نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزًا وكرمان من الأعاجم

          3590- (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى) هو الذي يقال له: خَتّ، وقيل: هو يحيى بنُ جعفر البِيْكندي، قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ) هو: ابنُ همام (عَنْ مَعْمَرٍ) هو: ابنُ راشد (عَنْ هَمَّامٍ) هو: ابنُ منبِّه (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺: أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ: لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا خُوزاً) بضم الخاء المعجمة وبالزاي، كذا قال ابنُ دحية. قال الكرمانيُّ: هو بلاد الأهواز وتستر. وقال الحافظُ العسقلاني: هم قوم من العجم.
          (وَكَرْمَانَ) بفتح الكاف وكسرها، وهو المستعملُ عند أهلها، والراء ساكنة على كلِّ حالٍ، وهي بين خراسان وبحر الهند وبين عراق العجم وسجستان (مِنَ الأَعَاجِمِ) يقال فيه إشكالٌ فإنَّه تقدَّم في الرِّواية التي قبلها: ((حتى تقاتلوا الترك)) وخوز وكرمان كما عرفتَ ليسا من بلاد الترك، بل من بلاد العجم، كما صرَّح بقوله: ((من الأعاجم)). وروى الجُرجاني: <خور كرمان> براء مهملة مضافاً إلى كرمان، وصوبه الدَّارقطني وحكاه عن الإمام أحمد، وقال غيره: تصحيفٌ، وقيل: إذا أضيفَ خور فبالمهملة لا غير، وإذا عطفَ كرمان عليه فبالزاي لا غير، والإشكال باقٍ بحالهِ أيضاً.
          ويمكن أن يُجابَ بأنَّ هذا الحديث غير حديث قتال الترك، ويجتمعُ الإنذار بخروجِ الطَّائفتين ولا مانعَ في اشتراك الصِّنفين في الصِّفات المذكورة مع اختلافِ الجنس.
          ووقعَ في رواية مسلم من طريق سُهيل عن أبيهِ عن أبي هريرة ☺: ((لا تقوم الساعة حتى يُقاتلَ المسلمون الترك قوماً كأنَّ وجوهَهم المجان المطرقة)).
          وقال الكرمانيُّ: هذان الإقليمان ليسوا على هذه الصِّفات، ثمَّ قال: إمَّا أنَّ بعضهم كانوا بهذه الأوصاف في ذلك الوقت، أو سيصيرون كذلك فيما بعد، وإمَّا أنَّهم بالنَّسبة إلى العربِ كالتَّوابع للترك، وقيل: إنَّ بلادهم فيها موضع اسمه: كرمان، وقيل: إنَّهم يتوجَّهون من هذين الموضعين.
          وقال الطِّيبي: لعلَّ المراد بهما: صنفان من التُّرك فإن أحدَ أصول أحدهما من خوز، وأحدُ أصول الآخر من كرمان.
          (حُمْرَ الْوُجُوهِ فُطْسَ الأُنُوفِ) الفطس: جمع الأفطس، والفطوسة: تَطَامن قَصَبة الأنف وانتشارها وانفراشها (صِغَارَ الأَعْيُنِ وُجُوهُهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ) قد مرَّ ما يتعلَّق به [خ¦3587] / (تَابَعَهُ) أي: تابع يحيى شيخ البخاري (غَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ) وأخرج هذه المتابعة إسحاق بنُ راهويه والإمامُ أحمد في «مسنديهما» عن عبد الرَّزَّاق وجعله أحمدُ حديثين فصل آخره فقال: وقال رسول الله صلعم : ((لا تقوم السَّاعة حتى تقاتلوا قوماً نِعالهم الشَّعر)).