نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من أنظر موسرًا

          ░17▒ (بابُ) فضل (مَنْ أَنْظَرَ) أي: أمهل (مُوسِراً) قد اختلف العلماء في حدِّ الموسر: فقيل: من عنده مؤنته ومؤنة من يلزمه نفقته.
          وقال الثوريُّ وابن المبارك وأحمد وإسحاق: من عنده خمسون درهماً، أو قيمتها من الذَّهب فهو موسر، وقال الشافعيُّ: قد يكون الشَّخص بالدرهم غنيًّا بكسبه، وقد يكون بالألف فقيراً مع ضعفه في نفسه وكثرة عياله، وقيل: الموسرُ من يملك نصاب الزكاة، وقيل: من لا تحلُّ له الزكاة، وقيل: من يجد فاضلاً عن ثوبه ومسكنه وخادمه ودَينه وقوت من يمونه، وعند أصحابنا على ما ذكره صاحب «المبسوط» و«المحيط»: الغنيُّ على ثلاث مراتب:
          المرتبة الأولى: الغنيُّ الذي يتعلَّق به وجوب الزكاة.
          والمرتبة الثانية: الغنيُّ الذي يتعلَّق به وجوب صدقة الفطر والأضحية وحرمان الزكاة، وهو أن يملك ممَّا يفضل عن حوائجه الأصلية ما يبلغ / قيمة مائتي درهم مثل دورٍ لا يسكنها وحوانيت يؤجرها ونحو ذلك.
          والمرتبة الثالثة: غنى حرمة السؤال، قيل: ما قيمته خمسون درهماً.
          وقال عامَّة العلماء: إنَّ من ملك قوت يومه وما يستر به عورته يحرم عليه السؤال، وكذا الفقير المكتسب يحرم عليه السؤال، قال العينيُّ: وهذا كلُّه في حدِّ من يجوز له السُّؤال وأخذ الصَّدقة ومن لا يجوز.
          وأمَّا ههنا أعني في إنظار الموسر، فالاعتماد على أنَّ الموسر والمعسر يرجعان إلى العرف فمن كانت حاله بالنسبة إلى مثله يعدُّ يساراً فهو موسر وكذا عكسه، والله أعلم.