التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب بيع الإمام على الناس أموالهم وضياعهم

          ░32▒ بَابُ بَيْعِ الْإِمَامِ عَلَى النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَضِيَاعَهُمْ
          وَقَدْ بَاعَ النَّبِيُّ صلعم مِنْ نُعَيمِ بْنِ النَّحَّامِ مُدَبَّرًا.
          7186- ثمَّ ساقَ البُخَارِيُّ حديثَ جَابِرٍ ☺ فِيهِ.
          وقد سَلَفَ في البيعِ وغيرِه [خ¦2141] [خ¦2403] [خ¦2534] ونبَّهْنا قريبًا أنَّ صوابَه نُعَيمٌ النَّحَّامُ.
          قال المُهَلَّب: وإنَّما يبيعُ الإمامُ على النَّاسِ أموالَهم إذا رأى منهم سَفَهًا في أحوالِهم، فأمَّا مَن ليسَ بِسفيهٍ فلا يُباعُ عليه شيءٌ مِن مالِه إلَّا في حقٍّ يكونُ عليه، وهذا البيعُ الَّذي وقعَ في المدبَّر إنَّما نَقَضَه ◙؛ لأنَّه لم يكن له مالٌ غيره فخَشِيَ عليه الموتَ بالحِجَاز دون قُوتٍ؛ لِقولِه تعالى: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ الله وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195] فلمَّا رآه رسولُ الله صلعم قد أنفقَ جميعَ ذاتِ يدِه في المدبَّر وأنَّه تعرَّض / للتَّهْلُكَةِ نَقَضَ عليه فِعْلَه كما قال اللهُ ╡ ونَهَى عنه، ولم يَنْقُضْ على الَّذي قال له: ((قُل: لا خِلَابَةَ)) لأنَّه لم يفوِّتْ على نفْسِه جميعَ مالِه.
          فَصْلٌ: بَيْعُ المدبَّرِ عندَنا جائزٌ خلافًا لمالِكٍ، قال ابنُ التِّين: بيعُهُ له ◙ إذا لم يكن لِسيدِّه مالٌ، وَدَفَعَ الثَّمَنَ له لِمَا يؤديِّ إليه _واللهُ أعلمُ_ من تبغيضِ العِتق. قال مالكٌ: الأمْرُ المجمَعُ عندَنا في المدبَّرِ أنَّ صاحبِه لا يبيعُه، فلو باعه نُقِضَ عالِمًا كان أو جاهلًا، قاله مالٌك. واختلف مذهبُهم فيما إذا أعتقَهُ المشتري قبْلَ الفَسْخِ فقال مالكٌ: العِتقُ نافِذٌ، وقال مرَّةً: يُنقَضُ عِتقُه.
          واختُلِفَ إذا لم يُرِدْ عِتْقَهُ فماذا يصنَعُ بالثَّمن؟ فقال مالكٌ وابنُ القاسم: هو تابعٌ للبائع، وخالفَهما ابنُ كِنَانةَ قال: يريدُ ويتصدَّق به، ولو كانت أمَةً فَحَمَلَتْ مِن المشتري كان قويًّا قطعًا. وقد يحتمل بيعُهُ ◙ له لِدَيْنٍ كان عليه قَبْلَ التَّدبيرِ.