التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من سأل الإمارة وكل إليها

          ░6▒ بَابٌ مَنْ سَأَلَ الْإِمَارَةَ وُكِلَ إِلَيْهَا
          7147- ذَكَرَ فيه حديثَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ☺ السَّالِفَ [خ¦6622].
          وترجمَ عليه ابنُ بطَّالٍ باب: مَن لم يسألِ الإمارةَ أَعَانَهُ الله عليها. وساقه ثمَّ قال: باب مَن سألَ الإمارة وُكِلَ إليها، والَّذي في الأُصُولِ ما ذكَرْتُه. وترجَمَ عليه ابنُ التِّينِ بالثَّاني فقط.
          و(الْإِمَارَةَ) بكسْرِ الهمزةِ مصدرُ أَمَرَ فلانٌ وأَمُرَ أيضًا بالضَّمِّ صار أميرًا، والأَمَارةُ بالفتْحِ الوقْتُ والعَلَامةُ.
          وقولُه: (وُكِلْتَ إِلَيْهَا) أي وَمَن وُكِلَ إلى نفْسِه هَلَكَ، وهذا لعلَّه إذا لم يَجِدْ مِن نفْسِه صلاحيةً لِذلِكَ، وقد قال يُوسُفُ ◙: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ} [يُوسُفَ:55] وقالَ سُلَيْمانُ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} [ص:35] ويحتملُ أنَّ الأوَّلَ لِغيرِ الأنبياءِ. /
          فَصْلٌ: قولُه: (فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ) فيه إجازةُ تقديمِ الكَفَّارةِ قبل الحِنْثِ، وهو قولٌ والمنعُ أحوطُ، قاله ابنُ التِّين.
          فَصْلٌ: قال المُهَلَّب: فيه دليلٌ على أنَّ مَن تَعَاطى أمرًا وسوَّلت له نفْسُه أنَّه قائمٌ به أنَّه يُخذَلُ فيه في أغلبِ الأحوال؛ لأنَّ مَن سَأَلَ الإمارةَ لم يَسْأَلْها إلَّا وهو يَرَى نفْسَهُ أهلًا لها، قال ◙: (وُكِلَ إِلَيْهَا) يعني لمْ يُعَنْ على ما أُعطِيَ، والتَّعاطي أبدًا مقرونٌ بالخِذلان، وأنَّ مَن دُعِيَ إلى عملٍ أو إمامةٍ في الدِّين فَقَصَر نفْسَه على تلك المنزلةِ وهابَ أمر الله رَزَقَهُ اللهُ المعونةَ، وهذا إنَّما هو مبنيٌّ على أنَّ مَن تواضَعَ للهِ رَفَعَه.
          وذَكَرَ ابنُ المنذِرِ مِن حديثِ أَبِي عَوَانةَ عن عبدِ الأعلى الثَّعْلبيِّ عن بلالِ بنِ مِرْدَاسٍ الفَزَارِيِّ عن حُمَيدٍ عن أنسٍ ☺ عن رسولِ الله صلعم قال: ((مَنِ ابتغى القضاءَ واستعانَ عليه بالشُّفعاءِ وُكِل إلى نفْسِه، ومَن أُكرِهَ عليه أَنْزَلَ اللهُ عليه مَلَكًا يُسَدِّدُهُ)) وهذا تفسيرُ قولِه: (أُعنْتَ عَلَيْهَا).