عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

بيان لغاته
  
              

          بيانُ لغاتِهِ:
          قوله: (إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ) [بفتح الجيمَ مِن (ضجَع يضجَع)، (من بابِ منعَ يمنَعُ)، ويُروى: <مُضْطَجَعَك>]، أصله: (مُضْتَجَعك)، مِن بابِ (الافتِعَالِ)، لكن قُلِبَتِ التَّاءُ طاءً، والمعنى: إذا أردت أن تأتيَ مَضجعَك؛ (فتَوَضَّأْ) كما في قولِه تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ}[النحل:98] أي: إذا أردتَ القراءةَ.
          قوله: (أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ) [أي: استسلمتُ، كذا فسَّرُوه، وليس بوجهٍ، والأوجهُ أن يُفسَّرَ (أسلمتُ) بِسَلَّمتُ ذاتي إليك] منقادةً لك، طائعةً لحكمِكَ؛ لأنَّ المرادَ مِنَ (الوجهِ) الذَّاتُ.
          قوله: (وَفَوَّضْتُ) مِنَ التَّفويضِ؛ وهو التَّسليمُ.
          قوله: (وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ) أي: أسندتُ، يقال: لجأتُ إليه لَجَأً، بالتَّحريك، ومَلْجَأً، والتجأتُ إليه بمعنى: والموضع أيضًا لَجَأٌ ومَلْجَأٌ، وألجأته إلى الشيءِ: اضطررتُهُ إليه، والمعنى هنا: توكَّلت عليك، واعتمدتُكَ في أمري كما يعتَمِدُ الإنسانُ بظهره إلى ما يسندُه.
          قوله: (رَغْبَةً) أي: طمعًا في ثوابِك.
          قوله: (وَرَهْبَةً) أي: خوفًا مِن عقابك.
          قوله: (لَا مَلْجَأَ) بالهمز، ويجوزُ التخفيفُ.
          قوله: (وَلَا مَنْجَى) مقصورٌ مِن (نجا ينجو)، و(المَنْجَى) (مَفْعَلٌ) منه، ويجوزُ همزُه؛ للازدواجِ.
          قوله: (عَلَى الْفِطْرَةِ) أي: على دينِ الإسلامِ، وقد تكونُ (الفطرةُ) بمعنى (الخِلْقةِ) ؛ كقوله تعالى: {فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}[الروم:30] وبمعنى (السُّنَّة) ؛ كقوله صلعم : «خمسٌ مِنَ الفطرةِ»، وقال الطِّيبيُّ: أي: ماتَ على الدِّينِ القَويمِ مِلَّةِ إبراهيمَ ◙ ؛ فإنَّه ◙ أسلم واستسلمَ، وقال: {أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[البقرة:131] و{جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الصافات:84].