نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: إني فرطكم وأنا شهيد عليكم إني والله لأنظر إلى

          3596- (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ) بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة وكسر الموحدة وباللام، الكندي، مات سنة ثنتي عشرة ومائتين، قال: (أَخْبَرَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ) من الزيادة، هو: ابنُ أبي حبيب (عَنْ أَبِي الْخَيْرِ) ضدُّ الشرِّ، هو: مرثدُ بن عبد الله، ورجال الإسناد كلُّهم مصريون (عَنْ عُقْبَةَ) هو: ابنُ عامر الجهني (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم ) وفي بعض النسخ: <عن عقبة بن عامر عن النَّبي صلعم > (خَرَجَ يَوْماً) وعلى بعض النسخ فيه حذفٌ تقديره: عن النَّبي صلعم أنَّه خرج يوماً، وهذه اللَّفظة تُحذف كثيراً، ولا بدَّ من التَّلفظ بها، وقلَّ من نبَّه على ذلك، وقد نبهوا على حذف «قال» خطأ. وقال ابنُ الصَّلاح: لا بدَّ من النُّطق بها، وفيه بحثٌ.
          (فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ) وقد تقدَّم الكلام فيه مستوفى في «الجنائز» [خ¦1344] (ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: إِنِّي فَرَطُكُمْ) بفتح الراء، هو الذي يتقدَّم الواردة، فيُهيء لهم الإرشاد والدِّلاء ونحوهما (وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، إِنِّي وَاللَّهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ، وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنَ الأَرْضِ) وقال الكرماني: وفي بعض النسخ: <خزائن مفاتيح الأرض> والأوَّل أظهر.
          (وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ بَعْدِي أَنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا) أصله: أن تتنافسوا، فحذفت إحدى التائين، من التنافس، وهو الرَّغبة في الشَّيء النَّفيس، والانفراد به، وكذلك المنافسة.
          وفي الحديث: إخبار ما سيقعُ فوقع كما قال صلعم ، وقد فتحت عليه الفتوح بعده، وآل الأمر إلى أن تحاسدوا وتقاتلوا، ويقع ما هو المشاهد المحسوس لكلِّ أحدٍ ممَّا يشهد بمصداق خبره صلعم .
          ووقع من ذلك في هذا الحديث إخباره بأنَّه فرطهم؛ أي: سابقهم، وكان كذلك، وأن أصحابه لا يشركون بعده، فكان كذلك، ووقع ما أَنذر به من التَّنافس في الدنيا.
          وقد تقدَّم في معنى ذلك حديث عَمرو بن عوف مرفوعاً: ((ما الفقرَ أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسطَ الدُّنيا عليكم كما بُسطتْ / على من كان قبلكم)).
          وحديث أبي سعيد في معناه فوقع كما أخبرَ، وفتحت عليه الفتوح الكثيرة، وصبتْ عليهم الدنيا صباً، وسيأتي مزيد لذلك في «كتاب الرقاق» [خ¦6426] إن شاء الله تعالى.
          ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرةٌ.