نجاح القاري لصحيح البخاري

باب إثم من باع حرًا

          ░106▒ (بابُ إِثْمِ مَنْ بَاعَ حُرّاً) يعني: عالماً بذلك متعمداً، والحرُّ يستعمل في بني آدم على الحقيقة، وقد يستعمل في غيرهم مجاز، كما يقال في الوقف. وقال الحافظُ العَسْقَلَانِيُّ: والحرُّ الظَّاهر أنَّ المراد به من بني آدم، ويحتمل ما هو أعمُّ من ذلك فيدخل مثل الموقوف، انتهى.
          وتعقَّبه العَيْنِيُّ بأنَّه لا معنًى لقوله: والحرُّ الظَّاهر أنَّ المراد به من بني آدم؛ لأنَّ لفظ الحر موضوعٌ في اللغة لمن لم يَمْسَسْهُ رقٌّ.
          وعن هذا قال الجَوْهَرِيُّ: الحُرُّ خلافُ العبد والحرَّة خلاف الأمة، وقوله: أعمُّ من ذلك إن أراد به عموم لفظ حر فإنَّه في أفراده ولا يدخل فيه شيءٌ خارجٌ عنها، وإن أراد به أنَّ لفظ حر يُسْتَعْمَلُ لمعانٍ كثيرةٍ مثل ما يقال: حر الرَّمل، وحر الدَّار؛ يعني: وسطها، وحرُّ الوجه ما بدا من الوجنة، والحر فرخ الحمامة وولد الظَّبية والحيَّة وطين حرٌّ لا رملَ فيه وغير ذلك، فلا عمومَ في كلِّ واحدٍ منها بلا شكٍّ وعند إطلاقه يراد به الحرُّ؛ خلاف العبد فكيف يقول ويحتملُ ما هو أعمُّ من ذلك، والله أعلم.