إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا حسان أجب عن رسول الله اللهم أيده بروح القدس

          453- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ) البَهْرانيُّ _بفتح المُوحَّدة_ الحمصيُّ، وسقط «أبو اليمان» للأَصيليِّ (قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة بالحاء المُهمَلة والزَّايِ، الأمويُّ، واسم أبي حمزة دينارٌ الحمصيُّ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبُو سَلَمَةَ) عبد الله أو إسماعيل (بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ) الزُّهريُّ المدنيُّ، وعند المؤلِّف في «بدء الخلق» [خ¦3212] من طريق سفيان بن عُيَيْنَةَ عن الزُّهريِّ: فقال: عن سعيد بن المُسيَّب بدل «أبي سلمة» وهو غير قادحٍ لأنَّ الرَّاجح أنَّه عنده عنهما معًا، فكان يحدِّث به تارةً عن هذا وتارةً عن هذا (أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ) أي: ابن المنذر بن حَرَامٍ بفتح الحاء(1) المُهمَلة والرَّاء (الأَنْصَارِيَّ) الخزرجيَّ شاعر رسول الله صلعم حال كونه (يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ) أي: يطلب منه الشَّهادة، أي: الإخبار، فأطلق عليه الشَّهادة مبالغةً في تقوية الخبر (أَنْشُدُكَ اللهَ) بفتح الهمزة وضمِّ الشِّين، والجلالة الشَّريفة نُصِبَ، أي: سألتك بالله(2) (هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صلعم يَقُولُ: يَا حَسَّانُ أَجِبْ) دافعًا، وليس من إجابة السُّؤال، أوِ المعنى: أجب الكفَّار (عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم ) إذ هجَوه وأصحابه، وفي رواية سعيد بن المُسيَّب: «أجب عنِّي» فعبَّر عنه بما هنا تعظيمًا، أو أنَّه ╕ قال ذلك كذلك(3) تربيةً للمهابة، وتقويةً لداعي المأمور كما في قوله: الخليفة رسم / بكذا، بدل قوله(4): أنا رسمت(5) (اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ) أي: قوِّه (بِرُوحِ القُدُسِ) جبريل صلوات الله عليه وسلامه. (قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) ☺ : (نَعَمْ) سمعته يقول ذلك، فإن قلت: ليس في حديث الباب أنَّ حسَّانًا أنشد شعرًا في المسجد بحضرته ╕ ، وحينئذٍ فلا تطابق بينه وبين التَّرجمة، أجيب بأنَّ غرض المؤلِّف تشحيذ الأذهان بالإشارات، ووجه ذلك هنا: أنَّ هذه المقالة منه صلعم ‼ دالَّةٌ على أنَّ للشِّعر حقًّا يتأهَّل صاحبه لأن يُؤيَّد في النُّطق به بجبريل صلوات الله عليه وسلامه، وما هذا شأنه يجوز قوله(6) في المسجد قطعًا، والَّذي يحرم إنشاده فيه ما كان من الباطل المنافي لِما اتُّخِذت له المساجد من الحقِّ، أو أنَّ روايته في «بدء الخلق» تدلُّ على أنَّ قوله ╕ لحسَّان: «أجب عنِّي» كان في المسجد، وأنَّه أنشد فيه ما أجاب به المشركين، ولفظه مرفوعًا: «مرَّ عمر ☺ في المسجد وحسَّان ينشد فزجره، فقال: كنت أنشد فيه وفيه من هو خيرٌ منك، ثمَّ التفت إلى أبي هريرة فقال: أنشدك الله....» الحديثَ.
          ورواة حديث هذا(7) الباب السِّتَّة ما بين حمصيٍّ ومدنيٍّ، وفيه: التَّحديث بالجمع والإخبار به، وبالإفراد(8) والعنعنة والسَّماع، وأخرجه المؤلِّف أيضًا في «بدء الخلق» [خ¦3212]، وأبو داود في «الأدب»، والنَّسائيُّ في «الصَّلاة» وفي «اليوم واللَّيلة».


[1] «الحاء»: مثبتٌ من (ص).
[2] في (ص): «الله».
[3] «كذلك»: سقط من (ص).
[4] «قوله»: مثبتٌ من (ص).
[5] في (د): «وسمت»، وهو تحريفٌ.
[6] في (م): «يكون».
[7] «هذا»: مثبتٌ من (ص).
[8] في (ب) و(س): «الإفراد».