-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
أبواب سترة المصلي
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب الجماعة والإمامة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
كتاب جزاء الصيد
-
أبواب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب فرض الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
قول الله تعالى يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى
-
باب
-
باب مناقب قريش
-
باب: نزل القرآن بلسان قريش
-
باب نسبة اليمن إلى إسماعيل
-
باب
-
باب ذكر أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع
-
باب: ابن أخت القوم ومولى القوم منهم
-
باب: قصة زمزم
-
باب ذكر قحطان
-
باب ما ينهى من دعوة الجاهلية
-
باب قصة خزاعة
-
باب قصة زمزم وجهل العرب
-
باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية
-
باب قصة الحبش
-
باب من أحب أن لا يسب نسبه
-
باب ما جاء في أسماء رسول الله
-
باب خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم
-
باب وفاة النبي
-
باب كنية النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب
-
باب خاتم النبوة
-
باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب: كان النبي تنام عينه ولا ينام قلبه
-
باب علامات النبوة في الإسلام
-
حديث: يا فلان ما يمنعك أن تصلي معنا؟
-
حديث: أتي النبي بإناء وهو بالزوراء
-
حديث: رأيت رسول الله وحانت صلاة العصر
-
حديث: خرج النبي في بعض مخارجه ومعه ناس من أصحابه
-
حديث: حضرت الصلاة فقام من كان قريب الدار
-
حديث: عطش الناس يوم الحديبية والنبي بين يديه
-
حديث: كنا يوم الحديبية أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحناها
-
حديث: هلمي يا أم سليم ما عندك
-
حديث: حي على الطهور المبارك والبركة من الله
-
حديث جابر: أن أباه توفي وعليه دين فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم
-
حديث عبد الرحمن بن أبي بكر: من كان عنده طعام اثنين
-
حديث: أصاب أهل المدينة قحط على عهد رسول الله
-
حديث ابن عمر: كان النبي يخطب إلى جذع فلما اتخذ
-
حديث: أن النبي كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة
-
حديث: كان المسجد مسقوفًا على جذوع من نخل
-
حديث: فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصدقة
-
حديث أبي هريرة: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا نعالهم الشعر
-
حديث: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزًا وكرمان من الأعاجم
-
حديث: بين يدي الساعة تقاتلون قومًا نعالهم الشعر
-
حديث: بين يدي الساعة تقاتلون قومًا ينتعلون الشعر
-
حديث: تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم ثم يقول الحجر: يا مسلم
-
حديث: يأتي على الناس زمان يغزون، فيقال: فيكم
-
حديث: فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة
-
حديث: إني فرطكم وأنا شهيد عليكم إني والله لأنظر إلى
-
حديث: هل ترون ما أرى؟إني أرى الفتن تقع خلال بيوتكم
-
حديث زينب: لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب
-
حديث: يأتي على الناس زمان تكون الغنم فيه خير مال المسلم
-
حديث أبي هريرة: ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم
-
حديث: ستكون أثرة وأمور تنكرونها
-
حديث: يهلك الناس هذا الحي من قريش
-
حديث: هلاك أمتي على يدي غلمة من قريش
-
حديث: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر
-
حديث: تعلم أصحابي الخير وتعلمت الشر
-
حديث: لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان دعواهما واحدة
-
حديث: لا تقوم الساعة حتى يقتتل فتيان فيكون بينهما مقتلة عظيمة
-
حديث: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت
-
حديث: يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام
-
حديث: كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه
-
حديث: اذهب إليه فقل له إنك لست من أهل النار
-
حديث: اقرأ فلان فإنها السكينة نزلت للقرآن أو تنزلت للقرآن
-
حديث أبي بكر في الهجرة
-
حديث: لا بأس طهور إن شاء الله
-
حديث: ما يدري محمد إلا ما كتبت له فأماته الله فدفنوه
-
حديث: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده
-
حديث جابر: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده
-
حديث: بينما أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب
-
حديث: رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل
-
حديث: أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي
-
حديث: دعا النبي فاطمة ابنته في شكواه الذي قبض فيه
-
حديث: كان عمر بن الخطاب يدني ابن عباس
-
حديث: أما بعد فإن الناس يكثرون ويقل الأنصار
-
حديث: ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين
-
حديث أنس: أن النبي نعى جعفرًا وزيدًا قبل أن يجيء خبرهم وعيناه
-
حديث: أما إنه سيكون لكم الأنماط
-
حديث: والله لئن منعتني أن أطوف بالبيت لأقطعن متجرك بالشام
-
حديث: أنبئت أن جبريل أتى النبي وعنده أم سلمة
-
حديث: رأيت الناس مجتمعين في صعيد فقام أبو بكر
-
حديث: يا فلان ما يمنعك أن تصلي معنا؟
-
باب قول الله تعالى: {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم}
-
باب سؤال المشركين أن يريهم النبي آية فأراهم انشقاق القمر
-
باب
-
قول الله تعالى يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
3586- (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) قال: (أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ) هو محمد بن أبي عدي، بل هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي أبو عمرو البصري واسم أبي عدي: إبراهيم أيضاً (عَنْ شُعْبَةَ ح) تحويل من سند إلى آخر (وَحَدَّثَنَا) قد مر أن الأولى حذف الواو وبعد حاء التحويل (بِشْرُ) بكسر الموحدة وسكون المعجمة (بْنُ خَالِدٍ) أبو محمد العسكري الفرائضي قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّد عَنْ شُعْبَةَ / عَنْ سُلَيْمَان) أي: ابن مهران الأعمش أنه قال: (سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ) شقيق بن سلمة (يُحَدِّثُ عَنْ حُذَيْفَةَ) أي: ابن اليمان العبسي ☺ صاحب سرِّ رسول الله صلعم .
(أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ☺ قَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ النَّبِيِّ صلعم فِي الْفِتْنَةِ) وفي رواية يحيى القطَّان عن الأعمش في «الصَّلاة» [خ¦525]: ((كنَّا جلوساً عند عمر ☺ فقال: أيُّكم)) والمخاطب بذلك الصَّحابة ♥ . ففي رواية ربعِي عن حذيفة ☺ أنَّه قدم من عند عمر ☺ فقال: سألَ عمر أمس أصحابَ محمد صلعم : أيُّكم سمع قولَ رسول الله صلعم في الفتنةِ.
والمراد بالفتنةِ ما يعرض الإنسان مع ما ذُكر من الشَّر، أو أن يأتي لأجل النَّاس بما لا يحلُّ له، أو يخلُّ بما يجبُ عليه.
(فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا أَحْفَظُ كَمَا قَالَ) صلعم ، وفي رواية البخاري في «الزكاة» [خ¦1435]: ((أنا أحفظه كما قاله)) (قَالَ: هَاتِ) تقول: هاتِ يا رجل _بكسر التاء_؛ أي: أعطني، وللاثنين هاتيا: مثل آتيا، وللجمع: هاتوا، وللمرأة: هاتي، وللمرأتين: هاتيا، وللنِّساء: هاتين، مثل: عاطين. قال الخليل: أصل هات: آتٍ من آت يؤتي، فقلبت الألف هاء.
(إِنَّكَ لَجَرِيءٌ) وفي «الزكاة»: ((إنَّك عليه لجريء)) فكيف وهو من الجراءة، وهو الإقدام على الشَّيء من غير تخوف.
(قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم : فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ) بالميل إليهنَّ، أو الجور عليهنَّ في القَسْمِ والإنفاق والإيثار حتَّى في أولادهنَّ، ومن جهة التَّفريط في الحقوق الواجبة لهنَّ (وَمَالِهِ) بالاشتغال به عن العبادة، أو بحبسهِ عن إخراج حقِّ الله تعالى (وَجَارِهِ) بالحسدِ والمفاخرةِ والمزاحمةِ في الحقوق وإهمال التَّعاهد، وزاد في «الصلاة» [خ¦525]: ((وولده)) والفتنة فيه بالميل الطَّبيعي إليه وإيثارهِ على كلِّ أحدٍ، بل على نفسه.
(تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ) وزاد في «الصلاة»: ((والصَّوم)). قال بعضُ الشُّراح: يحتمل أن يكون كلُّ واحدٍ من الصَّلاة وما معها مكفِّرة للمذكورات كلِّها لا لكلِّ واحدٍ منها، وأن يكون من باب اللَّف / والنَّشر، بأن الصَّلاة مثلاً مكفِّرة للفتنة في الأهل والصَّوم في الولد... إلى آخره.
واستشكلَ ابنُ أبي جمرة وقوع التَّكفير بالمذكورات للوقوعِ في المحرَّم، أو الإخلال بالواجب لأنَّ الطَّاعات لا تسقطُ ذلك فإن حمل على الوقوع في المكروهِ بالمستحبِّ لم يناسبْ إطلاق التَّكفير.
والجواب: التزامُ الأوَّل وأنَّ الممتنع من تكفيرِ الحرام، والواجب ما كان كبيرة فهي التي فيها النِّزاع، وأما الصَّغائر فلا نزاعَ في أنها تكفَّر لقول الله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء:31].
وقد مضى شيءٌ من البحث في كتاب «الصَّلاة» [خ¦525] [خ¦528]، ثم أسباب الفتنة غير منحصرة فيما ذكر من الأمثلة، وكذلك التَّكفير لا يختصُّ بالأربع المذكورات، بل كلُّ ما شغلَ صاحبه عن الله تعالى فهو فتنة له، وكذلكَ سائرُ العباداتِ والطَّاعات مكفِّرة، قال الله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود:114].
وتخصيصُ هذه الأربع دون سائر العباداتِ إشارة إلى تعظيمِ قدرها؛ لأنَّ غيرها من الحسناتِ ليس فيها صاحبة التَّكفير. وفيه أيضاً: تنبيه على ما عداها فإنَّ العبادات إمَّا بدنيَّة، أو ماليَّة، أو قوليَّة فذكرَ من عبادةِ الأفعال: الصَّلاة والصِّيام، ومن عبادةِ المال الصَّدقة، ومن عبادةِ الأقوالِ: الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، ثمَّ إنَّ التَّكفير يحتمل أن يقعَ بنفس فعلِ الحسنات المذكورة.
ويحتملُ أن تقعَ بالموازنةِ والأوَّل أظهرُ، والله تعالى أعلم.
وقال ابنُ أبي جمرة: خصَّ الرجل بالذِّكر لأنَّه في الغالب صاحب الحكم في دار أهلهِ وإلَّا فالنِّساء شقائقُ الرِّجال في الحكم.
(قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ) أي: ليست الفتنة التي أُريدها هذه (وَلَكِنِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ) أي: ولكن أُريد الفتنة التي تموجُ كموج البحرِ صرَّح بذلك في الرِّواية التي في «الصَّلاة» [خ¦525]، ويحتملُ الرفع؛ أي: مرادِي الفتنة التي تموجُ كموج البحر؛ أي: تضطربُ اضطراب البحرِ عند هيجانه. وكُنِّي بذلك عن شدَّة المخاصمةِ وكثرةِ المنازعة، وما ينشأُ عن ذلك / من المشاتمةِ والمقاتلة (قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ) أي: قال حذيفةُ ☺ لعمر ☺: يا أميرَ المؤمنين.
(لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا) أي: من هذه الفتنة التي تموج كموج البحر، وزاد في رواية ربعي: ((تعرض الفتنُ على القلوب فأيُّ قلبٍ أنكرها نُكتت فيه نُكتة بيضاء، وأيُّ قلبٍ أشربها نُكتت فيه نُكتة سوداءُ، حتى تصيرَ القلوبُ على قلبين أبيض في صفاء الزُّجاج لا تضره فتنة ما دامت السَّماوات والأرض، والآخر أسود كالكوزِ مُجَخَّياً لا يعرف معروفاً ولا يُنكر منكراً)).
(إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَاباً مُغْلَقاً) أي: لا يخرج منها شيءٌ في حياتك. قال ابنُ المُنيِّر: آثر حذيفة ☺ الحرصَ على حفظ السرِّ، ولم يصرِّح لعمر ☺ بما سألَ عنه، وإنما كنى كناية، وكأنَّه كان مأذوناً له في ذلك.
وقال النَّووي: يحتمل أن يكون حذيفة ☺ علم أنَّ عمر ☺ يُقتل، ولكنَّه كره أن يخاطبَه بالقتل؛ لأنَّ عمر ☺ كان يعلم أنَّه الباب فأتى بعبارة يحصل بها المقصود بغير تصريحٍ بالقتلِ، انتهى.
إلَّا أنَّ في لفظ ربعي ما يعكِّر على ذلك كما سيجيء، وفي تمثيل الفتن بالدَّار وحياة عمر ☺ بالباب الذي لها غلق، وموته بفتح ذلك الباب إشارة إلى أنَّه ما دامتْ حياة عمر ☺ موجودةٌ وهي الباب المُغلق لا يخرج من داخل تلك الدَّار شيءٌ، فإذا ماتَ فقد انفتحَ ذلك الباب فخرج ما في تلك الدَّار.
(قَالَ) أي: عمر ☺ (يُفْتَحُ ذَلِكَ الْبَابُ أَوْ يُكْسَرُ؟ قَالَ: لاَ، بَلْ يُكْسَرُ) أي: قال حذيفة ☺: لا يفتح بل يُكسر (قَالَ) أي: عمر ☺: (ذَلكَ أَحْرَى أَنْ لاَ يُغْلَقَ) وفي «الصِّيام»: ذلك أجدر أن لا يُغلق إلى يوم القيامة [خ¦1895].
قال ابنُ بطَّال: إنما قال ذلك؛ لأنَّ العادة أنَّ الغلق إنما يقعُ في الصَّحيح، فأمَّا ما انكسرَ فلا يُتصوَّر غلقه حتى يُجبرَ، انتهى.
ويحتمل أن يكون كنَّى عن الموت بالفتحِ، وعن القتلِ بالكسر، ولهذا قال في رواية ربعي: فقال عمر: كسراً لا أبا لك، وقد وقع في روايته أيضاً: وحدَّثته أن ذلك الباب رجل يُقتل، وقيل: إنما قال عمر ☺ ذلك اعتماداً على ما عندَه من النُّصوص الصَّريحة في وقوعِ الفتن في هذه الأمَّة ووقوعِ البأس بينهم إلى يوم القيامة. /
وسيأتي في «الاعتصام» [خ¦7313] حديث جابر في قوله تعالى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام:65]، وقد وافقَ حذيفة على معنى روايته أبو ذرٍّ ☺، فروى الطَّبراني بإسناد رجاله ثقاتٌ: أنَّه لقيَ عمر ☺ فأخذ بيدهِ فغمزها، فقال له أبو ذر: أرسل يدي يا قفلَ الفتنة... الحديث. وفيه: أنَّ أبا ذرٍّ ☺ [قال]: لا يصيبكم فتنة ما دام فيكم. وأشار إلى عمر ☺.
وروى البزَّار من حديث قُدامة بن مَظْعون عن أخيه عثمان ☺ أنَّه قال لعمر ☺: يا غلق الفتنة، فسأله عن ذلك فقال: مرَّ ونحن جلوسٌ مع النَّبي صلعم فقال: ((هذا غلقُ الفتنةِ لا يزال بينكم وبين الفتنة باب شديد الغَلْق ما عاش)).
(قُلْنَا: عَلِمَ) أي: عمر ☺ (الْبَابَ؟ قَالَ: نَعَمْ) وفي رواية جامع بن شدَّاد: فقلنا لمسروق: سلْه أكانَ عمر ☺ يعلمُ مَن الباب؟ فسأله، فقال: نعم. وفي رواية أحمد عن وكيع عن الأعمش فقال: مسروق لحذيفة ☺: يا أبا عبد الله كان عمر ☺ يعلم؟
(كَمَا أَنَّ دُوْنَ غَدٍ اللَّيْلَة) أي: أنَّ ليلة غدٍ أقرب إلى اليوم من غدٍ (إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثاً لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ) هو بقيَّة كلام حذيفة ☺، والأغاليط: جمع أُغْلوطة وهي ما يُغالط به؛ أي: حدَّثته حديثاً صدْقاً محقَّقاً من كلام النَّبي صلعم لا عن اجتهادٍ ولا رأي.
وقال ابنُ بطَّال: إنما علم عمر ☺ أنَّه الباب؛ لأنَّه كان مع النَّبي صلعم على حراء، وأبو بكر وعثمان ♥ فرجفَ فقال صلعم : ((اثبتْ فإنما عليكَ نبيٌّ وصدِّيقٌ وشهيدان))، أو فهم ذلك من قول حذيفة ☺ بل يكسر، انتهى.
والذي يظهرُ أنَّ عمر ☺ علم الباب بالنَّص كما تقدَّم عن عثمان بن مَظعون وأبي ذرٍّ ☻ ، فلعلَّ حذيفة حضر ذلك.
وقد تقدَّم في «بدء الخلق» حديث عمر ☺ أنَّه سمع خطبة النَّبي صلعم يحدِّث عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم [خ¦3192].
وسيأتي في هذا الباب حديث حذيفة ☺ أنَّه قال: أنا أعلم النَّاس / بكلِّ فتنةٍ هي كائنةٌ فيما بيني وبين الساعة، وفيه: أنَّه سمع ذلك معه من النَّبي صلعم جماعة ماتوا قبله.
فإن قيل: إذا كان عمر ☺ عارفاً بذلك فلم شكَّ فيه حتى سأل عنه؟
فالجواب: أنَّ ذلك يقعُ مثله عند شدَّة الخوف، ولعلَّه خشيَ أن يكونَ نسيَ فسألَ من يذكِّره، وهذا هو المعتمد.
(فَهِبْنَا) بكسر الهاء، على وزن: خفنا لفظاً ومعنى، وهذا من كلام أبي وائل؛ أي: فخفنا (أَنْ نَسْأَلَهُ) أي: حذيفة ☺، ودلَّ ذلك على حسنِ تأدُّبهم مع كبارهم (وَأَمَرْنَا مَسْرُوقاً) هو: ابنُ الأجدع من كبار التَّابعين، وكان من أخصِّ أصحاب ابنِ مسعود ☺ وحذيفة وغيرهما من كبار الصَّحابة ♥ .
(فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: مَنِ الْبَابُ؟ قَالَ: عُمَرُ) فإن قيل: كيف تفسير الباب بأنَّه عمر بعد قوله: إنَّ بينك وبينها باباً مُغلقاً، والمخاطبُ هو عمر ☺ بعد قوله؟
فالجواب: أنَّ في الأول تجوُّزاً، والمراد بين الفتنة وبين حياة عمر، أو بين نفس عمر وبين الفتنة بدنُه؛ لأنَّ البدن غير النفس.
والحديث قد مرَّ في أوائل «كتاب مواقيت الصلاة»، في باب: «الصلاة كفارة» [خ¦525].
ومطابقته للترجمة من حيث إنَّ فيه إخبار النَّبي صلعم عن الأمور الآتية قبل وقوعِهَا فوقعتْ على وفْق ما أخبرَ به وهي من علامات النُّبوة.