نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: عطش الناس يوم الحديبية والنبي بين يديه

          3576- (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) التَّبوذكي، قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ) أبو زيد القسملي المروزي، سكن البصرة، قال: (أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين، ابن عبد الرَّحمن السُّلمي الكوفي (عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ) بفتح الجيم وسكون العين المهملة، واسم أبي جعد: رافع الأشجعي الكوفي.
          (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ☻ ) أنَّه (قَالَ: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ) وهي غزوة الحديبية، وكانت في ذي القعدة سنة ستٍّ بلا خلاف، والحُديبية _بضم الحاء المهملة_ مثال دُويهية، وهي بئرٌ على مرحلة من مكَّة ممَّا يلي المدينة.
          وقال الخطَّابي: سمِّيت الحديبية بشجرةٍ حَدْباء كانت هناك.
          وقال ابنُ إسحاق: خرجَ رسول الله صلعم في ذي القعدة مُعتمراً لا يُريد حرباً، وخرج معه من المهاجرين والأنصار ومن لحقِ به من العرب، وكان معه من الهدي سبعين بدنة، وكانوا خمس عشرة مائة، على ما ذكره جابر ☺.
          وعن البراء: كنَّا مع النَّبي صلعم أربع عشرة مائة، رواه البخاري أيضاً، كما سيأتي في الحديث الآتي [خ¦3577]. وقال ابنُ إسحاق: كانوا سبعمائة، وإنما قال ذلك تفقُّهاً من تلقاءِ نفسه من حيث إنَّ البُدن كانت سبعين بدنة.
          (وَالنَّبِيُّ صلعم بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ) بفتح الراء، هي إناءٌ صغيرٌ من جلدٍ يُشرب منها الماء، والجمع: ركي (فَتَوَضَّأَ فَجَهَشَ النَّاسُ) بفتح الجيم والهاء بعدها شين معجمة، وهو فعلٌ ماض، والنَّاس فاعله، ومعناه: أسرعوا.
          (نَحْوَهُ) لأخذِ الماء، والفاء في أوَّله رواية الكُشميهني، وفي رواية غيره: بدون الفاء. وقال الكرمانيُّ: وجهشَ، من الجهش، وهو أن يفزعَ الإنسانُ إلى غيره، ويريد: البُكاء كالصَّبي يفزعُ إلى أمَّه، وقد تهيَّأ للبُكاء.
          (قَالَ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ / وَلاَ نَشْرَبُ إِلاَّ مَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَثُورُ) بالمثلثة في رواية الأكثرين، وفي رواية الكُشميهني: بالفاء، وهما بمعنى واحد (بَيْنَ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ، فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا. قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً) كان القياس أن يقال: ألفاً وخمسمائة، لكن قد تستعمل بترك الألف واعتبار المئات أيضاً، وكذا الكلام في رواية البراء: كنَّا بالحديبية أربع عشرة مائة [خ¦3577]، ثمَّ إنَّه وقع في «الأشربة» من طريق الأعمش عن سالم أنَّ ذلك لما حضرتْ صلاة العصر [خ¦5639].
          ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرةٌ، وقد أخرجه البُخاري في «المغازي» أيضاً [خ¦4152]، وأخرجه «مسلم» فيه، والنَّسائي في «الطَّهارة» و«التَّفسير».