إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن رسول الله كان ينزل بذي الحليفة حين يعتمر

          484- 485- 486- 487- 488- 489- 490- 491- 492- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ) بكسر الذَّال المُعجَمة، ابن عبد الله المدينيُّ الحِزاميُّ بكسر الحاء المُهمَلة وبالزَّاي (قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ) بكسر العين المُهمَلة آخره مُعجَمةٌ، المدنيُّ، المُتوفَّى سنة ثمانين ومئةٍ (قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ) ولأبوي ذَرٍّ والوقت: ”أنَّ عبد الله بن عمر“ وللأَصيليِّ: ”يعني: ابن عمر“ (أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم كَانَ يَنْزِلُ بِذِي الحُلَيْفَةِ) بضمِّ الحاء المُهمَلة وفتح اللَّام، الميقات المشهور لأهل المدينة (حِينَ يَعْتَمِرُ، وَفِي حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ) حجَّة الوادع (تَحْتَ سَمُرَةٍ) بفتح المُهمَلة وضمِّ الميم، أمِّ غيلان، وشجر الطَّلح ذات الشَّوك(1) (فِي مَوْضِعِ المَسْجِدِ الَّذِي بِذِي الحُلَيْفَةِ) وفي نسخةٍ: ”الَّذي كان بذي الحُلَيفة“ (وَكَانَ) ╕ / (إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوٍ كَانَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ) أي: طريق الحديبية(2)، و«كان»: صفةٌ لـ «غزوٍ»، ولابن عساكر وأبي ذَرٍّ في نسخةٍ: ”غزوٍ وكان“ بالواو قبل الكاف، ولأبي ذر(3) والأَصيليِّ: ”غزوهِ كان“ بالهاء، فتذكير الضَّمير باعتبار تأويلها بسفرٍ، ولأبي(4) ذَرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي والأَصيليِّ: ”غزوةٍ وكان“ بتاء التَّأنيث والواو (أَوْ) كان (فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَبَطَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ) هو وادي العقيق، وسقط حرف الجرِّ عند أبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ وابن عساكر(5)، ولابن عساكر وحده: ”هبط من ظهر وادٍ“ بدل «من بطن وادٍ»(6) (فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ أَنَاخَ) راحلته (بِالبَطْحَاءِ) أي: بالمسيل الواسع المجتمع فيه دقاق الحصى من مسيل(7) الماء، وهي (الَّتِي عَلَى شَفِيرِ الوَادِي) بفتح الشِّين المُعجَمة، أي: طرفه (الشَّرْقِيَّةِ) صفةٌ لـ «بطحاء» (فَعَرَّسَ) بمُهمَلاتٍ مع تشديد الرَّاء، أي: نزل آخر اللَّيل للاستراحة (ثَمَّ) بفتح المُثلَّثة، أي: هناك (حَتَّى يُصْبِحَ) بضمِّ أوَّله، أي: يدخل في الصَّباح، وهي تامَّةٌ استغنت بمرفوعها (لَيْسَ عِنْدَ المَسْجِدِ الَّذِي بِحِجَارَةٍ، وَلَا عَلَى الأَكَمَةِ) بفتح الهمزة والكاف، الموضع المرتفع على ما حوله، أو تلٌّ من حجرٍ واحدٍ (الَّتِي عَلَيْهَا المَسْجِدُ، كَانَ ثَمَّ) بفتح المُثلَّثة: هناك (خَلِيجٌ) بفتح الخاء المُعجَمة وكسر اللَّام آخره جيمٌ، وادٍ له عمقٌ (يُصَلِّي عَبْدُ اللهِ) بن عمر (عِنْدَهُ، فِي بَطْنِهِ كُثُبٌ) بضمِّ الكاف والمُثلَّثة، جمع: كثيبٍ: رملٌ مجتمعٌ (كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم ثَمَّ) بفتح المُثلَّثة: هناك (يُصَلِّي)‼ قال البرماويُّ كالكِرمانيِّ: هو مُرسَلٌ من نافعٍ (فَدَحَا) بالحاء المهملة، أي: دفع (السَّيْلُ فِيهِ) ولأبي ذَرٍّ: ”فدحا فيه السَّيل“ (بِالبَطْحَاءِ حَتَّى دَفَنَ) السَّيل (ذَلِكَ المَكَانَ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللهِ) بن عمر (يُصَلِّي فِيهِ).
          (وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ) بالإسناد المذكور إليه: (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم صَلَّى حَيْثُ المَسْجِدُ الصَّغِيرُ) بالرَّفع صفةٌ لـ «مسجد» المرفوع بتقدير: «حيثُ» هو المسجد(8)، وحيث: لا تضاف إِلَّا إلى جملةٍ(9)، وفي بعض الأصول: ”صلَّى جَنْبَ المسجدِ“ بالجيم والنُّون والمُوحَّدة، وحينئذٍ فـ «المسجد» مجرورٌ بالإضافة (الَّذِي دُونَ المَسْجِدِ الَّذِي بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ) وهي قريةٌ جامعةٌ على ليلتين من المدينة، وتقدَّم أنَّ بينها وبين المدينة ستَّةً وثلاثين ميلًا (وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللهِ) بن عمر ☻ (يَعْلَمُ) بفتح أوَّله وثالثه وسكون ثانيه من العلم، ولأبوي ذَرٍّ والوقت: ”يُعْلِم“ بضمٍّ ثمَّ سكونٍ ثمَّ كسرٍ من العلامة، ولهما أيضًا: ”تَعَلَّم“ بمُثنَّاةٍ فوقيَّةٍ وتشديد اللَّام، مفتوحتين (المَكَانَ الَّذِي كَانَ صَلَّى) ولابن عساكر: ”الَّذي صلَّى“ (فِيهِ النَّبِيُّ صلعم ، يَقُولُ): المكان الموصوف (ثَمَّ) بفتح المُثلَّثة، هناك (عَنْ يَمِينِكَ حِينَ تَقُومُ فِي المَسْجِدِ تُصَلِّي، وَذَلِكَ المَسْجِدُ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ اليُمْنَى) بتخفيف الفاء، أي: على جانبه (وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَسْجِدِ الأَكْبَرِ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ).
          (وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي إِلَى العِرْقِ) بكسر العين وسكون الرَّاء المُهمَلتين وبالقاف، الجبل الصغير، أو عرق(10) الظَّبية، الوادي المعروف (الَّذِي) كان (عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ) بفتح الرَّاء فيهما، أي: عند آخرها (وَذَلِكَ العِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ) ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”انتهى طرفُه“ بالقصر ورفع «طرفه» (دُونَ) أي: قريب، أو تحت (المَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ المُنْصَرَفِ) بفتح الرَّاء (وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، وَقَدِ ابْتُنِيَ) بضمِّ المُثنَّاة الفوقيَّة مبنيًّا(11) للمفعول (ثَمَّ) أي: هناك (مَسْجِدٌ، فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللهِ يُصَلِّي) وللأَصيليِّ: ”فلم يكن عبد الله بن عمر يصلِّي“ (فِي ذَلِكَ المَسْجِدِ، كَانَ) وللأَصيليِّ: ”وكان“ (يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَوَرَاءَِهُ) بالنَّصب على الظَّرفيَّة بتقدير «في»، أو الجرِّ عطفًا على سابقه (وَيُصَلِّي أَمَامَهُ) أي: قدَّام المسجد (إِلَى العِرْقِ نَفْسِهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ) بن عمر (يَرُوحُ مِنَ الرَّوْحَاءِ، فَلَا يُصَلِّي الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ المَكَانَ، فَيُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ، وَإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ، فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ أَوْ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ) ما بين الفجر الكاذب والصَّادق، والفرق بينه وبين قوله: «قبل الصُّبح بساعةٍ» أنَّه أراد بآخر(12) السَّحر أقلَّ من ساعةٍ، وحينئذٍ فيغاير اللَّاحق السَّابق (عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا الصُّبْحَ).
          (وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ حَدَّثَهُ) بالسَّند / السَّابق إليه (أَنَّ النَّبِيَّ) ولابن عساكر: ”أنَّ(13) رسول الله“ ( صلعم كَانَ يَنْزِلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ) بفتح السِّين والحاء المُهمَلتين بينهما راءٌ ساكنةٌ: شجرةٍ (ضَخْمَةٍ) أي: عظيمةٍ (دُونَ الرُّوَيْثَةِ) بضمِّ الرَّاء وبالمُثلَّثة مُصغَّرًا: قريةٌ جامعةٌ بينها(14) وبين المدينة سبعة عشر فرسخًا (عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، وَوُِجَاهَ الطَّرِيقِ) بكسر الواو وضمِّها، أي: مقابلها، و«الهاء» خُفِضَ عطفًا على «يمينِ»، أو نُصِب على الظَّرفيَّة (فِي مَكَانٍ بَطْـِحٍ) بفتح المُوحَّدة وسكون المُهمَلة وكسرها(15): واسعٍ (سَهْلٍ، حَتَّى)‼ ولأبي الوقت(16) والأَصيليِّ وابن عساكر: ”حين“ (يُفْضِيَ) أي: يخرج ╕ (مِنْ أَكَمَةٍ) بفتح الهمزة والكاف والميم: موضعٌ مرتفعٌ (دُوَيْنَ بَرِيدِ الرُّوَيْثَةِ) بضمِّ الدَّال(17) وفتح الواو مُصغَّرًا، ولابن عساكر: ”دون الرُّوَيثة“ (بِمِيلَيْنِ) أي: بينه وبين المكان الَّذي ينزل فيه(18) البريد بالرُّوَيثة ميلان، أو «البريد»: الطَّريق (وَقَدِ انْكَسَرَ أَعْلَاهَا، فَانْثَنَى) بفتح المُثلَّثة مبنيًّا(19) للفاعل، أي: انعطف (فِي جَوْفِهَا، وَهِيَ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقٍ) كالبنيان، ليست متَّسعةً من أسفل (وَفِي سَاقِهَا كُثُبٌ) بكافٍ ومُثلَّثةٍ مضمومتين، جمع كثيبٍ، وهي(20) تلال رملٍ(21) (كَثِيرَةٌ).
          (وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ) بالسَّند المتقدِّم إليه: (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم صَلَّى فِي طَرَفِ تَلْعَةٍ) بفتح المُثنَّاة الفوقيَّة وسكون اللَّام وفتح العين المُهمَلة، مسيل الماء من فوق إلى أسفل، والهضبة فوق الكثيب في الارتفاع، و(22) دون الجبل (مِنْ وَرَاءِ العَرْجِ) بفتح العين وسكون الرَّاء المُهمَلتين آخره جيمٌ: قريةٌ جامعةٌ بينها(23) وبين الرُّوَيثة(24) ثلاثة عشر أو أربعة عشر ميلًا (وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى هَضْبَةٍ) بفتح الهاء وسكون الضَّاد المُعجَمة: جبلٌ منبسطٌ على وجه الأرض، أو ما طال واتَّسع وانفرد من الجبال (عِنْدَ ذَلِكَ المَسْجِدِ قَبْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، عَلَى القُبُورِ رَضْمٌ) بفتح الرَّاء وسكون المُعجَمة، وللأَصيليِّ: ”رَضَمٌ“ بفتحهما، أي: صخورٌ بعضها فوق بعضٍ (مِنْ حِجَارَةٍ، عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ سَلِمَاتِ الطَّرِيقِ) بفتح السِّين المُهمَلة وكسر اللَّام: صخرات، ولغير أبي ذَرٍّ والأَصيليِّ: ”سَلَمات“ بفتح اللَّام: شجرةٌ يُدبَغ بورقها الأديم (بَيْنَ أُولَئِكَ السَّلِمَاتِ، كَانَ عَبْدُ اللهِ) بن عمر ☻ (يَرُوحُ مِنَ العَرْجِ بَعْدَ أَنْ تَمِيلَ الشَّمْسُ بِالهَاجِرَةِ) نصف النَّهار عند اشتداد الحرِّ (فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فِي ذَلِكَ المَسْجِدِ).
          (وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ) بالسَّند السَّابق: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم نَزَلَ عِنْدَ سَرَحَاتٍ) بفتح الرَّاء، شجراتٍ (عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ، فِي مَسِيلٍ) بفتح الميم وكسر المُهمَلة: مكانٍ منحدرٍ (دُونَ هَرْشَى) بفتح الهاء وسكون الرَّاء وفتح الشِّين(25) المُعجَمة، مقصورٌ: جبلٌ على مُلتقَى طريق المدينة والشَّام، قريبٌ من الجحفة (ذَلِكَ المَسِيلُ لَاصِقٌ بِكُرَاعِ) بضمِّ الكاف، أي: بطرف (هَرْشَى) بفتح(26) الهاء وسكون الرَّاء وبالشِّين المُعجَمة، ثنيَّةٌ بين مكَّة والمدينة، وقِيلَ: جبلٌ قريبٌ من(27) الجحفة (بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ مِنْ غَلْوَةٍ) بفتح الغين المُعجَمة، غاية بلوغ السَّهم، أو أمد(28) جري الفرس (وَكَانَ عَبْدُ اللهِ) بن عمر (يُصَلِّي إِلَى سَرْحَةٍ)(29) بفتح السِّين وسكون الرَّاء (هِيَ أَقْرَبُ السَّرَحَاتِ) بفتح الرَّاء، أي: إلى شجرةٍ هي أقرب الشَّجرات (إِلَى الطَّرِيقِ، وَهْيَ أَطْوَلُهُنَّ).
          (وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ) بالسَّند السَّابق: (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم كَانَ يَنْزِلُ فِي المَسِيلِ) المكان المنحدر (الَّذِي فِي أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرَانِ) بفتح الميم وتشديد الرَّاء في الأولى، وبفتح الظَّاء المُعجَمة وسكون الهاء في الأخرى، المُسمَّى الآن بطن مرو، وللأَصيليِّ: ”مرِّ ظهران“ (قِبَلَ) بكسر القاف وفتح المُوحَّدة، أي: مقابل (المَدِينَةِ حِينَ يَهْبِطُ) وفي روايةٍ: ”حتَّى يهبط“ (مِنَ الصَّفْرَاوَاتِ)‼ بفتح الصَّاد المُهمَلة وسكون الفاء، جمع صفراء، وهي الأودية أو(30) الجبال الَّتي بعد مرِّ الظَّهران (يَنْزِلُ فِي بَطْنِ ذَلِكَ المَسِيلِ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ) «ينزل» بالمُثنَّاة التَّحتيَّة كما في الفرع، وفي(31) غيره: ”أو تنزل“ بتاء الخطاب ليوافق قوله: (وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، لَيْسَ بَيْنَ مَنْزِلِ رَسُولِ اللهِ صلعم وَبَيْنَ الطَّرِيقِ إِلَّا رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ).
          (وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ) بالسَّند السَّابق: (أَنَّ النَّبِيَّ(32) صلعم كَانَ يَنْزِلُ بِذِي طُوًى) بضمِّ الطَّاء، موضعٌ بمكَّة، ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”طِوًى“ بكسرها / ، وعزاه العينيُّ _كابن حجرٍ_ للأَصيليِّ، وله في الفرع كأصله: ”طَوًى“ بفتحها، ولأبي ذَرٍّ: ”بذي الطِّواء“ بزيادة «ال» مع كسر الطَّاء والمدِّ، وعزا العينيُّ _كابن حجرٍ_ زيادة الألف واللَّام للحَمُّويي والمُستملي، وحكيا فتح الطَّاء عن عياضٍ وغيره، وهو الَّذي في الفرع، وليس فيه(33) ضمُّ الطَّاء البتَّة (وَيَبِيتُ) بها (حَتَّى يُصْبِحَ، يُصَلِّي الصُّبْحَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، وَمُصَلَّى رَسُولِ اللهِ صلعم ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ) بفتح الهمزة والكاف والميم، موضعٌ مرتفعٌ على ما حوله، أو تلٌّ من حجرٍ واحدٍ (غَلِيظَةٍ) وفي روايةٍ: ”عظيمةٍ“ (لَيْسَ فِي المَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ، وَلَكِنْ أَسْفَلَُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ).
          (وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ) زاد الأَصيليُّ: ”ابن عمر“ (حَدَّثَهُ) بالسَّند السَّابق إليه(34): (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَيِ الجَبَلِ) بضمِّ الفاء وسكون الرَّاء وفتح الضَّاد المُعجَمة: مدخل الطَّريق إلى الجبل (الَّذِي بَيْنَهُ) ولأبي الوقت وابن عساكر: ”الَّذي كان بينه“ (وَبَيْنَ الجَبَلِ الطَّوِيلِ نَحْوَ الكَعْبَةِ) أي: ناحيتها، قال نافعٌ: (فَجَعَلَ) عبد الله (المَسْجِدَ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ) بفتح الثَّاء، أي: هناك (يَسَارَ المَسْجِدِ بِطَرَفِ الأَكَمَةِ، وَمُصَلَّى النَّبِيِّ صلعم أَسْفَلَُ مِنْهُ) بالنَّصب على الظَّرفيَّة، أو بالرَّفع: خبر مبتدأٍ محذوفٍ (عَلَى الأَكَمَةِ السَّوْدَاءِ، تَدَعُ مِنَ الأَكَمَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ) بالذَّال المُعجَمة، ولأبي ذَرٍّ: ”عشر أذرعٍ“ (أَوْ نَحْوَهَا، ثُمَّ تُصَلِّي) حال كونك (مُسْتَقْبِلَ الفُرْضَتَيْنِ مِنَ الجَبَلِ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الكَعْبَةِ) وإنَّما كان ابن عمر ☺ يصلِّي في هذه المواضع للتَّبرُّك، وهذا لا ينافي ما رُوِي من كراهة(35) أبيه عمر لذلك لأنَّه محمولٌ على اعتقاد من لا يعرف وجوب ذلك، وابنه عبد الله مأمونٌ من ذلك، بل قال البغويُّ من الشَّافعيَّة: إنَّ المساجد الَّتي ثبت أنَّه صلعم صلَّى فيها لو نذر أحدٌ الصَّلاة في شيءٍ منها معيَّنٍ(36) تعيَّن، كما تتعيَّن المساجد الثَّلاثة، فحِفْظ اختلاف عمر وابنه عبد الله ☻ عظيمٌ في الدِّين، ففي اقتفاء آثاره ╕ تبرُّكٌ به وتعظيمٌ له، وفي نهيِ عمر ☺ السَّلامة في الاتِّباع من الابتداع، ألا ترى أنَّ عمر نبَّه ابنه(37) على أنَّ هذه المساجد الَّتي صلَّى فيها النَّبيُّ ╕ (38) ليست من المشاعر، ولا لاحقةٌ بالمساجد الثَّلاثة في التَّعظيم؟! ثمَّ إنَّ هذه المساجد المذكورة لا يُعرَف اليوم منها غير مسجد ذي الحُلَيفة، ومساجد الرَّوحاء يعرفها أهل تلك النَّاحية.
          وفي هذا السِّياق المذكور هنا(39) تسعة أحاديث، أخرجها الحسن بن سفيان في مُسنَده مُفرَّقةً(40)، إلَّا أنَّه لم يذكر الثَّالث، وأخرج‼ مسلمٌ الأخير في «كتاب الحجِّ»، ورواة هذا الحديث الخمسة مدنيُّون، وفيه: التَّحديث والعنعنة والإخبار.


[1] في (ص) و(م): «الشوك».
[2] في (د): «الحليفة».
[3] في غير (د) و(م): «الوقت»، وليس بصحيحٍ.
[4] في (د): «وللأَصيليِّ وأبي ذَرٍّ».
[5] «وابن عساكر»: سقط من (م).
[6] «بدل من بطنٍ وادٍ»: سقط من (م).
[7] في (د) و(م): «سيل».
[8] قال السندي في «حاشيته»: (واعتبرَ القسطلاني المسجد خبر مبتدأ محذوف وقدَّره حيث هو المسجد.
قلت: ولا يظهرُ لهذا الذي قدَّره مرجع إذ لا يرجعُ إلى حيث، إذ الجملةُ المضاف إليها لم يعهد فيها ضمير للمضاف، وأيضاً يظهرُ عند التأمُّل فساد المعنى، ولا يظهرُ مرجع آخر، فافهم).
[9] في (ص) و(ج): «الجملة».
[10] في (م): «وعرف».
[11] في (ص): «بُنِي»، وفي (م): «مبنيٌّ».
[12] في (م): «تأخُّر».
[13] «أنَّ»: سقط من (د).
[14] في (م): «بينهما».
[15] في (د) و(م): «وكسر المُهمَلة».
[16] في (د): «ولأبي ذَرٍّ»، وكلاهما صحيحٌ.
[17] في (م): «الرَّاء».
[18] في (د): «عليه».
[19] في (ص) و(م): «مبنيٌّ».
[20] في (ص): «هو».
[21] في (ب) و(س): «الرَّمل».
[22] «و»: ليس في (ب) و(م).
[23] في (د): «بينهما»، وهو تحريفٌ.
[24] في (م): «الرَّوحلة»، وليس بصحيحٍ.
[25] في غير (م): «بالشِّين».
[26] في غير (د) و(س): «بضمِّ»، وليس بصحيحٍ.
[27] «من»: سقط من (د) و(م).
[28] في (د) و(م): «مدى».
[29] في (د): «سرجة»، وهو تصحيفٌ.
[30] في (د): «و».
[31] «في»: مثبتٌ من (م).
[32] في (د): «رسول الله».
[33] «فيه»: ليس في (ص) و(م).
[34] «إليه»: سقط من (د) و(م).
[35] في (ب) و(س): «كراهية».
[36] «مُعيَّنٍ»: مثبتٌ من (د) و(م).
[37] «ابنه»: مثبتٌ من (م).
[38] في (د): «صلَّى فيها رسول الله صلعم»، وفي (س): «صلَّى فيها ╕ ».
[39] «هنا»: سقط من (د).
[40] في (ص): «متفرِّقة».