نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: ما يدري محمد إلا ما كتبت له فأماته الله فدفنوه

          3617- (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ) بفتح الميمين، عبد الله بن عَمرو بن أبي الحاج المنقري المقعد البصري، قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ) هو: ابنُ سعيد البصري، قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ) هو: ابنُ صهيب / أبو حمزة البصري (عَنْ أَنَسٍ ☺) أنَّه (قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيّاً) نُصِب على أنَّه خبر «كان»، ويروى: <نصرانيٌّ> بالرَّفع على أنَّ «كان» تامَّة. قال الحافظ العسقلاني: ولم يُدرَ اسمه، لكن في رواية مسلم من طريق ثابت عن أنس ☺: ((كان منَّا رجل من بني النَّجار)).
          (فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، وَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صلعم فَعَادَ نَصْرَانِيّاً) وفي رواية ثابت: ((فانطلق هارباً حتى لحقَ بأهل الكتاب فرفعوه)) (فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ) وروى ابن حبَّان عن أبي هريرة ☺: ما أرى يُحسِنُ محمدٌ إلَّا ما كنتُ أكتب له (فَأَمَاتَهُ اللَّهُ) وفي رواية ثابت: ((فما لبث أن قصمَ الله عنقه فيهم)) (فَدَفَنُوهُ فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ) أي: طرحته ورمته من القبرِ إلى الخارج، وحُكِي فتح الفاء وكسرها. قال القزاز في «جامعه»: كلُّ ما طرحته من يدك فقد لفظته، ولا يُقال بكسر الفاء وإنما يُقال بالفتح (الأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ) وفي رواية الإسماعيلي: ((لما لم يرضَ دينهم)) (نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقُوهُ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَحَفَرُوا لَه وَأَعْمَقُوا) ويروى: <وأعمقوا له> بزيادة: «له» (فِي الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ) وفي رواية ثابت: ((فتركوه منبوذاً)).
          ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إنَّه ظهرت معجزة النَّبي صلعم في لفظ الأرض إيَّاه مرَّات لأنَّه لما ارتدَّ، عاقبه الله تعالى بذلك لتقومَ الحجَّة على من يراه، ويدلُّ على صدق النَّبي صلعم ، والحديث من أفراد البخاري.