نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: أتي النبي بإناء وهو بالزوراء

          3572- (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) قال: (أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ) هو: محمدُ بن أبي عدي، واسم أبي عدي: إبراهيمُ البصري (عَنْ سَعِيدٍ) هو: ابنُ أبي عَرُوبة (عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ ☺) قال الحافظُ العسقلانيُّ: لم أرهُ في رواية قتادة إلَّا معنعناً، لكن بقيَّة الخبرِ يدلُّ على أنَّه سمعه من أنس ☺ لقوله: «قلت: كم كنتُم» لكن أخرجَه أبو نُعيم في «الدلائل» من طريق مكِّي بن إبراهيم عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن أنس ☺، فإن كان هذا محفوظاً اقتضى في رواية الصَّحيح انقطاعاً، وليس كذلك لأنَّ مكِّي بن إبراهيم ممَّن سمع من سعيد بن أبي عَروبة بعد الاختلاط.
          (قَالَ أُتِيَ) على البناء للمفعول (النَّبِيُّ صلعم بِإِنَاءٍ وَهْوَ بِالزَّوْرَاءِ) جملة حالية، والزَّوراء: بتقديم الزاي على الراء وبالمد، موضع معروف بالمدينة عند السوق.
          وزعم الدَّاودي أنه كان مرتفعاً كالمنارة، وكأنه أخذه من أمر عثمان ☺ بالتَّأذين على الزَّوراء، وليس ذلك بلازم بل الواقع أنَّ المكان الذي أمر عثمان ☺ بالتَّأذين فيه كان بالزَّوراء لا أنَّه الزَّوراء نفسها. ووقع في رواية همام عن قتادة عن أنس ☺: شهدتُ النَّبي صلعم مع أصحابه عند الزَّوراء، أو عند بيوت المدينة. أخرجه أبو نُعيم، وعند أبي نُعيم من رواية شريك بن نمر / عن أنس ☺ أنَّه هو الذي أحضر الماء، وأنَّه أحضره إلى النَّبي صلعم من بيت أمِّ سلمة ♦ وأنه ردَّه بعد فراغهم إلى أمِّ سلمة ♦ وفيه قدر ما كان أولاً.
          (فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ) إمَّا أنَّه يخرجُ من نفس الأصابع وينبعُ من ذاتها، وإمَّا أنَّه يكثر في ذاتهِ فيفورُ من بين أصابعه وهو أعظمُ في الإعجازِ من نبعه من الحجر؛ لأنَّ خروج الماء من الحجارةِ معهودٌ بخلاف خروجهِ من بين اللَّحم والدَّم، ويجوزُ في باء «ينبُع» الضم والفتح والكسر.
          (فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ. قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لأَنَسٍ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: ثَلاَثَمِائَةٍ أَوْ زُهَاءَ ثَلاَثِمِائَةٍ) بضم الزاي وبالمد؛ أي: قدر ثلاثمائة، مأخوذ من زهوتُ الشَّيء إذا حصرته، ووقع عند الإسماعيليِّ من طريق خالد بن الحارث عن سعيد قال: ثلاثمائة، بالجزم بدون قوله: «زهاء».
          ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرةٌ.