إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا ينبغي هذا للمتقين

          375- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ (عَنْ يَزِيدَ) ولابن عساكر والأَصيليِّ: ”عن يزيد بن أبي حبيبٍ“ ولابن عساكر والأَصيليِّ في نسخةٍ: ”هو(1) ابن أبي حبيب“ (عَنْ أَبِي الخَيْرِ) مَرْثَدٍ‼ _بفتح الميم والمُثلَّثة_ اليزنيِّ (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ) الجهنيِّ ☺ ، كان قارئًا فصيحًا شاعرًا كاتبًا، وهو أحد مَن جمع القرآن في المصحف، وكان مصحفه على غير تأليف مصحف عثمان، وشهد صِفِّين مع معاوية، وأمَّره على مصر، وتُوفِّي في خلافة معاوية على الصَّحيح، وروى عن النَّبيِّ صلعم كثيرًا، وله في البخاريِّ أحاديث (قَالَ: أُهْدِيَ) بضمِّ الهمزة وكسر الدَّال (إِلَى النَّبِيِّ) وللأَصيليِّ: ”إلى رسول الله“ ( صلعم فَرُّوجُ حَرِيرٍ) بالإضافة كثوب خزٍّ وخاتم فضَّةٍ، وكان الَّذي أهداه له أُكَيْدر بن عبد الملك، صاحب دُومة الجندل (فَلَبِسَهُ) ╕ قبل تحريم الحرير (فَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ) من صلاته (فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالكَارِهِ لَهُ) وفي حديث جابرٍ عند مسلمٍ: صلَّى في قباء ديباجٍ ثمَّ نزعه، وقال: «نهاني جبريل ╕ » فالنَّهي سبب نزعه له، وذلك ابتداء تحريمه (وَقَالَ صلعم : لَا يَنْبَغِي) استعمال (هَذَا) الحرير (لِلْمُتَّقِينَ) عن الكفر وهم المؤمنون، وعبّر بجمع المُذكَّر ليخرج النِّساء لأنَّه حلالٌ لهنَّ، فإن قلت: يدخلن(2) تغليبًا. أُجيب بأنَّهنَّ خرجن(3) بدليلٍ آخر، قال ╕ : «أُحِلَّ الذَّهب والحرير لإناث أمَّتي وحُرِّم على ذكورها» وقال التِّرمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ. نعم الأصحُّ عند الرَّافعيِّ تحريم افتراشها إيَّاه لأنَّه ليس في الفرش ما في اللُّبس من التَّزيُّن للزَّوج المطلوب، وصحَّح النَّوويُّ حلَّه، قال: وبه قطع العراقيُّون وغيرهم لإطلاق الحديث السَّابق، وبه قال أبو حنيفة، وكرهه صاحباه، فلو صلَّى فيه الرَّجل أجزأته صلاته، لكنَّه ارتكب حرامًا، وقال الحنفيَّة: تُكرَه وتصحُّ، وقال المالكيَّة: يعيد في الوقت إن وجد ثوبًا غيره، ويأتي إن شاء الله تعالى مزيدٌ لذلك في «باب اللِّباس».
          ورواة هذا الحديث كلُّهم مصريُّون، وفيه: التَّحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف في «اللِّباس» [خ¦5801]، وكذا مسلمٌ والنَّسائيُّ في «الصَّلاة».


[1] زيد في (ب) و(س) و(ص): «يزيد».
[2] في (د): «تدخل».
[3] في (ص) و(م) و(ج): «دخلن».