نجاح القاري لصحيح البخاري

باب بيع الملامسة

          ░62▒ (بابُ بَيْعِ الْمُلاَمَسَةِ) هي مفاعلة من اللَّمس، ومن المعلوم أنَّ باب المفاعلة لمشاركة اثنين في أصل الفعل، وفي «المغرب»: الملامسة واللِّماس أن يقول لصاحبه: إذا لمست ثوبك ولمست ثوبي فقد وجب البيع. وعن أبي حنيفة ☼ هي أن تقول: أبيعك هذا المتاع بكذا، فإذا لمستك وجبَ البيع، أو يقول المشتري كذلك، ويقال: الملامسة أن يلمسَ ثوباً مطويًّا، ثمَّ يشتريه على أنَّ لا خيار له إذا رآه، أو يقول: إذا لمسته فقد بعتكه، أو يبيعه شيئاً على أنَّه متى لمسته فقد لزم البيع.
          وعن الزهريِّ: الملامسة لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل، أو بالنَّهار ولا يقبله إلا بذلك.
          وروى النسائيُّ من حديث أبي هريرة ☺: الملامسة أن يقول الرَّجل للرجل: أبيعك ثوبي بثوبك، ولا ينظر واحدٌ منهما ثوب الآخر ولكن يلمسهُ لمساً، وسيأتي تفسيرها في الحديث أيضاً.
          وقد اختلف العلماء في تفسير الملامسةِ على ثلاث صور هي أوجه للشافعيَّة: أصحُّها: أن يأتي بثوبٍ مطويٍّ أو في ظلمةٍ فيلمسه المستام، فيقول له صاحب الثَّوب: بعتكه بكذا بشرط أن يقوم لمسك مقام نظرك ولا خيار لك إذا رأيته، الثَّاني: أن يجعلا نفس اللَّمس بيعاً بغير صيغةٍ زائدة، الثَّالث: أن يجعلا اللمس شرطاً في قطع خيار المجلس وغيره.
          قال الحافظ العسقلانيُّ: والبيع على التأويلات كلِّها باطلٌ، ومأخذ بطلان الأول عدم شرط رؤية المبيع واشتراط نفي الخيار، ومأخذ بطلانِ الثاني اشتراط نفي الصِّيغة في عقد البيع، ومأخذ بطلان الثالث شرط نفي خيار المجلس هذا وذلك على مذهب الشافعيَّة.
          (وَقَالَ أَنَسٌ ☺: نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلعم ) أي: عن بيع الملامسة، وهذا تعليقٌ وصله البخاري في باب ((بيع المخاضرة)) عن أنسٍ ☺: ((نهى رسول الله صلعم عن المحاقلة والمخاضرة والملامسة والمنابذة والمزابنة)) [خ¦2207]. والمخاضرة: بيع الثمار خضراً / لم يبدُ صلاحها.
          وسيأتي تفسير المحاقلة والمزابنة في باب ((بيع المخاضرة)) إن شاء الله تعالى.