مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: إذا كانوا أكثر من ثلاثة فلا بأس بالمسارة والمناجاة

          ░47▒ باب إذا كانوا ثلاثة فلا بأس بالمسارة
          فيه حديث أبي وائل، عن عبد الله قال: قال رسول الله: ((إذا كنتم ثلاثة)) الحديث.
          وحديث شقيق، عن عبد الله قال: قسم النبي صلعم قسمة الحديث وسلف.
          قوله: (أجل أن يحزنه) أي: من أجل هو إخبار منه ◙ عن السبب في ذلك، وهو أن الواحد إذا بقي فرداً وتناجوا دونه حزن لذلك إذ لم يسارره فيها؛ ولأنه قد يقع في نفسه أن سرهم في مضرته. قال في ((جامع المختصر)): نهى أن يتركوا واحداً اجتناب سوء الظن والحسد والكذب.
          قال الخطابي: ابن حرب يقول: إنما يكره ذلك في السفر؛ لأنه مظنة التهمة، فيخاف الثالث أن يكونا قد ساقا إليه غائلة أو مكروهاً، بخلاف أن يخص جماعة، وأما مناجاة جماعة دون جماعة، فالجماعة على جوازه؛ لأن الناس معه يشركونه فيما أسر عنهم فيزول الحزن، وفي بعض نسخ ابن الجلاب، وكذلك يكره أن يتناجى جماعة دون جماعة، وفي بعضها: لا بأس به.
          وعن مالك: لا ينبغي ذلك، وحديث فاطمة السالف دال / على جوازه، وروى مالك عن عبد الله بن دينار قال: كان ابن عمر إذا أراد أن يسارر رجلاً وكانوا ثلاثة دعا رابعاً ثم قال لاثنين: استأخرا شيئاً، فإني سمعت رسول الله يقول: ((لا يتناجى اثنان دون واحد)). وناجى صاحبه فإذا كانوا أكثر من ثلاثة بواحد جازت، وكلما كثرت الجماعة كان أحسن وأبعد للتهمة والظنة، ألا ترى ابن مسعود سار رسول الله وهو في ملأ من الناس وأخبره بقول القائل.
          وهذا كله من حسن الأدب وكرم الأخلاق؛ لئلا يتباغض المؤمنون.