب: وأنَّ أبا بكر تعشَّى عند النَّبي صلعم ، انتهى.
          وأغرب العينيُّ حيث نسب «شرح الكرماني» إلى حديث الباب، فقال: لم يقل مثل ما نقل عنه بل قال: فإن قلتَ هذا يشعرُ... إلى آخر ما قال، ثمَّ قال العينيُّ: فلينظر المتأمِّل هل نسبةُ هذا القائل؛ يعني: العسقلاني عدم الصَّحة إلى الكرمانيِّ صحيحة أم لا؟!
          هذا ووجه غرابتهِ لا تخفَى فإنَّ الحافظ العسقلاني لم ينسبْ «شرح الكرماني» إلى هذا الموضع بل نسبه إلى ما تقدَّم في «الصَّلاة»، كما نقلناه آنفاً، فليتأمل، فإن حلَّ تركيب هذا الحديث يحتاجُ إلى دقَّة نظر، وكثرة تأمُّل.
          ثمَّ إنَّ الذي وقع عند البخاري بلفظ: ((ثم رجع)) بالجيم ليس متَّفقاً عليه بين الرُّواة فقد وقع عند الإسماعيلي: ((ثم ركع)) بالكاف؛ أي: ثم صلى النافلة بعد أن صلَّى العشاء، وعلى هذا فالتِّكرار في قوله: «فلبث حتى تعشَّى»فقط، وفائدتُه ما تقدَّم.
          وقد وقعَ في رواية مسلم، وكذا في رواية الإسماعيليِّ: ((فلبثَ حتى نعس)) بالنون والعين والسين المهملتين المفتوحتين، من النُّعاس الذي هو مقدِّمة النَّوم وهو أوجه.
          وقال القاضي عياض: أنَّه الصَّواب وبه ينتفِي التِّكرار من المواضع كلِّها إلَّا في قوله: «لبثَ»، فلبثَ أولاً حتى صلَّى العشاء، ثمَّ لبث حتى نعسَ.
          فالحاصل: أنَّه تأخَّر عند النَّبي صلعم حتى صلَّى العشاء، ثمَّ تأخَّر حتى نعس النَّبي صلعم وقام لينام، فرجعَ أبو بكر ☺ حينئذٍ إلى بيته.
          وقد ترجمَ عليه البخاريُّ في أبواب الصَّلاة قبيلَ الأذان، باب «السَّمر مع الضَّيف والأهل» [خ¦602]، وأخذَه من كونِ أبي بكر ☺ رجعَ إلى أهله وضيفانهِ بعد أن صلَّى العشاء مع النَّبي صلعم فدارَ بينه وبينهم ما ذكر في الحديث. /
          ووقع في رواية أبي داود من رواية الجُريري عن أبي عُثمان، أو أبي السَّليل عن عبد الرَّحمن بن أبي بكر ☻ قال: نزلَ بنا أضياف، وكان أبو بكر يتحدَّث عند النَّبي صلعم فقال: لا أرجعُ إليك حتَّى تفرغَ من ضيافةِ هؤلاء.
          ونحوه يأتي في «الأدب» [خ¦6140] من طريق أُخرى عن الجريري عن أبي عثمان بلفظ: أنَّ أبا بكر تضيَّف رهطاً، فقال لعبد الرَّحمن: دونَك أضيافك فإني مُنْطلقٌ إلى النَّبي صلعم فافرغ من قِرَاهم قبل أن أجيءَ.
          وهذا يدلُّ على أنَّ أبا بكر أحضرهُم إلى منزله وأمر أهلَه أن يُضيفوهم ورجعَ هو إلى النَّبي صلعم ، ويدلُّ عليه صريح قوله في حديث الباب: «وأنَّ أبا بكر جاءَ بثلاثة».
          (قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ) كذا في رواية الكُشميهني، وكذا هو في «الصَّلاة»، وفي رواية مسلم، وفي رواية غيره: ((مِن أضيافك)) بكلمة: «من»، بدل: عن (أَوْ ضَيْفِكَ) شكٌّ من الرَّاوي، والمراد به الجنس، فإنَّهم كانوا ثلاثة.
          (قَالَ: أَوَعَشَّيْتِهِمْ) وفي رواية الكُشميهني: <أوما عشَّيتهم> بزيادة «ما» النافية، وكذا في رواية مسلم والإسماعيلي، والهمزة للاستفهام، والواو للعطفِ على مقدَّر بعد الهمزة، ويروى: <أوعشيتيهم> بإشباع الكسرة.
          (قَالَتْ أَبَوْا) أي: امتنعوا (حَتَّى تَجِيءَ) أي: إلى أن تجيءَ، وذلك رِفقاً به لظنِّهم أنَّه لا يجد عشياً، فصبروا حتى يأكلَ معهم (قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ) بفتح العين والراء، والفاعل الخدم، أو الأهل أو نحو ذلك (فَغَلَبُوهُمْ) أي: فغلبَ الأضيافُ على الأهل.
          والحاصل: أن آل أبي بكر ☺ عرضوا على الأضياف العَشَاء فأبوا فعالجوهُم فامتنعوا حتَّى غلبوهم، وفي الرِّاوية التي في «الصَّلاة»: قد عُرِّضوا _بضم أوله وتشديد الراء_؛ أي: أطعموا من العِرَاضة وهي الهديَّة.
          قال القاضِي عياض: وهو في الرِّواية بتخفيف الراء. وحكى ابنُ قُرقُول أنَّ القياس تشديد الراء، وبه جزمَ الجوهريُّ، ووقع في «الصَّلاة»: قد عرضنَا عليهم فامتنعوا.
          وحكى ابنُ التين أنَّه وقع في بعض الرِّوايات: <عرصوا> بصاد مهملة، / قال: ولا أعرف لها وجهاً، ووجَّهها غيره أنَّها من قولهم: عرص، إذا نشط، فكأنَّه يريد أنَّهم نشطوا في العزيمة عليهم، ولا يخفى تكلُّفه. وفي رواية الجُريري: فانطلق عبد الرَّحمن فأتاهُم بما عنده، فقال: اطعمُوا، قالوا: أين ربُّ منزلنا؟ قال: اطعموا، قالوا: ما نحن بآكلين حتى يجيءَ، قالوا: اقبلوا عنا قِرَاكم، فإنَّه إن جاءَ ولم تَطْعموا لنلقينَّ منه أي شرًّا فأبوا. وفي رواية مسلم: ((أَلَا تقبلوا عنَّا قِرَاكم)). ضبطَه القاضي عياض عن الأكثر بتخفيف اللَّام على استفتاحِ الكلام.
          وقال القرطبيُّ: ويلزم عليه أن يثبتَ النون في «تقبلون» إذ لا موجبَ لحذفها، وضبطَها ابنُ أبي جعفر بتشديد اللام، وهو الوجه، والله تعالى أعلم.
          (فَذَهَبْتُ) أي: قال عبد الرَّحمن: فذهبتُ، وفي رواية مسلم: ((قال: فذهبتُ أنا)) (فَاخْتَبَأْتُ) أي: اختفيتُ خوفاً منه، وفي رواية الجُريري: فعرفتُ أنَّه يجدُ عليَّ؛ أي: يغضبُ فلمَّا جاءَ تغيَّبت عنه فقال: يا عبد الرَّحمن فسكتُّ، ثمَّ قال: يا عبد الرَّحمن فسكت.
          (فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ) بضم الغين المعجمة وسكون النون وفتح المثلثة وآخره راء، وحكيَ ضم المثلثة، وحكى القاضِي عياض عن بعض شيوخه فتح أوله مع فتح المثلثة. وحكاهُ الخطَّابي بلفظ: عنتر، مثل اسم الشَّاعر المشهور، وهو بالمهملة والمثناة المفتوحتين بينهما نون ساكنة.
          وروى عن أبي عَمرو وثعلب أنَّ معناه الذُّباب، وأنَّه سمِّي بذلك لصوتهِ فشبَّهه به حيث أرادَ تحقيرهُ وتصغيرهُ.
          وقال غيره: معنى الرِّواية المشهورة: الثِّقيل الوخم، وقيل: الجاهل، وقيل: السَّفيه، وقيل: اللَّئيم، وأنَّه مأخوذ من الغثر، ونونه زائد، وقيل: هو ذبابٌ أزرق شبَّهه به لتحقيره، كما تقدَّم.
          (فَجَدَّعَ) بفتح الجيم وتشديد الدال المهملة وآخره عين مهملة؛ أي: دعا عليه بالجدعِ وهو قطع الأنف أو الأذن، أو الشفة، وقيل: المراد به السَّب، والأول أصحُّ. وفي رواية الجُريري: «فجزع» بالزاي بدل الدال؛ أي: نسبه إلى الجَزَع _بفتحتين_ وهو الخوفُ، وقيل: المجازعة: المخاصمةُ، فالمعنى: خاصم. /
          (وَسَبَّ) أي: شتم ظنًّا منه أنَّ عبد الرحمن فرَّط في حقِّ الأضياف، وحَذَفَ المفعول للعلم به (وَقَالَ: كُلُوا) أي: قال أبو بكر ☺: كلوا. وفي رواية «الصلاة» [خ¦602]: ((كلوا لا هنيئاً))، وكذا في رواية مسلم، وإنما قال ذلك لما حصلَ له من الحرجِ والغيظ بتركهم العشاء بسببه، فإنَّهم تحكَّموا على ربِّ المنزل بالحضورِ معهم، ولم يكتفوا بولدهِ مع إذنه لهم، وكأنَّهم حملهم على ذلك رغبتهم في التَّبرك بمواكلتهِ.
          فيُستفاد منه جواز الدُّعاء على من لم يحصل منه الإنصاف ولا سيَّما عند الحرج والغيظ، فافهم.
          ويقال: إنَّه إنما خاطب بذلك أهله لا الأضياف، وقيل: لم يرد الدُّعاء وإنما أخبر أنَّه فاتهم الهناء إذ لم يأكلوا في وقته.
          (وَقَالَ: لاَ أَطْعَمُهُ أَبَداً) وفي رواية مسلم، وكذا في الصلاة: ((فقال: والله لا أطعمه أبداً)). وفي رواية الجُريري: «فقال: إنما انتظرتموني والله لا أطعمه أبداً، فقال الآخرون: والله لا نطعمه حتى تطعمه»، وفي رواية أبي داود من هذا الوجه، فقال أبو بكر: ما منعكم، قالوا: مكانك قال: والله لا أطعمه أبداً، ثمَّ اتَّفقا فقال: لم أر في الشر كاللَّيلة، ويلكم ما أنتم، لم لا تقبلون عنَّا قِراكم، هات طعامكِ فوُضِعَ، فقال: بسم الله الأولى من الشَّيطان فأكلَ وأكلوا.
          ووقع في رواية مسلم: ((ألَّا تقبلون)) وهو بالتشديد، وقوله: ((الأولى من الشيطان)) أراد به يمينه. قال القاضي: وقيل: معناه: اللُّقمة الأولى من أجل قمع الشَّيطان وإرغامه ومخالفته في مرادهِ باليمين.
          وقال النَّووي: فيه أنَّ من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً فعلَ ذلك وكفَّر عن يمينه، كما جاءت به الأحاديث الصَّحيحة [خ¦3133].
          وقال القرطبيُّ: كلُّ ذلك من أبي بكرٍ على ابنه ظنًّا منه أنَّه فرَّط في حقِّ الأضياف، فلمَّا تبين له أنَّ ذلك كان من الأضياف أدَّبهم بقوله: «كلوا لا هنيئاً»، وحلف أن لا يطعمه أبداً.
          (قَالَ) أي: عبد الرَّحمن (وَايْمُ اللَّهِ) وهمزته همزةُ وصلٍ عند الجمهور لا يجوزُ قطعه، وقيل: يجوز القطعُ، وهو مبتدأ وخبرُه محذوفٌ؛ أي: أيم الله قسمِي، وأصله: «أيمن الله»، فالهمزة حينئذٍ / همزةُ قطعٍ لكنها لكثرة الاستعمال خفِّفت فوصلت. وحكي فيها لغات: «أيمن الله»، مثلثة النون، و«مُنُ الله» مختصر من الأولى مثلثة النون أيضاً، «وايم الله» كذلك، و«مُ الله» كذلك وبكسر الهمزة أيضاً، و«أم الله». قال ابن مالك: وليس الميم بدلاً من الواو لأنَّ أصلها «من» خلافاً لمن زعم ذلك، ولا أيمن جمع يمين خلافاً للكوفيين.
          (مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِن لُقْمَة) ويروى: <من اللقمة> (إِلاَّ رَبَا) أي: زاد (مِنْ أَسْفَلِهَا) أي: من الموضع الذي أُخذت منه (أَكْثَرُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلُ فَنَظَرَ أَبُو بَكْرٍ) ☺ (فَإِذَا شَيْءٌ أَوْ أَكْثَرُ) أي: فإذا هو شيءٌ كما كان أو أكثر؛ أي: القدر الذي كان كما كان أو أكثر.
          وفي «الصلاة» [خ¦602]: فإذا هي شيءٌ؛ أي: الجفنة، أو البقيَّة، أو الأطعمة، كما هي؛ أي: كما كانت أولاً أو أكثر، وكذلك في رواية مسلم والإسماعيلي. قال الحافظُ العسقلاني: وهو الصَّواب.
          (فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ) أي: قال أبو بكر ☺ لها: (يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ) قال النَّووي: معناه: يا من هي من بني فراس، وزاد في «الصلاة»: ما هذا؟ وخاطب بذلك امرأته أم رومان. قال القاضي: وفِراس _بكسر الفاء وتخفيف الراء وآخره مهملة_ ابن غنم بن مالك بن كنانة.
          وقد تقدَّم أنَّ أمَّ رومان من ذريَّة الحارث بن غنم وهو أخو فراس بن غنم فلعلَّ أبا بكرٍ ☺ نسبها إلى بني فراسٍ لكونهم أشهر من بني الحارث، وقد يقع مثل هذا كثيراً في النَّسب ينسبونَ أحياءَ إلى أخي جدِّهم، فالمعنى: يا أخت القوم المنتمين إلى بني فراس، ولا شكَّ أنَّ الحارث أخو فراس، فأولاد كلٍّ منهما إخوة للآخرين لكونهم في درجاتهم.
          وحكى القاضِي عياض أنَّه قيل في أمِّ رُومان أنها من بني فِراس بن غنم لا من بني الحارث وعلى هذا فلا حاجةَ إلى هذا التَّأويل.
          وقال الحافظُ العسقلاني: ولم أرَ في كتاب ابن سعد لها نسباً إلَّا إلى بني الحارث بن غنم، والله تعالى أعلم.
          (قَالَتْ: لاَ وَقُرَّةِ عَيْنِي) كلمة «لا» زائدة للتَّأكيد، ويحتمل أن تكون نافية وثمَّة محذوف تقديره: لا شيءَ غير ما أقول وهو قولها: وقرَّة / عَيني... إلى آخره.
          وقال الكرمانيُّ: أي قال: يا واحدة منهم، وهي أم رومان ما هذه الحالة؟ فقالت: لا أعلم.
          وقولها: و«قرَّة عيني»، الواو فيه للقسم وقُرَّة العين _بضم القاف وتشديد الراء_ يعبَّر بها عن المسرَّة ورؤية ما يحبُّه الإنسان ويُوافقه، ويُقال ذلك لأنَّ عينه قرت؛ أي: سكنتْ حركتها من التَّلفُّت لحصول غرضهَا، فلا تستشرف لشيءً آخر، فكأنَّه مأخوذ من القرار، وقيل: بل هو مأخوذ من القرِّ وهو البرد؛ أي: أنَّ عينه باردة.
          ولهذا قيل: دمعة السُّرور باردةٌ ودمعةُ الحزن حارَّة، ومن ثمَّة قيل في ضدِّه: أسخنَ الله عينه، وإنَّما حلفت أم رومان بذلك لما وقعَ عندها من السُّرور بالكرامة التي حصلتْ لهم ببركة الصِّدِّيق ☺.
          وزعم الدَّاودي أنَّها أرادتْ بِقُرَّة عيَّنها النَّبيَّ صلعم فأقسمتْ به، فافهم.
          (لَهْيَ) أي: الجفنة، أو البقية (الآنَ أَكْثَرُ مِمَّا قَبْلُ) كذا هنا، وفي رواية مسلم: ((أكثر منها)) قيل: وهو أوجه وأكثر في رواية الأكثر بالمثلثة، وفي رواية بالموحدة (ثَلاَثَ مَرَّات) ويروى: <ثلاث مرار> (فَأَكَلَ مِنْهَا) أي: من الأطعمة (أَبُو بَكْرٍ) ☺ (وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ الشَّيْطَانُ يَعْنِي: يَمِينَهُ) كذا هنا وفيه حذف، والتَّقدير: وإنما كان الشَّيطان الحامل على ذلك؛ يعني: الحامل على يمينه التي حلفها، وهي قوله: «والله لا أطعمه»، وفي رواية مسلم والإسماعيلي: إنما كان ذلك من الشَّيطان يعني يمينه وهو أوجه.
          (ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً) لقمع الشَّيطان وإرغامهِ لكونه قصدَ بتزيينه له اليمين إيقاع الوحشة بينه وبين أضيافهِ، فأرغمَه أبو بكر ☺ بالحنثِ الذي هو خير.
          (ثُمَّ حَمَلَهَا) الجفنة (إِلَى النَّبِيِّ صلعم فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ) أي: أصبحتِ الأطعمة التي في الجفنة عند النَّبي صلعم على حالها، وإنَّما لم يأكلوا منها في اللَّيل لكون ذلك وقع بعدَ أن مضى من اللَّيل مدَّة طويلة.
          (وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ) أي: عهد مُهادنة، ويروى: <وكانت بيننا> والتَّأنيث باعتبار المهادنة (فَمَضَى الأَجَلُ) أي: مضتْ مدَّة العهد (فَفَرَّقْنَا) من التَّفريق، فالراء مفتوحة، / والضمير المرفوع يرجع إلى النَّبي صلعم .
          قال الحافظُ العسقلاني: وحكى الكرمانيُّ أن في بعض الرِّوايات: <فقَرَيْنا> بقاف وتحتانية، من القِرى وهو الضِّيافة، ولم أقفْ على ذلك، وغيره يقول: <فعرَّفنا> بالعين المهملة والراء المشددة؛ أي: جعلنا عرفاء نقباءَ على قومهم. وكذا اختلف الرواة عند مسلم هل قال: فرقنا أو عرفنا.
          وفي رواية الإسماعيلي: «فعرفنا»، من العرافة وجهاً واحداً، وسمِّي العريف عريفاً لأنَّه يعرف الإمام أحوالَ العسكر، وفيه: دليلُ الجواز تعريف العرفاء على العساكرِ ونحوها.
          وفي «سنن أبي داود»: ((العرافة حقٌّ)) لما فيه من مصلحة الناس وليتيسر ضبط الجيوش على الإمام باتِّخاذ العرفاء. فإن قيل: في الحديث: «العرفاء في النار».
          فالجواب: أنه محمول على العرفاء المقصِّرين في ولايتهم المرتكبين فيها ما لا يجوز.
          وزعم الكرماني أن فيه حذفاً تقديره: فرجعنا إلى المدينة فعرفنا، ولا يتعين ذلك لجواز أن يكون تعريفهم وإرسالهم قبل الرجوع إلى المدينة.
          (اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً) وفي رواية مسلم: ((اثنى عشر)) بالنصب وهو ظاهر، ويحمل رواية الرفع على لغة من يجعل المثنى بالرَّفع في الأحوال الثلاثة، ومنه قوله تعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه:63]، ويحتمل أن يكون ((فَفُرِّقنا)) بضم أوَّله على البناء للمفعول، فارتفع اثنا عشر على أنَّه مبتدأ وخبره قوله:
          (مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ، غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ) يعني: أنَّه تحقَّق أنَّه جعل عليهم اثني عشر عريفاً لكنَّه لا يدري كم كان تحت يدِ كلِّ عريف منهم؛ لأنَّ ذلك يحتمل الكثرة والقلَّة غير أنَّه تحقَّق أن بعث معهم؛ أي: مع كلِّ أناس عريفاً.
          وقال العينيُّ _تبعاً للكرماني_: غير أنَّ النَّبي صلعم بعث معهم نصيبَ أصحابهم إليهم، هذا فتأمل.
          (قَالَ: أَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ، أَوْ كَمَا قَالَ) هو شكٌّ من أبي عثمان في لفظ عبد الرَّحمن، والمعنى: أنَّ جميع الجيش أكلوا من تلك الجفنةِ التي أرسلَ بها أبو بكر ☺ إلى النَّبي صلعم ، وظهرَ بذلك أنَّ تمام البركة في الطَّعام المذكور كان عند النَّبي صلعم ؛ لأنَّ الذي وقع فيه في بيت أبي بكر ظهور أوائلِ البركة فيه، وأمَّا انتهاؤها إلى أن يكفيَ الجيش كلهم فما كان إلَّا بعد أن صارَ / عند النَّبي صلعم على ظاهر الخبر، والله تعالى أعلم.
          وقد وقعَ في بعض النُّسخ هنا: وغيرهم يقول: <فتفرَّقنا> فعلى تقدير صحَّته يكون المعنى: وغير الرُّواة المذكورين يقول: فتفرَّقنا؛ أي: بعد الأكلِ منها جميعاً، أو المعنى وغيرهم يقول: «فتفرَّقنا» بدل قوله سابقاً: «ففرقنا»، فتأمل.
          هذا وقد روى أحمدُ والترمذيُّ والنَّسائي من حديث سمُرة ☺ قال: أُتِيَ النَّبي صلعم بقصعة فيها ثريدٌ فأكلَ وأكلَ القوم، فلم يزالوا يتداولونها إلى قريبٍ من الظُّهر يأكلُ قوم، ثمَّ يقومون ويجيءُ قوم فيتعاقبون، فقال رجلٌ: هل كانت تُمَدُّ بطعام؟ قال: أما من الأرض فلا، إلَّا أن تكون كانت تمدُّ من السَّماء.
          قال الحافظُ العسقلاني: قال بعضُ شيوخنا: يحتمل أن تكون هذه القصعة هي التي وقعَ فيها في بيت أبي بكر ☺ ما وقع.
          وفي الحديث من الفوائد: التجاء الفقراء إلى المساجدِ عند الاحتياج إلى المواساة إذا لم يكن في ذلك إلحاحٌ ولا إلحافٌ ولا تشويشٌ على المصلِّين، وفيه: استحبابُ مواساتهم عند اجتماعِ هذه الشُّروط. وفيه: التَّوظيف في المخمصة.
          وفيه: جوازُ الغَيْبة عن الأهلِ والولدِ والضَّيف إذا أعدت لهم الكفاية. وفيه: تصرُّف المرأة فيما يُقدَّم للضَّيف والإطعام بغير إذنٍ خاصٍّ من الرجل.
          وفيه: جواز سبِّ الوالد للولد على وجه التَّأديب في التَّمرين على أعمالِ الخير وتعاطيه. وفيه: جوازُ الحلف على ترك المباح. وفيه: التَّبرك بطعامِ الأولياء والصُّلحاء. وفيه: عرض الطَّعام الذي يظهرُ فيه البركة على الكفَّار وقبولهم ذلك.
          وفيه: العملُ بالظنِّ الغالب لأنَّ أبا بكر ☺ ظنَّ أنَّ عبد الرحمن فرَّط في أمرِ الأضياف فبادرَ إلى سبِّه، وقوَّى القرينة عندهُ اختباؤه منه.
          وفيه: ما يقعُ من لطفِ الله تعالى بأوليائهِ وذلك لأنَّ خاطرَ أبي بكر ☺ تشوش وكذلك ولده وأهله وأضيافه بسببِ امتناعهم من الأكلِ، وتكدر خاطرِ أبي بكر ☺ من ذلك حتَّى احتاجَ إلى ما تقدَّم ذكره من الحرجِ بالحلفِ وبالحنثِ وبغير ذلك، فتداركَ الله تعالى / ذلك ورفعَه عنه بالكرامةِ التي أبداها له، فانقلبَ ذلك الكدر صفاء والتَّكدر سروراً، فلله الحمد والمنَّة.
          ومطابقة الحديث للترجمةِ من حيث إنه يجوز أن تظهرَ المعجزات على يدِ الغير، ويمكن أن يقال: إنَّه استفيد الإعجاز من آخر الحديث حيث قال: أكلوا منها أجمعون.
          وقد مضى الحديث في أواخر، «كتاب مواقيت الصَّلاة»، في باب: «السَّمر مع الأهلِ والضَّيف» [خ¦602].