مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب من قام من مجلسه أو بيته ولم يستأذن أصحابه

          ░33▒ باب من قام من مجلسه أو بيته ولم يستأذن أصحابه
          فيه حديث أبي مجلز لاحق بن حميد عن أنس بن مالك قال: لما تزوج رسول الله زينب الحديث.
          وجاء في بعض طرقه أنه ◙ استحيا أن يقول للذين أطالوا الحديث في بيته: قوموا، ويخرجهم من بيته؛ لأنه ◙ كان على خلق عظيم، وكان جلوسهم عنده بعد ما طعموا للحديث أذى له ولأهله. قال تعالى: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ} الآية [الأحزاب:53]، فقد حرم الله تعالى أذى رسوله فأنزل الله من أجل ذلك الآية.
          وروى ابن أبي شيبة بإسناد ضعيف عن أنس أنه ◙ ما جلس إليه أحد فقام حتى يقوم، وذكر نحوه عن عبد الله بن سلام، والحسن بن أبي الحسن، وأبي مجلز، والنخعي، وسعيد بن جبير.
          وفيه: أنه لا ينبغي لأحد أن يدخل بيت غيره إلا بإذنه / وأن الداخل المأذون له لا ينبغي أن يطول الجلوس فيه بعد قضاء حاجته التي دخل إليها؛ لئلا يؤدي الداخل الذي أدخله ويمنع أهله من التصرف في مصالحهم.
          وفيه: أن من أطال الجلوس في دار غيره حتى كره ذلك من فعله، فإن لصاحب الدار أن يقوم بغير إذنه ويظهر التثاقل عليه في ذلك حتى يفطن له وليه إذا أقام فإن للداخل القيام معه، وأنه لا يجوز له الجلوس فيه بعده إلا أن يأذن له في ذلك صاحب المنزل.
          قال والدي ⌂:
          (باب المعانقة) قال شارح التراجم: ترجم (خ) بالمعانقة ولم يذكر فيها شيئاً، وإنما ذكرها في كتاب البيع في باب ما ذكر في الأسواق في معانقة الرجل لصاحبه عند قدومه من السفر وعند لقائه وعند قول كيف أصبحت فلعل (خ) أخذ المعانقة عن عاداتهم عند قولهم كيف أصبحت واكتفى بكيف أصبحت لاقتران المعانقة به عادة، أو أنه ترجم ولم يتفق له حديث يوافقه في المعنى ولا طريق مسند آخر لحديث معانقة الحسن، ولم ير أن يرويه بذلك السند لأنه ليس عادته إعادة السند الواحد مراراً.
          قال ابن بطال: ترجم الباب بالمعانقة، وإنما أراد أن يدخل فيه حديث معانقته صلعم الحسن فلم يجد له سنداً غير السند الذي ذكره في البيع فمات قبل ذلك، وبقي الباب فارغاً من ذكر المعانقة وتحته باب قول الرجل كيف أصبحت فلما وجد ناسخ الكتاب الترجمتين متواليتين ظنهما واحدة إذ لم يجد بينهما حديثاً والأبواب الفارغة في هذا الجامع كثيرة، قال وقول العباس (ألا تراه) معناه ألا تراه ميتاً أي: فيه علامة الموت وقال له: (أنت بعد ثلاث عبد العصا) أي: مأمور لا آمر.
          وفيه جواز الأخذ باليد أي المصافحة والسؤال عن حال العليل وجواز اليمين على ما قام عليه الدليل واختلفوا في تقبيل اليد فأنكره مالك وأجازه آخرون.
          قوله: (إسحاق) لعله ابن منصور فإنه روى عن بشر في باب مرض النبي صلعم و(بشر) بالموحدة وسكون المعجمة ابن شعيب بن أبي حمزة بالمهملة والزاي القرشي الحمصي و(عنبسة) بفتح المهملة وإسكان النون وفتح الموحدة وبالمهملة ابن خالد الأيلي بفتح الهمزة وتسكين التحتانية.
          قوله: (بارئا) من قولهم برئت من المرض برءاً بالهمزة و(الأمر) أي: أمر الخلافة و(أمرناه) أي: طلبنا منه الوصية.
          وفيه دلالة على أن الأمر لا يشترط فيه العلو ولا الاستعلاء وأنث الضمير في سألناها باعتبار الإمارة أو الخلافة.
          قوله: (معاذ) بضم الميم وبالمهملة ثم المعجمة ابن جبل الأنصاري، و(أن يعبدوه) إشارة إلى العمليات و(لا يشركوا) إلى الاعتقاديات؛ لأن التوحيد أصلها.
          قوله: (أن لا يعذبهم) أي هو أن لا يعذبهم.
          فإن قلت: لا يجب على الله تعالى شيء؟ قلت: الحق بمعنى الثابت أو هو واجب بإيجابه على ذاته، أو هو كالواجب نحو زيد أسد.
          قال ابن بطال: فإن اعترض المرجئة به فجواب أهل السنة لهم أن هذا اللفظ خرج على المزاوجة والمقابلة نحو {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [الشورى:40].
          وقال معنى (لبيك) أنا مقيم على طاعتك من قولهم لب فلان بالمكان إذا أقام به، وقيل معناه إجابة بعد إجابة ومعنى: (سعديك) إسعاداً لك بعد إسعاد.
          قوله: (هدبة) بضم الهاء وإسكان المهملة وبالموحدة ابن خالد القيسي و(عمر بن حفص) بالمهملتين وذكر القسم تأكيداً ومبالغة دفعاً لما قيل له إن الراوي له هو أبو الدرداء لا أبو ذر يشعر به آخر الحديث و(الربذة) بالراء والموحدة والمعجمة المفتوحات، موضع على ثلاث مراحل من المدينة قريبة من ذات عرق و(أبو ذر) بفتح المعجمة وشدة الراء اسمه: جندب بضم الجيم الغفاري و(الحرة) بفتح المهملة الأرض السوداء ذات الحجارة وللمدينة حرتان و(أحد) بضمتين اسم جبل بالمدينة و(ذهبا) منصوب على التمييز و(لا أرصده) أي: لا أعده وهو صفة للدينار وفي بعضها: إلا أرصده بكلمة الاستثناء عن الدينار و(إلا أن أقول) استثناء من أول الكلام استثناء مفرغ و(القول في عباد الله) الصرف / فيهم والإنفاق عليهم و(هكذا ثلاث مرات) أي: يميناً وشمالاً وقداماً و(الأكثرون) أي: مالا (هم الأقلون) أي ثواباً.
          قوله: (مكانك) أي: الزم مكانك و(عرض) بلفظ المجهول أي: ظهر عليه أحد أو أصابه آفة و(قمت) أي فوقفت ولفظ (قلت) هو مقول الأعمش و(أبو الدرداء) بالمهملتين ممدوداً اسمه: عويمر بن زيد الأنصاري و(لحدثنيه) إنما دخلت اللام عليه؛ لأن الشهادة في حكم القسم و(أبو صالح) هو ذكوان بفتح المعجمة السمان و(أبو شهاب) هو عبد ربه الحناط بالمهملتين والنون المدائني مر في كتاب الاستقراض.
          قوله: (لا يقيم) نفي في معنى النهي فقيل: إنه للتحريم، وقيل: للتنزيه وهو من باب الآداب ومحاسن الأخلاق.
          قوله: (خلاد) بفتح المعجمة وشدة اللام وبالمهملة ابن يحيى الكوفي و(تفسحوا) أمر.
          فإن قلت: كيف يكون الأمر استدراكاً من الخبر؟ قلت: يقدر لفظ قال بعد لكن أو يقال نهي أن يقيم في تقدير لا يقيمن، ويحتمل أن لا يكون من تتمة الحديث فهو من كلام ابن عمر.
          قوله: (يكره) وكان هذا ورعاً منه لأنه ربما استحيا ذلك القائم منه فقام له من مجلسه من غير طيب قلبه أو؛ لأن الإيثار بالقرب خلاف الأولى فيمتنع من ذلك لئلا يرتكب أحد بسببه خلاف الأولى قالوا إنما يحمد الإيثار بحظوظ النفس وأمور الدنيا دون القربة.
          قوله: (معتمر) أخو الحاج ابن سليمان التيمي و(أبو مجلز) بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام وبالزاي اسمه لاحق ضد السابق السدوسي.
          قوله: (أخذ) أي طفق يتحرك كأنه يتهيأ للقيام واستحيا أن يقول لهم قوموا؛ لأنه على خلق عظيم.
          وفيه أنه لا ينبغي لأحد أن يطول الجلوس بعد قضاء حاجته التي دخل لها.
          وفيه أن لصاحب الدار أن يقوم من عنده ويظهر التثاقل عليه.
          الزركشي:
          (أصبح بحمد الله بارئا) هذا على لغة أهل الحجاز، يقولون: برأت من المرض، وأهل تميم يقولون: برئت بالكسر.
          (بالربذة) بفتحات.
          (استقبلنا أحد) بفتح اللام ورفع أحد، وبإسكانها ونصبه.