إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرنس ولا ثوبًا

          366- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ) هو ابن عاصم الواسطيُّ (قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ) محمَّد بن عبد الرَّحمن، نسبه إلى جدِّه لشُهرته به (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم بن شهابٍ (عَنْ سَالِمٍ) هو ابن عبد الله بن عمر (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) بن الخطَّاب ☺ (قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ) لم يُسمَّ كما في «الفتح» (رَسُولَ اللهِ صلعم ، فَقَالَ) بالفاء التَّفسيريَّة إذ هو نفس «سأل»(1)، وللأَصيليِّ: ”قال“(2): (مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟ فَقَالَ) ◙ : (لَا يَلْبَسُ القَمِيصَ) بفتح المُوحَّدة(3)، و«لا» ناهيةٌ فتُكسَر السِّين، أو نافيةٌ فتُضَمُّ (وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا البُرْنُسَ) بضمِّ المُوحَّدة والنُّون: ثوبٌ معروفٌ رأسهُ ملصَقٌ فيه، أو هو قلنسوةٌ طويلةٌ كان النَّاس يلبسونها في صدر الإسلام، والسَّراويل مُفرَدٌ بلفظ الجمع، وجمعه: سراويلاتٌ (وَلَا ثَوْبًا) ويجوز رفعه بتقدير فعل مبنيٍّ للمفعول، أي: ولا يُلبَس ثوبٌ (مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ) بفتح الزَّاي والفاء، ولأبي ذَرٍّ والأَصيليِّ وابن عساكر: ”زعفران“ (وَلَا وَرْسٌ) بفتح الواو وسكون الرَّاء آخره سينٌ(4) مُهمَلةٌ، نبتٌ أصفرُ باليمن يُصبَغ به (فَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا) وللحَمُّويي والمُستملي: ”حتَّى يكون“ بالإفراد، أي: كلُّ واحدٍ منهما (أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ) هو إذنٌ في ذلك لا أمرٌ؛ إذ لا يجب على مَن فقد النَّعلين لُبْس الخفَّين المقطوعين، والمراد هنا من الحديث: أنَّ الصَّلاة تجوز بدون القميص والسَّراويل وغيرهما(5) من المَخيط لأمر المُحْرِم باجتناب ذلك، وهو مأمورٌ بالصَّلاة.
          وفي هذا(6) الحديث: التَّحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلِّف أيضًا في «اللِّباس» [خ¦5794] و«الحجِّ» [خ¦1842]، وتأتي بقيَّة مباحثه فيه _إن شاء الله تعالى_ بعون الله، ثمَّ عطف المؤلِّف قوله: (وَعَنْ نَافِعٍ) على قوله: «عن الزُّهريِّ»، كما قال(7) الحافظ ابن حجر، وقال البرماويُّ كالكِرمانيِّ: هو تعليقٌ، ويحتمل أنَّه عطف على «سالمٍ» فيكون متَّصلًا، وتعقَّبه ابن حجرٍ بأنَّ التَّجويزات العقليَّة لا يليق استعمالها في الأمور النَّقليَّة، فإنَّ المؤلِّف ☼ أخرج الحديث في آخر «كتاب العلم» [خ¦134] عن آدم عن ابن أبي ذئبٍ، فقدَّم طريق نافعٍ، وعطف عليها طريق الزُّهريِّ عكس ما ههنا، وانتصر العينيُّ ⌂ للكِرمانيِّ رادًّا على ابن حجر بأنَّه تعليقٌ بالنَّظر إلى ظاهر الصُّورة، مع أنَّ الكِرمانيَّ لم يجزم بذلك، بل قال: ويحتمل أن يكون عطفًا على «سالمٍ»، قال: ولا فرق بين أن يقول(8) عطفًا على «سالمٍ» أو(9) عطفًا على الزُّهريِّ(10)، فيكون متَّصلًا‼، وأجاب ابن حجرٍ في «انتقاض الاعتراض» بأنَّه إذا اتَّضح المراد فأيُّ وجهٍ للنُّزول؟ وبأنَّ قوله: عطفًا على «سالمٍ» يصير كأنَّ ابن أبي ذئبٍ رواه عن الزُّهريِّ عن نافعٍ، فهو عند ابن أبي ذئبٍ عن شيخين بالنُّزول عن الزُّهريِّ عن سالمٍ، وبالعلوِّ(11) عن نافعٍ، وسالمٌ ونافعٌ(12) روياه جميعًا عن ابن عمر، قال: فمَن كان هذا مبلغ فهمه فكيف يليق به التَّصدِّي للرَّدِّ على غيره؟ انتهى. (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) بن الخطاب ☺ (عَنِ / النَّبِيِّ صلعم مِثْلَهُ) أي: مثل حديث سالم ☺ .


[1] قوله: «بالفاء التَّفسيريَّة؛ إذ هو نفس سأل»، سقط من (م).
[2] في نسخنا من اليونينية هذا الفرق على «فقال» الآتية.
[3] في غير (م): «القاف»، والمثبت من (م)، تعود على «الباء» وهو أَوْلى من ضبط «القاف».
[4] «سينٌ»: ليس في (ص) و(م).
[5] في (م): «وغيرها».
[6] «هذا»: ليس في (د).
[7] في (م): «قاله».
[8] في (ب) و(س): «يقال».
[9] «أو»: ليس في (م).
[10] «عطفًا على سالمٍ»: سقط من (م).
[11] في غير (د) و(م): «وبالعكس».
[12] «ونافعٌ»: مثبتٌ من (د) و(س).