نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم ثم يقول الحجر: يا مسلم

          3593- (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ) بفتح الحاء والكاف (ابْنُ نَافِعٍ) أبو اليمان، قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ) أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ☻ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلعم ، يَقُولُ: تُقَاتِلُكُمُ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَقُولُ الْحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي) أي: اختبئ خلفي (فَاقْتُلْهُ) وفي رواية أحمد من طريق أُخرى عن سالم عن أبيهِ: «ينزل الدَّجَّال هذه السَّبخة»؛ أي: خارج المدينة، «ثمَّ يُسلِّط الله عليه المسلمين فيقتلون شيعتَه حتى إن اليهوديَ ليختبئ تحت الشَّجرة والحجر، فيقول الحجرُ والشَّجرة للمسلم: هذا يهوديٌّ فاقتله».
          وعلى هذا فالمراد بقتال اليهود وقوعُ ذلك عند خروج الدَّجال ونزولِ عيسى ◙، كما وقع صريحاً في حديث أبي أُمامة ☺ في قصَّة خروج الدَّجال ونزولِ عيسى ◙.
          وفيه: يتبع الدَّجَّال سبعون ألف يَهودي كلهم ذو سيف محلَّى، فيدركه / عيسى ◙ عند باب لدٍّ فيقتله وينهزم اليهودُ، فلا يبقَى شيءٌ ممَّا يتوارى به يهودي إلَّا أنطق الله ذلك الشَّيء، فقال: يا عبد الله المسلم هذا يهوديٌّ فتعالَ فاقتله إلَّا الغرقد فإنَّها من شجرهم، أخرجه ابن ماجه مطولاً.
          وأصله عند أبي داود ونحوه في حديث سَمُرة عند أحمد بإسنادٍ حسنٍ، وأخرجَه ابنُ منده في كتاب «الإيمان» من حديث حذيفة ☺ بإسنادٍ صحيحٍ.
          وفي الحديث: ظهور الآيات قربَ قيام السَّاعة من كلام الجماد من شجرٍ وحجرٍ، وظاهره أن ذلك ينطقُ حقيقة، ويحتمل المجاز بأن يكون المراد أنَّهم لا يُفيدهم الاختباء، والأوَّل أولى، وفيه: أنَّ الإسلام يَبقى إلى يوم القيامة.
          وفي قوله صلعم : ((تقاتلكُم اليهود)) جواز مخاطبة الشَّخص،والمرادُ مَنْ هو منه بسبيلٍ؛ لأنَّ الخطاب كان للصَّحابة ♥ ، والمراد: من يأتي بعدهُم بدهرٍ طويل، لكن لما كانوا مُشتركين مَعهم في أصل الإيمان ناسب أنْ يخاطبوا بذلك.
          ومطابقةُ الحديث للترجمةِ من حيث إنَّ فيه إخباراً عن أمرٍ سيقعُ وهو من علامات نبوَّته صلعم .