التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب بيعة الأعراب

          ░45▒ بَابُ بَيْعَةِ الْأَعْرَابِ
          7209- ذَكَرَ فيه حديثَ جَابِرٍ ☺: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلعم عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَصَابَهُ وَعْكٌ، فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى، فَخَرَجَ، فَقَالَ ◙: (الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا).
          الشَّرحُ: البَيْعَةُ على الإسلامِ كانت فرضًا على جميعِ النَّاس أعرابًا كانوا أو غيرَهم، وإباؤُه ◙ وقد طَلَبَ الإقالةَ لأنَّه لا يُعينُ على معصيةٍ.
          وقولُه: (تَنْفِي خَبَثَهَا) أي تَنفي مَن لا خيرَ فيه لأنَّ المدينةَ إنَّما يُحمل على سُكنَاها مع شِدَّةِ حالِ ساكِنِها، دلَّ ذلك على ضَعْفِ إيمانِهِ.
          (ويَنْصَعُ طِيبُهَا) أي يَظهر، وعبارةُ ابنِ التِّين: أي يَبقى فيها ويُقيم على سُكنَاها الطَّيِّبون، والنَّاصِعُ الصَّافي النَّقِيُّ اللونِ. وخروجُ الأعرابيِّ منها دونَ إذْنِه له ◙ بعد هِجرتِه إليها يُشبِهُ الرِّدِّة؛ لأنَّ بيعتَه ◙ إيَّاه في أوَّلِ قدومِه إنَّما كانت على أَلَّا يخرُجَ أحدٌ منها، فخروجُه عصيانٌ إذْ كانت الهِجرةُ أيضًا قبل الفتْحِ على كلِّ مَن أسلَمَ مِن المسلمين إليها، فمن لم يُهَاجِرْ إليها لم يكن بينه وبين المؤمنين موالاةٌ لِقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال:72] فَبَقِيَ النَّاسُ على هذا إلى عامِ الفتحِ، فقال: ((لا هِجْرةَ بعدَ الفَتْحِ ولكن جِهَادٌ وَنِيَّةٌ)).