-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
أبواب سترة المصلي
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب الجماعة والإمامة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
كتاب جزاء الصيد
-
أبواب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
باب ما جاء في قول الله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في}
-
باب: الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات
-
باب تفسير المشبهات
-
باب ما يتنزه من الشبهات
-
باب من لم ير الوساوس ونحوها من المشبهات
-
باب قول الله تعالى: {وإذا رأوا تجارةً أو لهوًا انفضوا إليها}
-
باب من لم يبال من حيث كسب المال
-
باب التجارة في البر
-
باب الخروج في التجارة
-
باب التجارة في البحر
-
باب: {وإذا رأوا تجارةً أو لهوًا انفضوا إليها}
-
باب قول الله تعالى: {أنفقوا من طيبات ما كسبتم}
-
باب من أحب البسط في الرزق
-
باب شراء النبي بالنسيئة
-
باب كسب الرجل وعمله بيده
-
باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع ومن طلب حقًا
-
باب من أنظر موسرًا
-
باب من أنظر معسرًا
-
باب: إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا
-
باب بيع الخلط من التمر
-
باب ما قيل في اللحام والجزار
-
باب ما يمحق الكذب والكتمان في البيع
-
باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا}
-
باب آكل الربا وشاهده وكاتبه
-
باب موكل الربا
-
باب: {يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم}
-
باب ما يكره من الحلف في البيع
-
باب ما قيل في الصواغ
-
باب ذكر القين والحداد
-
باب ذكر الخياط
-
باب ذكر النساج
-
باب النجار
-
باب شراء الحوائج بنفسه
-
باب شراء الدواب والحمير
-
باب الأسواق التي كانت في الجاهلية فتبايع بها الناس في الإسلام
-
باب شراء الإبل الهيم أو الأجرب
-
باب بيع السلاح في الفتنة وغيرها
-
باب: في العطار وبيع المسك
-
باب ذكر الحجام
-
باب التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء
-
باب: صاحب السلعة أحق بالسوم
-
باب: كم يجوز الخيار؟
-
باب: إذا لم يوقت في الخيار هل يجوز البيع؟
-
باب: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا
-
باب: إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع فقد وجب البيع
-
باب: إذا كان البائع بالخيار هل يجوز البيع؟
-
باب: إذا اشترى شيئًا فوهب من ساعته قبل أن يتفرقا ولم ينكر
-
باب ما يكره من الخداع في البيع
-
باب ما ذكر في الأسواق
-
باب كراهية السخب في السوق
-
باب الكيل على البائع والمعطي
-
باب ما يستحب من الكيل
-
باب بركة صاع النبي ومدهم
-
باب ما يذكر في بيع الطعام والحكرة
-
باب بيع الطعام قبل أن يقبض وبيع ما ليس عندك
-
باب من رأى إذا اشترى طعامًا جزافًا أن لا يبيعه حتى يؤويه
-
باب: إذا اشترى متاعًا أو دابة فوضعه عند البائع أو مات قبل أن
-
باب: لا يبيع على بيع أخيه ولا يسوم على سوم أخيه حتى يأذن له
-
باب بيع المزايدة
-
باب النجش
-
باب بيع الغرر وحبل الحبلة
-
باب بيع الملامسة
-
باب بيع المنابذة
-
باب النهي للبائع أن لا يحفل الإبل والبقر والغنم وكل محفلة
-
باب: إن شاء رد المصراة وفى حلبتها صاع من تمر
-
باب بيع العبد الزاني
-
باب البيع والشراء مع النساء
-
باب: هل يبيع حاضر لباد بغير أجر؟وهل يعينه أو ينصحه؟
-
باب من كره أن يبيع حاضر لباد بأجر
-
باب: لا يبيع حاضر لباد بالسمسرة
-
باب النهي عن تلقي الركبان
-
باب منتهى التلقي
-
باب: إذا اشترط شروطًا في البيع لا تحل
-
باب بيع التمر بالتمر
-
باب بيع الزبيب بالزبيب والطعام بالطعام
-
باب بيع الشعير بالشعير
-
باب بيع الذهب بالذهب
-
باب بيع الفضة بالفضة
-
باب بيع الدينار بالدينار نساء
-
باب بيع الورق بالذهب نسيئة
-
باب بيع الذهب بالورق يدًا بيد
-
باب بيع المزابنة
-
باب بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب والفضة
-
باب تفسير العرايا
-
باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها
-
باب بيع النخل قبل أن يبدو صلاحها
-
باب: إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ثم أصابته عاهة
-
باب شراء الطعام إلى أجل
-
باب: إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه
-
باب من باع نخلًا قد أبرت أو أرضًا مزروعةً أو بإجارة
-
باب بيع الزرع بالطعام كيلًا
-
باب بيع النخل بأصله
-
باب بيع المخاضرة
-
باب بيع الجمار وأكله
-
باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع
-
باب بيع الشريك من شريكه
-
باب بيع الأرض والدور والعروض مشاعًا غير مقسوم
-
باب إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه فرضي
-
باب الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب
-
باب شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه
-
باب جلود الميتة قبل أن تدبغ
-
باب قتل الخنزير
-
باب: لا يذاب شحم الميتة ولا يباع ودكه
-
باب بيع التصاوير التي ليس فيها روح وما يكره من ذلك
-
باب تحريم التجارة في الخمر
-
باب إثم من باع حرًا
-
باب أمر النبي اليهود في بيع أرضيهم
-
باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئةً
-
باب بيع الرقيق
-
باب بيع المدبر
-
باب: هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها؟
-
باب بيع الميتة والأصنام
-
باب ثمن الكلب
-
باب ما جاء في قول الله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في}
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب فرض الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░19▒ (بابٌ) بالتنوين (إِذَا بَيَّنَ الْبَيِّعَانِ) بفتح الموحدة وتشديد المثناة التحتية، تثنية بيِّع، وأراد بهما البائع والمشتري، وإطلاقه على المشتري بطريق التَّغليب، أو هو من باب إطلاق لفظ المشترك وإرادة معنييه معاً؛ إذ البيع جاء لمعنيين كما تقدَّم؛ أي: إذا أظهر البائع والمشتري ما في المبيع من العيب.
(وَلَمْ يَكْتُمَا وَنَصَحَا) من باب عطف العام على الخاص، وجواب إذا محذوفٌ للعلم به: ((بورك لهما فيه)) كما في حديث الباب، أو نحو ذلك. وقال ابن بطَّال: أصل هذا الباب أنَّ نصيحة المسلم واجبةٌ.
(وَيُذْكَرُ عَنِ الْعَدَّاءِ) بفتح العين المهملة وتشديد الدال المهملة وفي آخره همزة، بوزن الفعَّال، هو: ابنُ خالدة هودة بن ربيعة بن عَمرو بن عامر بن صعصعة العامريِّ، أسلم بعد الفتح بعد حنين، صحابيٌّ قليل الحديث وكان يسكن البادية.
(قَالَ) أي: أنَّه قال: (كَتَبَ لِي النَّبِيُّ صلعم : هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ مِنَ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ، بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ) نصب على أنَّه مصدر من غير فعله؛ لأنَّ معنى البيع والشِّراء متقاربان، ويجوز أن يكون منصوباً بنزعِ الخافض تقديره: كبيع المسلم، ويجوز فيه الرفع على أنَّه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو بيع المسلم المسلم. و((المسلم)) الثاني منصوبٌ بوقوع فعل البيع عليه. وقد اشترى منه رسول الله صلعم عبداً، أو أمةً كما سيجيء في رواية الترمذيِّ إن شاء الله تعالى.
(لاَ دَاءَ) أي: لا عيبَ، والمراد به: الباطن سواءٌ ظهر منه / شيءٌ أم لا كوجع الكبد والسُّعال، قاله المطرزي. وقال ابنُ قتيبة: أي: لا داء في العبدِ من الأدواء التي يردُّ بها كالجنون والجذام والبرص والأوجاع المتقاربة، ويقال: الدَّاء: المرض، وهو المشهور، وعين فعله واو بدليل قولهم في الجمع: أدواء، يقال: داء الرَّجل وإداء وإدأته يتعدى ولا يتعدَّى.
وقال ابن المُنيِّر في «الحاشية»: قوله: لا داءَ؛ أي: لا داء يكتُمه البائع، وإلَّا فلو كان بالعبد داء، وبيَّنه البائع لكان من بيع المسلم المسلم، ومحصِّله أنَّه لم يرد بقوله: ((لا داء)) نفي الداء مطلقاً، بل نفي داءٍ مخصوصٍ، وهو ما لم يطَّلع عليه.
(وَلاَ خِبْثَةَ) بكسر الخاء المعجمة وسكون الموحدة وبالمثلثة، وقال ابنُ التِّين: ضبطناه في أكثر الكتب بضم الخاء، وكذلك سمعناه، وضبط في بعضها بالكسر. وقال الخطابيُّ: خبثة على وزن حيرة. قيل: أراد بها الحرام كما عبَّر عن الحلال بالطِّيب، قال الله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:157]، وقال المطرزيُّ: والخَبَثَة: نوعٌ من أنواع الخبث، أراد أنَّه عبدٌ رقيقٌ لا أنَّه من قوم لا يحلُّ سبيهم. وقيل: المراد الأخلاق الخبيثة كالإباق، وقال صاحب «العين»: الريبة. وقال ابن العربيِّ: الداء ما في الخَلْق _بالفتح_، والخبثة ما كان في الخُلُق _بالضم_.
(وَلاَ غَائِلَةَ) بالغين المعجمة؛ أي: ولا فجور، وقال ابن بطَّال: هو من قولهم: اغتالني فلانٌ إذا احتال بحيلةٍ يتلف بها مالي، وقيل: الغائلة سكوت البائع عمَّا يعلم من مكروه في المبيع، وقيل: الغائلة الجناية، ويقال: الداء: العيب الموجبُ للخيار، والخبثية أن يكون محرَّماً، والغائلة ما فيه هلاك مال المشتري ككونه آبقاً، وهذا التَّعليق هكذا وقع هنا.
وقد وصله الترمذيُّ، وقال: حدَّثنا محمد بن بشَّار، قال: حدَّثنا عباد بن ليث، قال:حدَّثناعبد المجيد بن وهب، قال: قال لي العدَّاء بن خالد بن هودة: ألا أقرئك كتاباً كتبه لي رسول الله صلعم ؟ قال: قلت: بلى. فأخرج لي كتاباً: ((هذا ما اشترى العدَّاء بن خالد بن هودة من محمد رسول الله صلعم ، اشترى منه عبداً، أو أمةً لا داءَ ولا غائلةَ / ولا خبثة، بيع المسلم المسلم)). هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نعرفه إلَّا من حديث عبَّاد بن ليث.
وقد روى عنه هذا الحديث غير واحدٍ من أهل الحديث، وأخرجه النسائيُّ، وابن ماجه، وابن الجارود، وابن مَنْدَه وكلُّهم اتفقوا على أنَّ البائع هو النَّبي صلعم ، والمشتري العداء، عكس ما هنا. فقيل: إنَّ الذي وقع هنا مقلوب، وقيل: هو صوابٌ، وهو من الرواية بالمعنى؛ لأنَّ اشترى وباع بمعنى واحد، ولزم من ذلك تقديم اسم رسول الله صلعم على اسم العداء.
وشرحه ابن العربيِّ على ما وقع عند الترمذي، وقال فيه: البداءة باسم المفضول في الشروط إذا كان هو المشتري، قال: وفي كُتُب رسول الله صلعم له ذلك، وهو ممَّن لا يجوز عليه نقض عهده وتعليم للأمة. قال: ثمَّ إنَّ ذلك على سبيل الاستحباب؛ لأنَّه قد تعاطى صفقاتٍ كثيرةً من غير عهد، ومن غير إشهاد، ولو كان أمراً مفروضاً لقام به قبل الخَلْق، قيل: وفيه نظرٌ؛ لأنَّه صلعم كان يبتاع من اليهود برهن.
وأنت خبيرٌ بأنَّ هذا النظر ليس بشيءٍ؛ لأنَّ ابتياعه صلعم من اليهود برهنٍ لم يكن يطَّرد، وإنَّما وقع مرَّةً على ما ورد في الصَّحيح، ثمَّ قال ابن العربي: إنَّ فيه كتابة اسم الرجل، واسم أبيه، وجدِّه حتى ينتهي إلى جدٍّ يقع به التَّعريف ويرتفع الاشتراك.
وفيه: أنَّ هذا إنَّما يتأتَّى إذا كان الرجل غير معروفٍ بصفة تخصُّه، أمَّا إذا كان معروفاً فلا يحتاج إلى ذكر أبيه، وإن لم يكن معروفاً وكان أبوه معروفاً لم يحتج إلى ذكر الجدِّ، كما جاء في هذا الصَّحيح من غير ذكر جدِّ العداء، وقد قال: محمد رسول الله، واستغنى بصفته عن نسبه، والحاصل أنَّه إنما يحتاج إلى ذكر النَّسب إذا أفاد تعريفاً، أو رفع إشكالاً.
وإنَّما كرَّر الشراء في رواية الترمذي؛ لأنَّه لما كانت الإشارة بهذا إلى المكتوب ذكر الشراء في القول المنقول، وإنما قال: ((عبداً)) ولم يصفه، ولم يذكر الثَّمن، ولا قبضها؛ لأنَّه إذا كان المبيع والثَّمن حاضرين لا يحتاج إلى ذكرهما ولا إلى معرفة مقدار الثمن، وإنَّما قال: ((بيع المسلم المسلم)) ليبيِّن أنَّ الشراء / والبيع بمعنى واحد. وقد فرق أبو حنيفة ☼ بينهما، هذا وفي الحديث أيضاً تولِّي الرجل الشريف البيعَ بنفسه، وكرهه بعضهم لتوهُّم أن تعاطي ذلك يقدح في المروءة.
وقد عقد البخاريُّ لذلك ترجمةً مستقلَّةً حيث قال: باب ((شراء الإمام الحوائج بنفسه))، كما سيأتي بعد أبواب إن شاء الله تعالى [خ¦34/33-3278]، وفيه: مشروعيَّةُ اشتراط سلامة المبيع من جميع العيوب؛ لأنَّها نكرةٌ في سياق النفي فتعمُّ. وفيه أيضاً: مشروعيَّة كتابة الشروط وهو أمرٌ زائدٌ على الإشهاد، وفيه أيضاً: أنَّه ليس من شأن المسلم الخديعة. وأمَّا فائدة ذكر المفعول في قوله: ((بيع المسلم المسلمَ)) مع أنَّ المشتري لو كان ذميًّا فالحكم أيضاً كذلك لا يجوز غشُّه ولا أن يكتم عنه عيباً يعلمه البائع، فهي أنَّ المسلم أنصح للمسلم منه للذميِّ لما بينهما من علاقة الإسلام، وغشُّه له أفحش من غشِّه للذمِّي، والله أعلم.
وفيه أيضاً: أنَّ تصدير الوثائق بقول الكاتب: هذا ما اشترى فلانٌ مثلاً، لا بأس به ولا عبرة بوسوسة من منع ذلك، وزعم أنَّها تلتبس بالنافية، وأمَّا مطابقة هذا التعليق للترجمة فمن حيث إنَّ نفي الداء والخبثة والغائلة بيانٌ بأنَّ المبيع سالم عنها، وليس فيه كتمان شيءٍ من ذلك.
(وَقَالَ قَتَادَةُ) أي: ابن دعامة (الْغَائِلَةُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَالإِبَاقُ) وهذا التَّعليق وصله ابنُ مَنْدَه من طريق الأصمعي، عن سعيد بن أبي عَرُوبةَ، عنه. وفي «المطالع»: الظاهر أنَّ تفسير قتادة يرجع إلى الخبثة والغائلة معاً.
(وَقِيلَ لإِبْرَاهِيمَ) أي: النخعي (إِنَّ بَعْضَ النَّخَّاسِينَ) بفتح النون وتشديد الخاء المعجمة وكسر السين، جمع: النَّخاس، وهو الدلَّال في الدوابِّ، وقيل: عام (يُسَمِّي آرِيَّ خُرَاسَانَ وَسِجِسْتَانَ) الآرِيَّ: بفتح الهمزة الممدودة وكسر الراء وتشديد المثناة التحتية، هو مربط الدابَّة أو معلفها، والأوَّل قول التيميِّ، والثاني قول الخليل، وردَّه ابن الأنباري، وقال الأصمعيُّ: هو حبلٌ يدفن في الأرض ويبرز طرفه يرتبط به الدابَّة، وأصله من الحبس والإقامة من قولهم: تأرَّى بالمكان إذا أقام به، والذي عليه الاعتماد، ما قاله / التيميُّ، وهو الاصطبلُ.
وخُراسان: بضم الخاء، الإقليمُ المعروف، موضع الكبار من علماء المسلمين، وسِجِسْتان: بكسر السين المهملة والجيم وسكون السين الثانية وفتح المثناة الفوقية، اسمٌ للديار التي قصبتها زَرَنْج _بفتح الزاي والراء وسكون النون وبالجيم_ وهذه المملكة خلف كرمان بمسيرة مائة فرسخ، وهي إلى ناحية الهند، ويقال له: السِّجْز _بكسر السين المهملة وسكون الجيم وبالزاي_.
قال القاضي عياض: وأظن أنَّه سقط من الأصل لفظ: ((دوابهم))، وكان الأصل يسمى: ((آريَّ دوابهم)) أي: اصطبل دوابهم خراسان وسجستان، وقال الحافظ العسقلانيُّ: أو سقطت الألف واللام التي للجنس، وكان الأصل يسمَّى: الآري خراسان وسجستان، وقد رواه سعيد بن منصور عن هُشيم بلفظ: ((أنَّ بعض النَّخَّاسين يسمَّي آرية خراسان... إلى آخره)).
(فَيَقُولُ: جَاءَ أَمْسِ مِنْ خُرَاسَانَ وَجَاءَ الْيَوْمَ مِنْ سِجِسْتَانَ) يعني: أنَّهم كانوا يسمُّون مرابط دوابهم بأسماء البلاد ليدلِّسوا على المشتري بقولهم ذلك؛ ليوهموا أنَّه مجلوبٌ من خراسان وسجستان، وأنَّه طريُّ الجلب منهما فيحرص عليه المشتري ويظن أنَّه قريبُ العهدِ بالجلب.
(فَكَرِهَهُ) أي: إبراهيم (كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً) لِمَا تضمَّنه ذلك من الغشِّ والخداع والتَّدليس على المشتري.
وقد روى ابن أبي شيبة عن هُشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: قيل له: إنَّ ناساً من النخَّاسين وأصحاب الدوابِّ يسمِّي اصطبلَ دوابه: خراسان وسجستان، ثم يأتي السُّوق فيقول: جاءت من خراسان وسجستان. قال: فكره ذلك إبراهيم، هذا وقد صحَّفت هذه الكلمة أعني الآريَّ، ففي رواية أبي زيد المروزيِّ: <أَرَى> بفتحتين بغير مدٍّ، على مثال: دعا، في اللفظ. وفي رواية أبي ذرٍّ الهروي مثله لكن بضم الهمزة، واضطربت الرواة فيها اضطراباً شديداً، فحكى ابن التِّين: أنَّها رويت بفتح الهمزة وسكون الراء، قال: وفي رواية أبي نظيف: <قُرَى> بضم القاف وفتح الراء، جمع: قرية، والكلُّ: مصحَّفٌ، والمعتمد هو ما قاله التيمي، كما مرَّ.
ومطابقة هذا المعلق للترجمة من حيث إنَّ في هذه الصورة / تدليساً على المشتري وتغريراً له، فلذلك كرهه إبراهيم كراهية شديدة، والترجمة تدلُّ على نفي التَّدليس والتغرير في البيع.
(وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ) بضم العين وسكون القاف، هو: ابنُ عامرٍ الجهنيُّ الفصيح الفرضي الشاعر. شهد فتوح الشام، وكان هو البريدَ إلى عمر ☺ بفتح دمشق، ووصل المدينة في سبعة أيَّامٍ، ورجع منها إلى الشام في يومين ونصف بدعائه عند قبر رسول الله صلعم في تقريب طريقه. مات بمصر والياً سنة ثمان وخمسين، ذكره الكرمانيُّ والعينيُّ، وقد مرَّ ذكره في ((الصلاة)) [خ¦375].
(☺ لاَ يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يَبِيعُ سِلْعَةً، يَعْلَمُ أَنَّ بِهَا دَاءً، إِلاَّ أَخْبَرَهُ) وفي رواية الكشميهنيِّ: <إلا أخبر به>، وهذا التعليق وصله أحمد وابن ماجه والحاكم من طريق عبد الرحمن بن شِمَاسة _بكسر المعجمة وتخفيف الميم وبعد الألف مهملة_ عن عقبة بن عامر ☺ مرفوعاً، قال: سمعت رسول الله صلعم يقول: ((المسلم أخو المسلم، ولا يحلُّ لمسلمٍ باع من أخيه بيعاً وبه عيبٌ إلَّا يبيِّنه له))، ويروى: ((بيعاً فيه غبن))، وفي رواية أحمد: ((يعلم فيه عيباً))، وقد روى ابن ماجه أيضاً من حديث مكحول، وسليمان بن موسى عن واثلة ☺ سمعت النَّبي صلعم يقول: ((من باع بيعاً لم يبيِّنه لم يزل في مقتِ الله ولم تزل الملائكة تلعنه)).
ومطابقته للترجمة ظاهرة.