التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب بطانة الإمام وأهل مشورته

          ░42▒ بَابُ بِطَانَةِ الْإِمَامِ وَأَهْلِ مَشُورَتِهِ
          الْبِطَانَةُ: الدُّخَلَاءُ.
          7198- ذَكَرَ فيه حديثَ أَبِي سَلَمَةَ _عبدِ اللهِ بْنِ عبدِ الرَّحمنِ بن عَوفٍ_ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ☺ _واسمُهُ سَعْدُ بنُ مَالِكِ بن سِنَانٍ_ عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ، إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللهُ).
          وَقَالَ سُلَيْمانُ: عَنْ يَحْيَى:، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ بِهَذَا. وَعَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَمُوسَى، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلَهُ. وَقَالَ شُعَيْبٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَوْلَهُ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَمُعَاويَةُ بْنُ سَلَّامٍ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ وَسَعِيدُ بْنُ زِيَادٍ: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَوْلَهُ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم.
          وهذا رواهُ النَّسائيُّ عن مُحَمَّدِ بنِ عبدِ الله بن عبدِ الحَكَمِ عن شُعَيبِ بنِ اللَّيث عن أبيه.
          والتَّعليقُ عن مُعَاويَةَ أخرجه التِّرْمِذِيُّ عن مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله، عن مُعَمَّرَ بن يَعْمَرَ عنه، وقال البزَّار لَمَّا ذَكَرَ حديثَ يُونُسَ بن يَزِيدَ عن الزُّهْرِيِّ عن أبي سَلَمَةَ عن أبي سَعِيدٍ: رواه مُحَمَّدُ بن عَمْرٍو عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ، والزُّهْرِيُّ أحفظُ والحديثانِ كأنَّهما عندي مَرْوِيَّان، حدَّثنا بذلك عَمْرُو بن عليٍّ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَدِيٍّ عن مُحَمَّدِ بن عَمْرٍو.
          فَصْلٌ: ينبغي لمن سمعَ هذا الحديثَ أنْ يتأدَّبَ به ويسألَ اللهَ العِصمةَ مِن بطانةِ الشَّرِّ وأهلِه، ويحرِصَ على بِطَانةِ الخيرِ وأهلِه، قال سُفْيَان الثَّورِيُّ: لِيَكُنْ أهلُ مشورتِكَ أهل التَّقوى وأهل الأمانة ومَن يخشى الله، قال سُفْيَانُ: وبلغني أنَّ المشورةَ نِصْفُ العقل. وقال الحَسَنُ في قولِه تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عِمْرَان:159] قال: قد عَلِمَ اللهُ أنَّه ليس به إليهم حاجةٌ، ولكنْ أراد أن يُسْتَنَّ به بعدَه. وسيأتي الكلامُ في المشورةِ في كتابِ الاعتصامِ عندَ قولِه تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عِمْرَان:159].
          فَصْلٌ: غَرَضُ البُخَارِيِّ بذلك إثباتُ الأمورِ لله فهو العاصِمُ مِن نَزَغَات الشياطينِ ومِن كلِّ وَسْواسٍ وخنَّاسٍ، والوزيرِ الجيِّدِ أو السُّوءِ، يُوهِمُ صاحبَه أنَّ ما يَسُرُّ صاحبَه الصَّوابُ، والمعصومُ مَن عَصَمَ اللهُ لا مَن عَصَمَتْهُ نفْسُهُ الأَمَّارةُ بالسُّوءِ بشهادةِ الله عليها بذلك، ومَن أصدقُ مِن اللهِ حديثًا.