نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: أما بعد فإن الناس يكثرون ويقل الأنصار

          3628- (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَنْظَلَةَ) بفتح الحاء المهملة وسكون النون وفتح الظاء المعجمة وباللام، ابن أبي عامر الرَّاهب، وقد مرَّ في «الجمعة» [خ¦927] (ابْنِ الْغَسِيلِ) ويروى: <حنظلة الغسيل> بدون لفظ: «ابن»، وكلاهما صحيحٌ، ولكن بشرط أن يُرَفعَ الابنُ على أنَّه صفة لعبد الرَّحمن وهو مشهورٌ بابن الغسيل، وحنظلة ☺ من ساداتِ الصَّحابة ♥ ، وهو معروف / بغسيلِ الملائكة، قالوا: لما استشهدَ بأُحُد قال النَّبي صلعم : ((ماتَ حنظلة، وأنَّه غسَّلت الملائكة فسألوا امرأته، فقالت: سمعَ الهَيْعة، وهو جنبٌ فلم يتأخَّر للاغتسال، وكان يوم أُحد فقاتل حتَّى قُتِل)) قتله أبو سفيان ابن حرب، وقال: حنظلةُ بحنظلة؛ يريد: ابنه حنظلة المقتول ببدرٍ، فلمَّا قُتِل شهيداً أخبر رسولُ الله صلعم بأنَّ الملائكة غسَّلته فسمِّي: حنظلة الغسيل.
          (أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ ) أنَّه (قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِمِلْحَفَةٍ قَدْ عَصَّبَ بِعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ) قال الخطَّابي: أي: بعصابة سوداء (حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّ الأَنْصَارُ حَتَّى يَكُونُوا فِي النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ) وجه التَّشبيه الإصلاح بالقليلِ دون الإفساد بالكثير، كما في قولهم النَّحو في الكلام كالملحِ في الطَّعام، أو كونه قليلاً بالنَّسبة إلى سائرِ أجزاء الطَّعام.
          (فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ شَيْئاً يَضُرُّ فِيهِ قَوْماً، وَيَنْفَعُ فِيهِ آخَرِينَ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ) قال ابن عبَّاس ☻ (فَكَانَ) أي: فكانَ ذلك المجلس (آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَ بِهِ النَّبِيُّ صلعم ) ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إنَّه صلعم أخبرَ بكثرة النَّاس وقلَّة الأنصار بعدَه، وأنَّ منهم من يتولَّى أمور النَّاس، وأنَّه وصَّىَ إليهم بما وصَّى.
          وقد أخرجه في «الجمعة» [خ¦927]، وقد مرَّ الكلام فيه هناك.