عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب البزاق والمخاط ونحوه في الثوب
  
              

          ░70▒ (ص) بَابُ الْبُصَاقِ وَالْمُخَاطِ وَنَحْوِهِ فِي الثَّوْبِ.
          (ش) إنْ قلنا: إنَّ باب البصاق مبتدأٌ يحتاج إلى خبرٍ؛ فيكون [تقديره: باب البصاق في الثوب لا يضرُّ المصلِّي، وإن قلنا: هو خبرُ مبتدأٍ] محذوف؛ فيكون تقديره: هذا بابٌ في بيان حكم البصاق في الثوب هل يضرُّ أم لا، و(البُصاق)، بِضَمِّ الباء, على وزن (فُعَال) : ما يسيل مِنَ الفم، وفيه ثلاث لغات: بالصاد والزاي والسين، وأعلاها الزاي وأضعفها السين.
          قوله: (وَالْمُخَاطِ) عطف على (البصاق)، وهو بِضَمِّ الميم، ما يسيل مِنَ الأنف.
          قوله: (وَنَحْوِهُ) بالجرِّ عطف على ما قبله.
          فَإِنْ قُلْتَ: كان ينبغي أن يُقال: ونحوِهما؛ لأنَّ المذكور شيئان؛ قُلْت: تقديره: ونحوِ كلٍّ منهما.
          وقوله: (فِي الثَّوْبِ) يتعلَّق بمحذوفٍ؛ أي: الكائن، أو كائنًا.
          فَإِنْ قُلْتَ: ما المراد مِن قوله: (ونحوه) ؟ قُلْت: العَرَق، وعَرَقُ كلِّ حيوان يُعتَبر بسؤره الذي يمتزج بلعابه، ويستثنى منه الحمار على ما عُرِف في الفقه.
          فَإِنْ قُلْتَ: ما وجهُ المناسبة بين هذا البابِ وبين البابِ الذي قبله؟
          قُلْت: وجهُها ظاهرٌ على ما وَضعَ البُخَاريُّ؛ لأنه وَضَع الباب الذي قبله فيما إذا أُلقيَ على ظهر المصلِّي قذرٌ، ورأى به عدمَ بطلان الصلاة في مثل هذه الصورة، وحكمُ هذا الباب كذلك، ولا خلاف فيه، وقال بعضهم: ودخول هذا في أبواب الطهارة مِن جهة أنَّهُ لا يُفسِد الماء.
          قُلْت: حكمُ هذا الباب في البصاق الذي يصيب الثوب، وذِكْرُه عقيب الباب الذي قبله مِن هذه الجهة، ولا ذِكْرَ للماء في البابين، نعم؛ إن كان حكم البصاق لا يُفسِد الثوب؛ يكون كذلك لا يُفسِد الماء.
          (ص) وَقَالَ عُرْوَةُ عَنِ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلعم زَمَنَ حُدَيْبِيَةَ...؛ فَذَكَرَ / الْحَدِيثَ, وَمَا تَنَخَّمَ النَّبِيُّ صلعم نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَّكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ.
          (ش) مطابقة هذا التعليق للترجمة ظاهرةٌ، وهو قطعةٌ مِن حديث طويل ساقه البُخَاريُّ بطوله في صلح الحديبية، و(الشروط في الجهاد) عن عبد الله بن مُحَمَّد عن عبد الرزَّاق عن معمرٍ عنِ الزُّهْريِّ عن عروةَ به، وقد علَّق قطعةً منه في (باب استعمال فضل وضوء الناس).