التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب إجابة الحاكم الدعوة

          ░23▒ بَابُ إِجَابَةِ الْحَاكِمِ الدَّعْوَةَ
          وَقَدْ أَجَابَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ☺ عَبْدًا لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ.
          7173- ثمَّ ساقَ حديثَ أَبِي مُوسَى ☺، عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (فُكُّوا الْعَانِيَ، وَأَجِيبُوا الدَّاعِيَ).
          هذا الحديث سَلَفَ في النِّكاحِ [خ¦5174] وادَّعى ابنُ بطَّالٍ الاتِّفاقَ على وجوبِ إجابةِ دعوةِ الوليمةِ واختلافَهم في غيرِها مِن الدَّعَوات. وقد رَدَدْنا عليه هناك، وقَسَّمَ ابنُ التِّين إجابةَ الدَّاعي إلى ثلاثةِ أقسامٍ:
          أحدُها: أن يَدعُوَه لِطعامٍ صَنَعَهُ والدَّاعي ممَّن يجوزُ أكْلُ طعامِهِ لِحِلِّه، فَلَهُ الإجابةُ.
          ثانيها: أن يَدعُوَه لِوليمةِ نِكاحٍ أو خِتانٍ والأمْرُ كذلك، فعليه الإجابةُ بِشْروطٍ منها أَلَّا يكونَ هناك مُنكَرٌ بدليلِ فِعْلِ ابنِ مَسْعُودٍ وابنِ عُمَرَ ♥ في رجوعِهما لَمَّا رَأَيَا تصاويرَ.
          ثالثُها: أن يكونَ على غيرِ هذَين الوجهَينِ فهو مخيَّرٌ في الإجابةِ والتَّرْكِ، وذَكَرَ ابنُ حَبِيبٍ عن مُطَرِّفٍ وابنِ الماجِشُون قال: لا ينبغي للقاضي أن يجيبَ الدَّعوةَ إلَّا في الوليمةِ وحْدَها لِمَا في ذلك مِن الحديثِ، ثمَّ إنْ شاءَ أَكَلَ وإنْ شاءَ تَرَكَ والتَّرْكُ أَحَبُّ إلينا مِن غيرِ تحريمٍ، ولا عيبَ عليه إنْ أَكَلَ إلَّا أنَّ ذلك أَنْزَهُ، وإنَّا لَنُحِبُّ لِذِي المروءةِ والهَدْيِ أَلَّا يأتيَ الوليمةَ إلَّا أن يكون الأخُ في الله أو الخالصُ مِن ذوي قرابتِه فلا بأسَ، بذلك قال أشهبُ. وكَرِهَ مالكٌ لِأهلِ الفضْلِ أن يُجِيبوا كلَّ مَن دَعَاهم.
          فَصْلٌ: وقد أسْلَفْنَا أنَّ العانِيَ الأسيرُ، وفداؤه واجبٌ على المسلمينَ بما قَدَرُوا عليه مِن مالٍ أو قتالٍ؛ فإن لم يَقْدِرُوا على فِدْيتِهم إلَّا بِكُلِّ ما يَملكون فذلك عليهم، ذَكَرَهُ ابنُ التِّين.