التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من لم يكترث بطعن من لا يعلم في الأمراء حديثًا

          ░33▒ بَابُ مَنْ لَمْ يَكْتَرِثْ بِطَعْنِ مَنْ لَا يَعْلَمُ فِي الأُمَرَاءِ
          7187- ذَكَرَ فيه حديثَ: (بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلعم بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بن زَيْدٍ). الحديث سلف [خ¦3730].
          ومعنى التَّرجمةِ أنَّ الطَّاعِنَ إذا لم يعلَمْ حالَ المطعونِ عليه وكَذَبَ في طَعْنِه لا ينبغي أن يُكترَثَ له كثيرُ اكتراثٍ، أَلَا ترى أنَّه ◙ قد خلَّى هذا الطَّعنَ حين أقسمَ أنَّه كان خليقًا للإمارةِ.
          وفيه أنَّه يَتأسَّى المرءُ بما قيل في المرءِ مِن الكَذِبِ إذا قيل مثلُ ذلك فيمن كان قبْلَهُ مِن الفضلاء. وفيه التَّبكيتُ للطَّاعنينَ لأنَّهم لَمَّا طعنوا في إمارةِ أبيه ثمَّ ظَهَرَ مِن غِنَاهُ وفَضْلِه ما ظهَرَ كان ذلك ردًّا لِقولِهم.
          فإن قلتَ: فقد طُعِنَ على أسامةَ وأبيهِ ما ليس فيهما ولم يَعْزِلِ الشَّارعُ واحدًا منهما بل بيَّن فضلَهما ولم يتَّهِمْهُمَا، ولم يَعتبِرْ عُمَرُ ☺ بهذا القولَ في سعْدٍ وعَزَلَهُ حين قذفَهُ أهلُ الكوفة بما هو بريءٌ منه. فالجوابُ: أنَّ عُمَرَ ☺ لم يَعْلَمْ مِن مُغيَّبِ أَمْرِ سعْدٍ ما عَلِمَهُ الشَّارعُ مِن مُغَيَّبِ أمرِ زيدٍ وأسامةَ، وإنَّما قال عُمَرُ لسعدٍ حين ذَكَرَ أنَّ صلاتَه تُشْبِهُ صلاةَ رسولِ الله صلعم: ذاك الظنُّ بك. ولم يَقْطَعْ على ذلك كما قَطَعَ رسولُ الله صلعم في أَمْرِ زيدٍ أنَّه خليقٌ للإمارة، وقال في أسامةَ: إنَّه لمِن أحبِّ النَّاس إليه، ولا يجوزُ أن يُحِبَّ الشَّارعُ إلَّا مَن أحبَّه اللهُ ومَن لا يسُوغُ فيه العيبُ والنَّقصُ.
          ويحتمل أن يكون الطَّاعنونَ في أسامةَ وأبيه مَن استصغرَ سِنَّهُ على مَن قُدِّمَ عليه مِن مشيخةِ الصَّحابة، وذلك جهلٌ ممَّن ظنَّه، ويحتمل أن يكون الطَّعنُ مِن المنافقينَ الَّذين كانوا يطعنونَ على رسولِ الله صلعم ويقبِّحون آثارَه وآراءَه، وقد وصف اللهُ أنَّه مَن اتَّهم الرَّسولَ في قضاياه أنَّه غيرُ مؤمنٍ بِقولِه تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ} الآية [النساء:65].