عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب خروج النساء إلى البراز
  
              

          ░13▒ (ص) بابُ خُرُوجِ النِّساءِ إِلَى البَرازِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيانِ خُروج النِّساء إلى البَرازِ؛ وهو بَفَتْحِ الباءِ المُوَحَّدة: اسمٌ للفضاءِ الواسِعِ من الأرْضِ، ويُكَنَّى بِهِ عن الحاجَةِ، وقال الخطَّابِيُّ: وأكثرُ الرُّواةِ يقولونَ بِكَسْرِ الباءِ، وهو غَلَطٌ؛ لأنَّ «البِرازَ» بالكَسْرِ مصدَرُ بارَزْتُ الرَّجُلَ مُبارَزَةً وبِرازًا، وقال بعضُهُم: قلتُ: بل هو مُوجَّهٌ؛ لأنَّهُ يُطْلَقُ بالكَسْرِ على نفسِ الخارِجِ، قال الجَوْهَريُّ: «البِرازُ»: المبارَزَةُ في الحَربِ، والبِرازُ أيضًا كنايَةٌ عن ثُفل الغِذاءِ؛ وهو الغائِطُ، والبَرازُ بالفَتْحِ: الفضاءُ الواسِعُ، انتهى، فَعلى هذا مَن فَتَحَ؛ أرادَ الفضاءَ، وهو مِن إطلاقِ اسمِ المحلِّ على الحالِّ، كما تقدَّمَ مثلُه في الغائطِ، ومَن كَسَرَ؛ أرادَ نَفْسَ الخارِجِ، انتهى.
          قلت: الذي قالَهُ غيرُ موجَّهٍ، والتَّوجيهُ مع الخطَّابِيِّ.
          قال في «العُباب»: قال ابن الأعرابِيِّ: «بَرِز» بِكَسْرِ الرَّاءِ؛ إذا ظَهَرَ بعدَ خُمولٍ، و«بَرَزَ» بفتحها؛ إذا خَرَجَ إلى البَرازِ للغائِطِ، وهو الفضاءُ الواسِعُ، قال الفَرَّاء: هو الموضعُ الذي ليسَ به خمرٌ مِن شَجرٍ ولا غَيرِهِ، و«البَرازُ» الحاجَةُ، سُمِّيَتْ باسْمِ الصَّحراءِ؛ كما سُمِّيَتْ بالغائِطِ، ومنه حديثُ النَّبِيِّ صلعم : «اتقوا الملاعِنَ الثَّلاثَ: البَرازَ في المواردِ وقارعَةِ الطريقِ والظِّلِّ».
          والمناسَبَةُ بين البابينِ ظاهِرَةٌ؛ لأنَّ في الأوَّل حُكْمَ التَّبَرُّزِ، وهنا حكم البَرازِ.