عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب من تبرز على لبنتين
  
              

          ░12▒ (ص) باب مَنْ تَبَرَّزَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيانِ حُكمِ مَن تَبرَّزَ على لَبِنَتَيْنِ، و(بابٌ) مَرفوعٌ مضافٌ إلى ما بعدَهُ، وكلمةُ (مَن) موصولَةٌ، و(تَبَرَّزَ) صِلَتُها على وزنِ (تَفَعَّلَ)، من التبرُّزِ؛ وهو التَّغوُّط، وأصلُ التَّبرُّزِ الخروجُ إلى البَرازِ للحاجَةِ، و(البَرازُ) بفَتْحِ المُوَحَّدة: اسمٌ للفضاءِ الواسِعِ من الأرْضِ، وكنَّوا به عن حاجَةِ الإنسانِ.
          قولُهُ: (لَبِنَتَيْنِ) تثنَيَةُ (لَبِنَة) بفَتحِ اللَّامِ وكسرِ الباءِ المُوَحَّدة، ويجوز تسكينُها أيضًا مع فَتح اللَّامِ وكسرِها، وكذا كلُّ ما كانَ على هذا الوَزْنِ _أعني: مفتوح الأوَّل مَكسور الثانِي_ يجوزُ فيه الأوجُهُ الثلاثَةُ؛ كـ(كتِفٍ)، وإنْ كانَ ثانِيهِ أو ثالثَهُ حَرفَ حَلقٍ؛ جازَ فيهِ وَجهٌ رابِعٌ؛ وهو كَسرُ الأوَّل والثاني؛ كَـ(فِخِذٍ)، قال الجَوْهَريُّ: اللَّبِنَةُ واللِّبْنَةُ التي / يُبْنَى بها، والجمع «لَبِنٌ»؛ مثل «كَلِمَةٍ وكَلِمٍ»، قيل: (اللِّبْنَةُ) هي الطُّوبُ، قاله ابن قرقول، وهو الطوبُ النِّيءُ، والذي يُوقَدُ عليه النَّار يُسمَّى الآجُرَّ، وقال بعضهم: اللَّبِنَةُ: هي ما يُصْنَعُ من الطِّينِ أو غيرِهِ؛ للبِناءِ قَبْلَ أَنْ يُحْرَقَ.
          قلتُ: لَيْتَ شِعْرِي ما مَعْنَى قولِه: (أو غيره) ؟ فَهَل تُصْنَعُ اللَّبِنَةُ من غَيرِ الطِّينِ عادَةً؟!
          وجه المناسبةِ بين البابَين ظاهِرٌ؛ وهو أنَّ حديثَ هذا الباب مُخَصِّصٌ لحديثِ الباب الأوَّل، على رأي البُخاريِّ ومَن ذَهب إلى مَذهَبِهِ في ذلك، كما ذكرناهُ هناك.