نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: لا بأس طهور إن شاء الله

          3616- (حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ) قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ المُخْتَار) بالخاء المعجمة الأنصاري، الدَّباغ، وقد مرَّ في «الصَّلاة» [خ¦447]، قال: (أَخْبَرَنَا خَالِدٌ) هو: ابنُ مهران الحذاء (عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ : أَنَّ النَّبِيَّ صلعم دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ) قال الزمخشريُّ في «ربيع الأبرار»: اسمُ هذا الأعرابي: قيس، فقال في باب الأمراض والعلل: دخل النَّبي صلعم على قيس بن أبي حازم يعوده، فذكر القصة.
          وقال الحافظُ العسقلاني: ولم أرَ تسميتَه لغيره، فهذا إن كان محفوظاً فهو غير قيس بن أبي حازم أحد المخضرمين؛ لأنَّ صاحب القصَّة مات في زمن النَّبي صلعم وقيس لم يرَ النَّبي صلعم ، ولكن أسلم في حياته، ولأبيه صُحبة وعاش بعده دهراً طويلاً.
          (قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صلعم إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ، قَالَ: لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَالَ: لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) وقوله: إن شاء الله، بمعنى الدُّعاء، وقوله: يعوده في الموضعين جملة حالية (قَالَ) أي: الأعرابي (قُلْتَ) خطاب للنَّبي صلعم (طَهُورٌ كَلاَّ) أي: ليس بطهور، فأبى وسخطَ، فلا جرم أماته الله (بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ أَوْ تَثُورُ) شكَّ الراوي هل هو بالفاء أو بالمثلثة، وكلاهما بمعنى.
          (عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ تُزِيرُهُ الْقُبُورَ) بضم المثناة الفوقية، من أزاره إذا حمل على الزِّيارة (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : فَنَعَمْ إِذاً) / أي: نعم أزاره القبور حينئذٍ، ويجوز أن يكون الشارع قد علم أنَّه سيموت من مرضه، فقوله: طهور وإن شاء الله دعاء له بتكفيرِ ذنوبه، ويجوز أن يكون أخبر بذلك قبل موته بعد قوله.
          وقال صاحب «التوضيح» في قوله: «لا بأس طهور»، فيه دَلالة على أن الطَّهور هو المُطهِّر خلافاً لأبي حنيفة في قوله: الطَّهور هو الطَّاهر.
          وتعقَّبه العيني حيث قال: ليت شعري من نقلَ هذا عن أبي حنيفة، وكيف يقول ذلك والطَّهور صيغة مبالغة، فإذا كان بمعنى: طاهر يفوت المقصود.
          ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إن الأعرابيَّ لما ردَّ على النَّبي صلعم قوله: ((لا بأس طهور إن شاء الله)) مات على وفق ما قاله صلعم ، وهذا من علامات نبوته صلعم .
          وقال الحافظُ العسقلاني: ووجه دخوله في هذا الباب أنَّ في بعض طُرقه زيادة تقتضِي إيراده في «علامات النُّبوة» أخرجه الطَّبراني وغيره من رواية شرحبيل والد عبد الرَّحمن، فذكر نحو حديث ابن عبَّاس ☺، وفي آخره: فقال النَّبي صلعم : ((أمَّا إذا أبيت فهي كما تقول، وقضاءُ الله كائنٌ، فما أمسى من الغد إلَّا ميتاً))، وبهذه الزيادة يظهر دخول هذا الحديث في هذا الباب.
          قال: وعجبت للإسماعيلي كيف نبه على مثل ذلك في قصة ثابت بن قيس وأغفله هنا، انتهى.
          وقال العيني: إن الذي ذكره هو حاصل قوله: ((فنعم إذاً))، وتوجيه المطابقة من نفس الحديث أوجه من توجيهها من حديث آخر، هل البخاري وقف عليه أم لا، وهل هو على شروطه أم لا؟
          هذا والحديث قد أخرجه البخاري في «الطب» [خ¦5662] و«التوحيد» أيضاً [خ¦7470]، وأخرجه النَّسائي في «الطب» وفي ((اليوم والليلة)).