عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب الاستجمار وترا
  
              

          ░26▒ (ص) بَابُ الاسْتجْمَارِ وِتْرًا.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيانِ حكمِ الاستجمار وترًا، وقد مرَّ تفسيرُ الاستجمار في الباب السابق، و(الوِتْرُ) خلاف (الشَّفع)، وانتصابه على الحال.
          وجه المناسبة بين البابَين من حيثُ إنَّ المذكورَ في الباب السابق حكمان؛ أحدهما: الاستنثار، والآخر: الاستجمار وترًا، وكان البابُ معقودًا على الحكمِ الأَوَّلِ، وهذا البابُ المذكورُ فيه ثلاثةُ أشياء؛ أحدها: الاستجمار وترًا، فاقتضتِ المناسبةُ أن يعقد بابًا على الحكم الآخر الذي عقد لقرينه ولم يعقد له؛ لأنَّ ما فيه حكمان أو أكثر ذُكِرُ بعضُها تلوَ بعضٍ مِن وجوه المناسبة، ولا يلزم أن تكون المناسبةُ في الذكر بين الشيئين مِن كلِّ وجه، سيَّما في كتاب يشتمِلُ على أبواب كثيرةٍ، والمقصود منها عقدُ التَّراجم، فاندفع بهذا كلامُ مَن يقول: تخليل هذا البابِ بينَ أبواب الوضوء [وهو باب الاستنجاء، ومرتبتُه التَّقديم على أبواب الوضوء] غيرُ موجَّهٍ، وجواب الكَرْمَانِيِّ بقوله: معظم نظرِ البُخَاريِّ إلى نقلِ الحديث وإلى ما يتعلَّق بتصحيحهِ، غيرَ مهتَمٍّ بتحسين الوضع وتزيين ترتيبِ الأبواب؛ لأنَّ أمرَه سهلٌ غيرُ مرضيٍّ، ولا هو عذرٌ يُقبَلُ منه، وكذا قول بعضهم: لأنَّ أبوابَ الاستطابة لم تتميَّز في هذا الكتابِ عن (أبوابِ صفة الوضوء) ؛ لتلازمهما، ويحتمل أن يكون ذلك ممَّن دوَّنَ المُصنَّف.